تريد إسرائيل "تقليص" الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بدلا من حله، حيث بات مفهوما تقليص النزاع بين الطرفين سائدا في الخطاب السياسي الإسرائيلي مؤخرا.
وتساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها عن العبارة الجديدة التي باتت تتجذر في الخطاب السياسي والدبلوماسي في إسرائيل وهي "تقليص النزاع".
وتعني العبارة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لن يتم حله على المدى القريب، نظرا لأن القيادة الفلسطينية والإسرائيلية في حالة انقسام ولا تستطيعان بدء المفاوضات السلمية والوصول لتسوية دائمة.
وبحسب التقرير، تستطيع إسرائيل التخفيف من آثار النزاع الذي مضى عليه قرن على الفلسطينيين وجعل السلام محتملا، لذلك يرى الإسرائيليون أنه لو لم يتم حل النزاع فيمكن تقليصه.
وأوضح أن الفكرة اكتسبت زخما مع وصول نفتالي بينيت للسلطة في إسرائيل بدلا من بنيامين نتنياهو في يونيو الماضي.
ففي أول أيام توليه السلطة، أعلن بينيت في خطاب أمام الكنيسيت أنه سيعمل على "تخفيض الاحتكاك وتقليص النزاع".
كما تعهد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في لقاء مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن بـ"تقليل" النزاع.
ورغم أن الخارجية الأمريكية لم تستخدم المصطلح، لكن المسؤولين قاموا بتمريره حيث يتجنبون الحديث عن استئناف المفاوضات والدفع بدلا من ذلك لحصول الإسرائيليين والفلسطينيين على إجراءات متساوية من الحرية والأمن والفرص والكرامة، مثلما قال بلينكن في مايو الماضي.
واعتبر كاتب التقرير هذا الشعار الجديد هو "إعادة تغليف لنهج إسرائيلي قديم تجاه الفلسطينيين"، والذي يتم دمجه في استراتيجية علاقات عامة ذكية تخفي وراءها النية القديمة لقادة إسرائيل المتعاقبين.
ويرى الداعمون لتلك الفكرة أنها تحول جيد بعد توقف العملية السلمية أثناء فترة حكم نتنياهو التي استمرت 12 عاما، وتوقفت المحادثات من أجل إنشاء دولة فلسطينية في عام 2014.
ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت فكرة الدولة الفلسطينية لكن أنصاره يقولون إنه يتخذ خطوات لتحسين حياة الفلسطينيين.
وأضاف التقرير أن هذا التعبير صاغه ميكا جودمان، الفيلسوف الإسرائيلي ومستشار بينيت، والذي قال في مقابلة أجريت مؤخرا "علقنا خلال السنوات الـ 12 الماضية في ثنائية باطلة"، وأشار إلى أنه "كانت هناك محاولات لإنهاء النزاع وعندما فشلت اخترنا عدم فعل أي شيء تجاه النزاع".
وأوضح أنه بدون اتفاقية سلام وبدون الانسحاب من الضفة الغربية يمكن للحكومة الإسرائيلية اتخاذ خطوات قوية لتعزيز استقلالية الاقتصاد الفلسطيني وازدهاره.
وقال جودمان في "نيويورك تايمز" إن "اقليص النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني لن يحل أو ينهي النزاع"، مضيفا أن "ما يحدث أنه يؤدي لاحتوائه، وسيقلله، وسيوسع حرية حركة الفلسطينيين وحريتهم بالتنمية وحريتهم بالازدهار".
وتشمل خطة بينيت لتحسين الوضع الحالي للفلسطينيين توسيع شبكة "4 جي" للفلسطينيين في الضفة الغربية وتخفيض عدد المداهمات بنسبة 40% من أراضي الضفة الغربية التي تديرها السلطة، واحتمال بناء 900 وحدة سكنية للفلسطينيين في المناطق التي تديرها إسرائيل.
ويقول جودمان إن خطط بينيت جيدة لكن ليس هذا ما كان يقصده عندما كتب عام 2019 حول "تقليص النزاع".
ولم تركز فكرة جودمان فقط على تحسين نوعية حياة الفلسطينيين بل وتوسيع حكمهم الذات، حيث اقترح توسيع سلطات السلطة الوطنية ومنح المزيد من الأراضي للمسؤولين الفلسطينيين تخصص للمشاريع السكنية.
واقترح الفيلسوف الإسرائيلي بناء شبكة من الطرق السريعة في الضفة الغربية تحت حراسة الفلسطينيين والتحرك بحرية بدون الوقوف لساعات أمام نقاط التفتيش.
وأشار إلى أن كل ذلك يمكن حقيقه بدون العودة إلى المفاوضات وبدون التطرق للموضوعات الخلافية مثل مستقبل القدس.
فيما يرى منتقدو بينيت أنه ليس مهتما بتقليص النزاع أكثر مما هو مهتم بتجاهله، ويعتقد البعض أن خطط لتوسع الاستيطاني يجعل من إنشاء دولة فلسطينية مترابطة مستحيلا مما يعني عدم التوصل لاتفاق سلام.
ومنذ تولي بينيت الحكم، استشهد 20 فلسطينيا في اشتباكات مع قوات الاحتلال وهو 3 أضعاف العدد بنفس الفترة في 3 أعوام، بحسب الأرقام التي أعدتها الأمم المتحدة.