تواصل أسعار الغاز اليوم الخميس، في الارتفاع، بعدما بدأت موجة جنون أسعار الغاز، من الثلاثاء الماضي، حيث تجاوز سعر الغاز اليوم 1070 دولار لكل ألف متر مكعب، بعدما كان 1000 دولار لكل ألف متر مكعب الثلاثاء الماضي، وتعتبر تلك الأسعار مستويات تاريخية يسجلها الوقود الأزرق.
وأوضح مؤشرTTF الهولندي، ويعتبر من أكثر مراكز البيع الأوروبية سيولة وبيعا، تجاوز سعر العقود الآجلة للغاز خلال تعاملات اليوم مستوى 1100 دولارا لكل ألف متر مكعب، وقبل يومين كانت أسعار الغاز قد سجلت مستويات تاريخية، حيث تجاوزت مستوى 1000 دولار لكل ألف متر مكعب.
وكان قد حذر خبراء في مجال الطاقة من ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، وأكدوا أن تلك الزيادة ترجع إلى عدة عوامل تؤثر على الأسعار منها زيادة الطلب في آسيا، وبداية فصل الشتاء.
أما عن أسباب تلك القفزات المستمرة، فأكد الخبراء أن ذلك يرجع إلى انخفاض مخزونات الغاز في أوروبا، كما أن فصل الشتاء يقترب بسرعة، متوقعين أن يساهم تدفق الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر "السيل الشمالي – 2" في استقرار أسعار الغاز.
أسباب متراكمة للأزمة
وفي هذا الصدد، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن الأسباب الحقيقة وراء ارتفاع أسعار الغاز، عديدة ومتراكمة، موضحا أن "سبب الأزمة ليس نضوبا في حقول الغاز، وإنما الأزمة بدأت منذ الهبوط في تخزين الغاز من بداية أزمة كورونا عام 2019، وأدت تلك الفترة إلى انخفاض أحجام التخزين في أوروبا، وبالتالي مع دخول الشتاء، وإعادة فتح المصانع مع بعد كورونا، أوشكت أوروبا على استهلاك الكميات الموجودة، وأصبح هناك تأخير في وصول الامدادات".
وأضاف النحاس في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان له تأثيره أيضا في أزمة الغاز، وأحدث خلخلة في المشهد العام في نقل الغاز وتخزينه وغيره في أوروبا، بجانب أيضا أنه في آسيا وتحديدا في الصين، كان هناك تنامي كبير لاستهلاك الكهرباء، التي تعتمد على الغاز، وذلك بسبب ارتفاع معدلات التنقيب على العملات المشفرة، وهو ما يستهلك كمية كبيرة من الطاقة، لذلك اتجهت الصين إلى عدم تقنين العملات الالكترونية، وهناك العديد من الدول التي اتبعتها في هذا الشأن في جنوب شرق آسيا.
وأوضح أيضا أن موسم الصيف والتغيرات المناخية، أثرت بشكل كبير على استهلاك كميات كبيرة من الغاز، في محطات الكهرباء، بجانب بعد انتهاء أزمة كورونا تدريجيا بدأن المصانع في العودة والاعتماد على الغاز بشكل طبيعي، وبالتالي أثرت كل تلك الأزمات في كمية مخزون الغاز، مؤكدا أنه في حال عدم تدارك الأمر بسرعة سوف تؤثر على أسعار كل شئ من وأبرزها الحاصلات الزراعية، وبالتالي فإن الأزمة ستطال العالم كله.
امتداد الأزمة لعامين
وشدد على أن أزمة الغاز الحالية سوف يعاني منها العالم خلال أعوام 2022، و 2023، وهي ليست أزمة نضوب وإنما قلة في المخزون فقط، وأن الزيادة ليست تضخم، لأنه معلوم قيمتها، وتختلف التأثيرات من دولة إلى أخرى، مشيرا إلى أن خلال شهر أكتوبر الجاري ستحدد سياسات الدولة المصرية في التعامل مع الأزمة العالمية وذلك لأن خلال شهر أكتوبر هناك لجنة تسعير وهي المسؤولة عن تحديد أسعار الوقود طبقا للمعادلة العالمية، بمعنى أنه يمكن أن يحصل ارتفاع في الأسعار في الشارع المصري، لأننا في حالة قفزات سريعة في أسعار الغاز، وأن تلك المعادلة هي التي ستحدد الزيادة.
ترتيب الأولويات في مصر
ولفت إلى أننا أمام مشكلة هل يمكن أن تؤثر أزمة الغاز العالمية على المواطن المصري، وعلى المستثمر وعلى الدولة، كل تلك الأسئلة ستحدد إجاباتها طبقا لتعامل الحكومة المصرية، وأن أي قرار في زيادة أسعار الغاز سيؤثر على أسعار كل شئ سواء الحاصلات الزراعية، والكهرباء، لأن محطات التوليد تعتمد على الغاز.
واختتم قائلا: "إننا في حالة ننتظر فيها كيف سيتم صنع القرار، وكيف سيتم ترتيب أولويات الشارع المصري بالنسبة للمواطنين ومحطات الكهرباء، والشركات والمستثمرين الذين يعتمدون على الغاز في صناعاتهم، وأن لجنة التسعير هي التي ستحدد التسعرية في النهاية".