الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر عاقيل يكتب: محترفونا جعجعة بلا طحين

صدى البلد

 

قياسا بباقي البطولات العربية لا تشكل البطولة الوطنية اﻹستثناء، من خلال تقاطر عديد الأسماء لمحترفين من مختلف دول أفريقيا جنوب الصحراء، إذ لا يكاد يخلو فريق من أندية قسم الصفوة من لاعبين أجانب قادمين من الأدغال الإفريقية، كظاهرة تعاظمت وتغلغلت بشكل كبير جدا في السنوات الأخيرة، خاصة أن قوانين الجامعة باتت تسمح للأندية هذا الموسم بضم خمسة محترفين أجانب مهما كان واقعها المادي أو حاجتها الماسة للاعبين، كخطوة تسعى من خلالها الجامعة الرفع من مستوى البطولة وتحقيق التوازن المرجو لدى الأندية، رغم أن الكثير من التجارب أكدت فشل مساعي الأندية في خطف أسماء ناجحة وقادرة أن تعطي الإضافة، إلا باستثناءات قليلة.

بيد أن التساؤل المشروع الذي يطرح نفسه بشدة هو ماذا أضاف اللاعب الأفريقي للبطولة الوطنية؟ وهل كل الصفقات التي أبرمت حققت الأهم ؟ وهل اللاعب الأجنبي قدم الإضافة ما يفوق مستوى اللاعب المغربي؟

والأكيد أن تجارب المواسم السابقة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الأندية لا تأخذ بعين الإعتبار عدة معطيات، مادام أن أغلب الصفقات تبقى تحصيل حاصل لتراجع مستوى عدة أندية، وكذا لعادة دأبت عليها الأندية مهما كانت قيمة هذا اللاعب وما يمكن أن يقدمه للفريق، والمفروض أن يتمتع اللاعب الأجنبي بمجموعة من المواصفات التي تؤهله لأن يكون فعلا قيمة مضافة وهو الذي يؤثى به على حساب اللاعب المحلي، فهذا العنصر الذي تم جلبه من بلد آخر وبالعملة الصعبة يجب أن يكون مميزا حتى يحقق الغاية من استقطابه ويكون قادرا على خلق الفارق ويفوق مستواه اللاعبين المحليين، كأن يكون هدافا ماهرا، أو صانع ألعاب من الطراز الرفيع، إلا أن ﺳﻠﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻓﻴﻦ ﻓﻲ بطولتنا ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺘﻬﺎ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﻄﻤﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﺸﺎﺭﻉ ﺭﻳﺎﺿﻲ ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺇﻋﻼﻡ، وهو ما يجب ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻧﺪﻳﺔ ﺍﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﻣﺤﺘﺮﻓﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺆﻫﻠﻴﻦ ﻭﺍﻷﺟﺪﺭ ﺑﻬﺎ ﺍﻹﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﻼﻋﺒﻴﻦ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺯﺟﻬﻢ ﻭﺃﻋﻄﺎءﻫﻢ ﻓﺮﺻﺔ الإحتكاك ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻀﺎﻋﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ.

وهو ما يطرح مستوى أغلب الأجانب الذين يمارسون بالبطولة المغربية أكثر من تساؤل حول الأسس التي يعتمدها المسيرون لإبرام صفقاتهم، هل يتم ذلك من خلال تتبع تقني ورؤية فنية تراعي الكثير من النقاط؟ أم أن اللاعب يزج به في اللائحة لمجرد أنه يحمل شهادة ميلاد أجنبية؟

والأكيد أن عديد التجارب التي تنشط في بطولة هذا الموسم، وخلال المواسم السابقة أكدت أن هناك فرقا بين محترف يملك القدرة على التكيف مع مباريات بطولتنا ويفرض نفسه ومستواه، ومحترف يفتقد لأصول اللعبة وابجدياتها، فالتعاقد مع اللاعبين الأجانب عبر مفهوم الكم لا يفيد الأندية ولا يعكس واقعها الفني على أرض الميدان، ﻭﺛﺮﺛﺮﺓ ﺍلمسؤولين ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ، ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻓﻌﻼ ﻓﻮﺿﻰ ﻋﺎﺭﻣﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺩﺭﺍﺝ ﻣﻜﺎﺗﺒﻬﻢ، ﻭﺃﺳﻄﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﻗﻌﻮﻧﻬﺎ، ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ ﻋﻘﻮﺩ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺗﻤﻨﺢ ﻷﺷﺒﺎﻩ المحترفين ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻛﺮﺓ ﻫﻮﺍﺋﻴﺔ.

