الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجب الشرنوبي يكتب: بحر البقر.. آلام الماضي وآمال المستقبل

صدى البلد

مدرسة بحر البقر المشتركة بمركز الحسينية محافظة الشرقية..يرتبط إسمها منذ أبريل 1970بالمجزرة التي إرتكبها سلاح الجو الإسرائيلي في حق أطفال أبرياء راح منهم ثلاثين طفلاً وأكثر من خمسين جريحاً..كل هذه السنوات لم يقترن إسم قرية بحر البقر بشيء آخر سوي بهذه الذكري الأليمة التي إكتسبت شهرة عالمية وقتها.

الآن وبعد مرور أكثر من خمسون عاماًسيقترن إسم قرية بحر البقر بأكبرمحطة في العالم لمعالجة مياه الصرف..لإعادة تدويرها وإستخدامها في زراعة مايتخطي 400الف فدان،تضاف إلي الرقعة الزراعية في شمال ووسط سيناء،بعدأقل من عام من إفتتاح محطة معالجة مياه مصرف المحسمة وسحارة سيرابيوم،التي تساعد أيضاً في زراعة أكثر من 100الف فدان.

إفتتاح الرئيس السيسي لهذه المشروعات،التي تجمع بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارتي الزراعة والري..إضافة إلي الإجتماعات المشتركة والمستمرة بينهم في وجود الرئيس علي رأسها،يؤكد بما لايدع مجال للشك أن كل شيء يتم علي أرض الواقع ليس من قبيل الصدفة أو العشوائية أو أنه نتيجة مجهود فردي..بل ثمار عمل مؤسسي جماعي تم التخطيط له بعناية وجداول زمنية محددة.

مايقارب خمسة ملايين من الأفدنة هو مجموع ماتم الإعلان عنه حتي الآن..يمثل خطة الدولة بخصوص التوسع الزراعي الأفقي علاوة علي الخطة الخاصة بالتوسع الرأسي ورفع إنتاجية الفدان ومشاريع زراعة الصوب المختلفة..تحمل تفاصيل هذه الخطة التي تعبر عن جزء من خطة الدولة لتنفيذ إستراتيجيتها الشاملة2030..تحمل بين سطورها في ذات الوقت من المؤشرات والدلائل مايستحق التوقف أمامه..ونحن نتابع بدقة تنفيذ هذه التفاصيل علي أرض الواقع.

أول هذه المؤشرات أنها تضمن توسع في كل محاور الدولة،مايعني أننا نسير في خطة تنمية زراعية شاملة تنعكس آثارها علي كل المصريين..كما تؤكد في الوقت نفسه علي تعظيم قيمة الإستفادة من كل ماتملك الدولة من أصول وموارد،بشكل يساعد علي تطوير المجتمع المحيط بها،ورفع مستوي معيشة المواطنيين المقيميين فيه.

إقامة مثل هذه المشروعات الزراعية العملاقة سيكون لها عظيم الآثر في تحقيق الإكتفاء الذاتي،وربما التصدير من السلع الغذائية ممايضمن مستوي جيد من الحفاظ علي الأمن الغذائي الداخلي،وتأثير ذلك الإيجابي علي مدي إستقلالية القرار السياسي للدولة وتخفيف الضغوط عنه وهذه إرادة وفلسفة تستحق التقدير والإحترام.

التخطيط لهذه المشروعات القومية وتوفير البنية الزراعية اللازمة لها من مياه وطرق وتكنولوجيا ومستلزمات إنتاج ومؤسسات زراعية حكومية..وكذلك خدمات معيشية متكاملة يضمن لها الصمود والإستمرارية..مما يساعد علي إقامة مجتمعات جديدة متكاملة تضمن حياة كريمة لأهلها..ومن المؤكد أن ذلك سيجعل منها مراكز جذب سكاني ويساعد علي تخفيف الضغط عن الوادي والدلتا.

إصرار القيادة السياسة علي تعظيم الإستفادة القصوي من كل قطرة مياه وإضافة مصادر جديدة للمياه منها تحلية مياه البحر وفق أحدث النظم العالمية الحديثة يعني أن الدولة تعطي أهمية قصوي للزراعة،وخصوصاً الزراعات قليلة الحاجة للمياه لما لذلك من مردود جيد علي الإقتصاد القومي وتوفير فرص العمل لملايين الشباب.

لايمكن غض الطرف عن الفلسفة الخاصة والقراءة العميقة لسياسة الدولة في إقامة كل مشروع من مشروعاتها القومية التي تنتشر وتملأ ربوع كل شبر فيها.

فإذا كان التوسع الزراعي وتمديد رقعة مصر الزراعية جزء من خطة عامة،تستهدف زيادة المأهول بالسكان من مساحة مصر الكلية..فإن تعمير سيناء في إطار خطة شاملة وخاصة بها لتنميتها..بلغت إجمالي تكاليفها حتي الآن مايتعدي حاجز الستمائة مليار جنيه،يرتبط أيضاً بتأمينها والإستفادة من خيراتها التي حُرمنا منها عشرات السنيين،بعد عودتها إلي حضن الوطن وكلنا يعلم أن هذه البقعة الغالية من أرض مصر تحمل من المخاطر ماتحمل..وقد تحمل أهلها من التضحيات مالايستطيع أحد أن ينكره.

إقتران إسم قرية بحر البقر بإسم أكبر مشروع لمعالجة مياه الصرف علي مستوي العالم،لإعادة الإستفادة منها في زراعة المحاصيل التي يأكل منها ويتغذي عليها الصغار،في نفس المكان الذي أُستشهد فيه أقرانهم ومن كانوا في عمرهم يوماً من الأيام،بدون جرم إقترفوه إلا تلقيهم لدروسهم في مدرستهم..مشروع فيه من الأمل مايجعل منه أبلغ رد علي أيادي الغدر والخسة..التي إغتالتهم دون رحمة أو شفقة.