دور الصاعقة في حرب أكتوبر:
كان لها دور فى خطة الخداع الاستراتيجي
التصدي للاحتياطي القريب للعدو ليتمكن المشاة من احتلال النقاط المهمة والحصينة
منع قوات شارون من دخول الإسماعيلية ومنعه من حصار الجيش الثاني الميداني
سيناء، الأرض المقدسة، تلك الأرض التي تجلى عليها رب العزة وأقسم بها، مر الأنبياء عليها، وزادها الله قدسية على قدسيتها، فهي الأرض المباركة والبقعة الغالية على قلب كل مصري، كما أنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا وبين الشرق والغرب.
لقد قُدر لمصر، بحكم موقعها الجغرافي ومكانتها، أن تُصبح قبلة العالم على مدار التاريخ، فمصر "المكان – والمكانة"، تتوسط العالم وتربط قاراته ببعضها البعض، ما جعلها محط أنظار الجميع، وأن من يسيطر على مصر، فقد سيطر على قلب العالم أجمع.
ونتيجة لموقعها الجغرافي، سعت العديد من الدول لاحتلال مصر، لتستغل موقعها، ولتتحكم في كل شيء،إلا أنها كانت عصية على الانكسار، قوية في الدفاع عن أرضها وترابها المقدس، وكان المدخل الرئيسي لأي مُحتل يريد أن يقوم باحتلال مصر، هي سيناء، الأرض التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف على مدار التاريخ، وذلك لحمايتها وصونها من المخططات والمؤامرات، التي تحاك ضدها بصفة مستمرة.
والمعروف عن سيناء أنها البوابة الشرقية لمصر، وحصن الدفاع الأول عن أمنها وترابها الوطني، وهي البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة، فهي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.
واليوم، تمر علينا الذكرى الثامنة والأربعون على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، ذلك النصر الذي قاتل المصريون من أجله ودفعوا أثمانًا غاليةً من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن الذي أقسمنا على حمايته وصون ترابه وحدوده مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.
إن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقةٍ، بل لم تقتصر آثارها على المدة الزمنية للحرب، وإنما امتدت لتنشر أشعة الأمل في كل ربوع مصر.
فلقد حقق جيل أكتوبر العظيم، النصر، ورفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ، حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة، في السادس من أكتوبر عام 1973، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة في الوطن، وهي سيناء، واستعاد المصريون الأرض، واستعادوا معها كرامتهم واحترام للعالم، حيث تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين.
فلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا أيضًا أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها.
وفي إطار الاحتفالات بنصر السادس من أكتوبر، يستعرض موقع "صدى البلد" الإخباري الدور الذي قامت به قوات الصاعقة وأبطالها الذين شاركوا في نصر أكتوبر.
الإعداد للحرب
شهدت عملية إعداد الدولة للحرب مشاركة أجهزة ومؤسسات عديدة، ففي البداية كانت كل الخطط المعدة للصاعقة عبارة عن خطط ابتدائية محدودة للاشتراك فى أعمال القتال فى حالة حدوث حرب لتحرير سيناء من العدو الإسرائيلي، فكانت الخطط الموجودة دفاعية وليست هجومية، ولكن الخطة الاستراتيجية المتكاملة لاشتراك قوات الصاعقة فى الحرب لم تكتمل إلا فى عام ١٩٧٢، فالقوات المسلحة بدأت التخطيط، وكان يوضع في الاعتبار حجم قوات العدو فى كل منطقة، وتحديد العدد المطلوب للقوات للتعامل معها، وكيفية التعامل معها.
خطة الخداع
كان لقوات الصاعقة دور فى خطة الخداع، حيث كان من ضمن خطة الخداع أن عناصر من قوات الصاعقة تذهب إلى وادى سلم عند منطقة الزعفرانة، ويتم نقلها بدلا من ذلك إلى منطقة البحر الأحمر، ويتم تركها هناك فترة للاستطلاع، ويتم سحبها مرة أخرى، وكان يحدث ذلك مرات متكررة مع كل المجموعات، حتى يعتقد العدو أنها مشروعات للتدريب، وعند التحرك الفعلي للمعركة يظن أنه تدريب كما يحدث من قبل، وكان فى مشروعات مراكز القيادة يتم أيضا تحريك بعض الوحدات ليعتاد العدو على موضوع تحرك القوات، ولا تسبب له أي قلق.
دور الصاعقة في حرب أكتوبر
كانت قوات الصاعقة فى حرب أكتوبر تنقسم إلى المجموعة ١٢٧ والمجموعة ١٢٩ والمجموعة ١٣٢ فى قطاع البحر الأحمر للتأمين ومجموعات احتياطي القيادة العامة المتكونة من المجموعة، والمجموعة ١٣٩ والمجموعة ١٤٥.
ولأن القيادة العامة للقوات المسلحة والرئيس السادات يعلمون بأن المشاة سيقومون بعملية العبور وسيقاتلون على الضفة الشرقية للقناة، بدون أي دبابات أو معدات ثقيلة معهم، فكان الحل هو التعامل مع الاحتياطي القريب للعدو والتصدي له بقوات الصاعقة حتى يتمكن المشاة من احتلال النقاط المهمة والحصينة.
وتأكيداً على بطولات قوات الصاعقة، كانت هناك مجموعات صاعقة فى مضيق سدر قاتلت لمدة ١٧ يوما، مع أنه كان مطلوبا منها أن تقاتل لمدة ١٢ ساعة فقط لتعطيل العدو.
وكانت بطولات الصاعقة في نطاق الجيش الثالث الميداني لا تنتهي، حيث قامت إحدى مجموعات الصاعقة بنصب كمين من شرق القناة من خلال الفرقة السابعة لضرب العدو جهة الغرب بعد حدوث الثغرة ومحاولة العدو دخول السويس، وتم الدفع به فى اتجاه الأدبية، كما قامت المجموعة ١٢٩ صاعقة العاملة في نطاق الجيش الثاني الميداني بمجهود خرافي فى تعطيل الاحتياطيات.
تم استلامبلاغ من مجموعة الصاعقة بالجيش الثاني الميداني بنجاح العبور، وأنهم على مسافة ٥ كيلومترات من شرق القناة، وأنه جار حصار القنطرة شرق، ثم تلاها بلاغ من مجموعة الصاعقة بالجيش الثالث بنجاح العبور، وأن النقاط القوية تم حصارها، وتم إفشال محاولة إمداد العدو لها.
وكان التواصل يتم بين محور الصاعقة فى غرفة العمليات وبين قادة الكتائب بصورة مباشرة، وكان الاتصال يتم على فترات محددة فى ساعات محددة متفق عليها، حتى لا يلتقط العدو مكان الاتصال على الجبهة، ويتم كشف أماكن تواجد قوات الصاعقة، لأن العدو كان معه أجهزة متطورة يستطيع من خلالها معرفة أماكن الاتصالات.
بطولات الصاعقة في نصر أكتوبر
كانت هناك بطولات لقوات الصاعقة مثل البطولات الخاصة بالمجموعات ١٢٩ صاعقة، وكانت تخدم فى نطاق الجيش الثاني التي كانت تقاتل احتياطي العدو القريب، واستطاعت فى اللحظات الأولى من الحرب أن تدمر ٢٨ دبابة و١٢ عربية مجنزرة.
كما أن المجموعة 127 صاعقة المتواجدة فى نطاق الجيش الثالث استطاعت أن تحاصر النقطة الحصينة فى لسان بورتوفيق حتى استسلم لهم الجنود وتم أسر٣٧ فردا من العدو، وكان ذلك يوم ١٣ أكتوبر، وتم الاستيلاء على ٣ دبابات سليمة، وجميع الأسلحة الموجودة بالنقطة القوية.
كما أن المجموعة ٣٩ بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي كان لهم الدور الرئيسي فى منع قوات شارون من دخول الإسماعيلية ومنعه من حصار الجيش الثاني الميداني وكان معهم الكتيبة ٨٥ مظلات، وتم تسجيل خلال هذه المعركة اتصال شارون يوم ٢٢ أكتوبر بالقيادة الإسرائيلية والاستغاثة بهم بسبب حدوث خسائر جسيمة له بسبب اشتباك قوات الصاعقة معه، وأنه غير قادر على الدخول لمدينة الإسماعيلية.