لكن الإشكال المطروح بشدة: لماذا تستمر الأندية في التهافت على المحترفين الأفارقة، رغم كل القيود والقوانين التي تقنن عملية انتقال اللاعبين باشتراط دولية اللاعبين للرفع من قيمة المحترف الإفريقي داخل الأندية الوطنية، إلا أن كل هاته المحاولات لم تنجح في بلوغ الهدف المنشود، والحقيقة أن الرفع من قيمة البطولة الوطنية ومستواها يحتاج إلى الإهتمام بمسألة احتراف الأجانب ببطولتنا، حيث أن السبب الحقيقي وراء قدوم مجموعة من اللاعبين الأفارقة إلى المغرب مادي صرف ويرتبط بفترة وجيزة، وأن أيام مقامهم تنتهي عندما ينجح المحترف بتحسين ظروفه المالية، كبوابة لعروض يسيل لها اللعاب، ولكن بطبيعة الحال متى ما استطاع أن يفرض ذاته بالبطولة الوطنية.

قرار خوض أربعة لاعبين أساسيين من أصل خمسة لاعبين محترفين مع فرقنا، قرار سيزيد لا محالة من التنافس بين اللاعب المحلي والأجنبي على مراكز اللعب وكسب الثقة بشكل أكبر من خلال زيادة اﻹحتكاك وخلق فرص اﻹنسجام شريطة تواجد لاعبين متمرسين، مثلما تعتبر فرصة مثالية للغاية من أجل إضفاء ثقافة واضحة على مسيرة اللاعبين الشباب من أجل تواجد أفضل وأكثر مشاركة في صفوف منتخباتنا الوطنية.

قد أتفق مع كل ما تقدم من معطيات إيجابية تعطي المحترفين مكانة مهمة ومؤثرة لصالح البطولة الوطنية، انطلاقا طبعا من أجواء الأندية التي هي صانعة للنجوم، ولكن هناك أسئلة تطرح نفسها بشأن من يجلب اللاعبين المحترفين أولا، وحقيقة مستوياتهم أو الدرجة التصنيفية التي يمكن لها أن تخدم لاعبينا في نهاية الأمر؟ أما الأهم من كل ذلك، هو أن لاعبينا الشباب سيحرمون من فرض أنفسهم، مادام أشباه المحترفين ينالون من حق خوضهم للمباريات؟

وفي اعتقادي الأبرز إن آلية جلب المحترفين، ومنذ مواسم عديدة، كانت متشابكة، بل ومتخبطة، نتيجة قلة الخبرة والتسرع في إبرام العقود، خاصة من ناحية عدم القضاء على ظاهرة التعامل المالي بالآجل والديون التي تراكمت على إدارات الأندية وسوء الإستثمار في هذا الإتجاه، ولأن أغلب الصفقات الإحترافية للاعبين الذين يتم جلبهم من خارج البلاد، كانت فاشلة، وربما غير ناضجة، إلا باستثناءات قليلة جدا، فإن وكلاء اللاعبين يتحملون الوزر الأكبر من هذا الأمر نتيجة اختياراتهم، وإذا كان الحديث قد أخذنا إلى موضوع مستويات المحترفين التي شابتها الشبهات في بحر المواسم الأخيرة من عمر البطولة، غير أن زيادة عدد المحترفين هذا الموسم، قد تدفع ثمنه مواهبنا أو أولئك اللاعبين الذين لم ينالوا فرصة اللعب مع فرقهم أو حتى أولئك الذين لن يجدوا مكانة لهم في دكة البدلاء، وهو ما يعني أن الجامعة تساهم في قتل الإمكانيات وتعطل من استمرارية عطائهم في المنافسات الرسمية.

وفي اعتقادي أن هذا الأمر سيؤثر لا محالة بعد سنوات، على مستوى منتخباتنا الوطنية السنية، مثلما يسهم في تغييب لاعبين ستكون الأندية بأمس الحاجة لعطائهم، إذ من غير المعقول أن نعود الى المربع الأول، وننهي مسيرة لاعبينا بأيدينا ونتجه الى جلب محترفين تقل أسعارهم بكثير من المال عن قيمة وأجور اللاعبين أنفسهم، إذ أن المعادلة اليوم مغلوطة تماما، وهي ما دفعت الأندية إلى جلب خمسة محترفين، تعادل أسعارهم ومستحقاتهم قيمة لاعب محلي واحد.