الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شيماء السيد تكتب: احذر الشيطان مرة واحذر نفسك مرتين.

صدى البلد

إن الكبر والغرور بالنفس لهما أسوأ الصفات التي ينبغي على الإنسان أن يتجنبها. ولقد حذر الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم من سوء عاقبة المستكبرين وبيان انها صفة مذمومة وجب على المؤمن البعد عنها والتحلى بالتواضع، ومن ذلك قوله تعالى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا )،{الإسراء:٣٧}، ففى الاية الكريمة يحاور  الله عز وجل المستكبرين ويبين لهم  علام يسكتبرون فانهم لن يبلغوا أفاق السماء بكبرهم ولن ينقبوا الارض بمشيتهم باستكبار، ولذا وجب عليهم التواضع، فالانسان خلق من تراب وكل ما على التراب تراب. وأما الأحاديث النبوية كثيرة ومنها قول رسول الله ﷺ :(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَر الحق وغمْط الناس)، رواه مسلم.

والمراد ببطر الحق هنا رد الحق، سواء كان هذا الحق مما يتعلق بأمر الله، وأمر رسوله ﷺ، أو كان مما يتصل بالحقوق الواجبة عليه، أو حقوق الناس. فعند مواجهة هذا المتكبر بالأخطاء قد يغضب ويأنف، فهذا كله من الكبر والتعالي والتعاظم وهذا بطر الحق. وأما غمط الناس فالمراد به هو احتقارهم وازدرائهم وهذا من الكبر، ويقول سبحانه:{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور}،(لقمان:١٨). فالعبرة ليست بالمظاهر وإنما العبرة بما يحمله الإنسان من جمال الباطن، والأخلاق الفاضلة، والكرم، والعلم، والعمل وطاعة الله، وطاعة رسوله ﷺ.

 والحكمة من تحريم الكبر وتحذير العباد منه هو ان الكبر أول منافذ الشيطان وتحكمه فى العبد. ولأنه يؤدى إلى الفسوق والعصيان وارتكاب الفواحش. فالتكبر صفة سيئة في النفس. ولنأخذ عبرة من  قارون، الرجل الذي أتاه الله من الملك والمال وفتح الله عليه بالخيرات ولكنه تكبر و أخذه الغرور والتعالي على الناس. فكان يخرج على قومه متزينا بأحلى زينة ليشعرهم بالدونية وأنهم أقل منه، فماذا فعل الله به؟ لقد خسف الله به وبداره الأرض ليكون عبرة للمستكبرين على طول الزمان. ولذلك أمر الله -سبحانه وتعالى- العباد بتهذيب أنفسهم وتزكيتها وتطهيرها من المعاصي والذنوب والعيوب كافّةً. فمن ترك نفسه دون تزكية أو تهذيب فهو في خسارةٍ دائمة، ومن زكّاها وطهّرها ممّا يَعلق بها من الذّنوب هو الذي يُفلح وينجو من عذاب الله وينول رضوانه. ولقد ترك لنا الإمام الغزالي (رحمه الله) نصيحة تكتب بماء الذهب؛قائلا إنه لا ينبغي للمسلم أن يُفسِح لنفسه المجال في فعل ما يحلو لها من اتِّباع الهوى، والخوض في حرمات الله وارتكاب المعاصي، بل يجب أن يجعل لنفسه محطّاتٍ دوريّةٍ منها ما هو سنويّ، ومنها ما هو شهريّ، ومنها ما يكون أسبوعيًّا، فيُذكِّر نفسه بالجنة والنار، ويُراجع أعماله، ويُحاسب نفسه على تقصيرها إذا رأى أنه مُقصّر، ويُحفِّزها إذا وجد نفسه مُقبلاً على الله. ويعمل بقول رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في ذلك: (الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ المَوتِ، والعاجِزُ مَن أتبَعَ نفسَه هواها وتمنَّى على اللهِ). ولهذا فقد نبّه الكثير من العلماء إلى ضرورة مُراقبة النّفس وتهذيبها عملاً بالنصوص الواردة بهذا الصدد. 

 

واخيرا لا تدع للشيطان باب او نافذة مفتوحة أبدا بالليل أو بالنهار. فالشيطان إن دخل من نافذة الإعجاب بالنفس وصل الى باب الغرور والكبر وأوصلك معه إلى الكفر والعياذ بالله. كن متواضعا فمن تواضع لله رفعه والتواضع من شيم الصالحين، لقَولَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "إنَّ اللهَ أَوحى إليَّ أَنْ تواضَعُوا حتى لا يَبْغي أَحدٌ على أحدٍ ولا يَفْخر أَحدٌ على أَحدً" أَخرجَهُ مُسلمٌ.