هل يشعر الميت بقرب موته؟ وما حكم التلفظ بكلمات حرام عند موت عزيز؟ سؤالان تلقاهما الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية من سيدة توفيت ابنتها البالغة من العمر 25 عاما، ولها ابنة يبلغ عمرها عاماً، ولكنها كتبت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصية لها قبل موتها بعدم دفنها في الليل، والجلوس بجانبها فترة حتى تطمئن للمكان، وبالفعل توفيت بعدها بأيام، وجاء سؤال الأم هل يشعر الميت بقرب موته؟
كما سألت الأم عن حكم التلفظ بكلمات حرام شرعاً عند موت عزيز، حيث قامت بالتلفظ ببعض الكلمات التي قد تكون حرام شرعاً بسبب صدمتها في وفاة ابنتها.
هل يشعر الميت بقرب موته؟
جاء رد الشيخ عويضة عثمان خلال برنامج "الدنيا بخير" المذاع على قناة الحياة، إن الميت من الصالحين يشعر بقرب موته بالفعل، وهناك العديد من قصص الصالحين شعروا فيها بقرب موتهم.
وما حكم التلفظ بكلمات حرام عند موت عزيز؟
أما بخصوص تلفظ الأم بكلمات حرام شرعاً بسبب صدمتها من موت ابنتها، طلب الشيخ عويضة عثمان من الأم أن تستغفر من هذا الكلام، وأن الله سبحانه وتعالى يعلم بنفوس البشر، وأن يعتبر عقلك قد ذهب في هذه اللحظة من هول الصدمة.
هل الميت يشعر بمن يزوره
وقال الدكتور محمد شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن الميت يشعر بمن يزوره، مستشهدًا بما روي عن بريدة رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
واستدل «شلبي» في إجابته عن سؤال: «هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟» بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ» أخرجه تمام في "فوائده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".
وأشار إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بقتلى بدر، فأُلقوا في قَلِيب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: «يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنَّي وَجَدت ما وعدني ربي حقًّا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَنتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ جَوابًا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" بألفاظ مختلفة.
حكم زيارة القبور والسلام على أهلها
وأكد أنه يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام كما ذكرنا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 310، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا رحمهم الله: ويستحب للزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره].
ونقل قول الإمام ابن القيِّم في "الروح" (ص: 5): [وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به].
وعرض قول المناوي في "فيض القدير" (5/ 287): [وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه. وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره].
معنى الموت وأوضح أن الموت ليس معناه فناء الإنسان تمامًا، ولا هو إعدام لوجوده الذي أوجده الله له، بل إن الموت حالة من أصعب الحالات التي يمر بها الإنسان؛ حيث تخرج فيها روحه؛ لتعيش في عالم آخر، فخروجها من الجسد الذي كانت بداخله صعب، فالموت هو مفارقة الروح للجسد حقيقة؛ قال شيخ الإسلام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (4/ 493): [ومعنى مفارقتها للجسد: انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها].