رحب عدد من المأذونين بمبادرة دار الإفتاء للتدريب والخاصة بمواجهة ظاهرة الطلاق، والتي أطلقها الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أمس، مؤكدين أن الرافضين لتلك المبادرة ربما أساءوا فهم مقاصدها وأنها لا تتعلق بالمكانة العلمية أو الانتقاص من قدر المأذونين بقدر هو إحاطة بمستجدات ونوازل فقهية معاصرة من شأنها الحفاظ على تماسك الأسر بما لا يخل بثوابت الشرع الحنيف.
القضاء على الفتاوى الهدامة أولاً
فيما وجه إسلام عامر، نقيب المأذونين، تساؤوله للدار عن الهدف والفائدة التي ستعود على المجتمع من تدريب المأذون في حين أن الذي يحتاج لذلك هم طرفي الأسرة نفسها، مؤكداً أن أي مبادرة للحد من الطلاق وارتفاع نسبته بين قطاعات كبيرة من الأسر نحتاجها بالضرورة من أجل لم الشمل، إلا أنها بحاجة إلى توحيد الجهود والتركيز على الأسباب الحقيقية التي تسبب في حدوث المشكلة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً للقضاء عليها قدر الإمكان أو تقليلها.
ولفت عامر في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، إلى أن هناك 4618 ألف مأذون على مستوى الجمهورية بينهم 85% من حملة الماجستير والدكتوراه يعمل الجميع ليل نهار دون توقف على مدار العام، مشيراً إلى أن هناك فتاوى خاصة بالأسرة لا ينبغي تعميمها أو عرضها على وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام لخطورتها في خلق مجتمع مضطرب فكرياً ومشوش ومن شأنها ارتفاع النسبة عما هي عليه.
وأكد نقيب المأذونين أن النقابة تتعامل مع خمس وزارات معنية بالدولة في طليعتها وزارة الصحة وذلك من خلال الشهادات الطبية، وجهتين للتوثيق العدل والداخلية، وجهة توريد المالية، وأخيراً التضامن الاجتماعي، مشدداً على قيام المأذون بتحري الدقة في مسائل الطلاق خاصة الطلقة الثالثة لما يترتب عليها من تحريم أبدي بين الزوجين والحاجة إلى محلل كي يمكنهم العودة مرة أخرى، وهي من الثوابت الراسخة في ذهن كل مأذون ممن يحملون أمانة التوثيق في كلا الحالتين الزواج أو الطلاق.
مبادرة للتمرس
وقال الدكتور عبدالله نصر مأذون شرعي بمحافظة الشرقية، إن مبادرة دار الإفتاء للتدريب من الأمور الجيدة، والتي يجب دعمها خاصة في هذا التوقيت الذي بات الاستهانة بهدم الأسر لاتفه الأسباب، مشيراً إلى أن من يعارض الأمر ربما ينظر إليها من جانب غير المراد له ليسيء الفهم في الهدف الأسمى منها.
وأشار "نصر" في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إلى أن التمرس سمة عامة في كثير من المجالات يجب أن يكون بالأحرى في المأذونية فإن كان موظف الشهر العقاري معني بالسجلات فالمأذون أيضاً موظف لكنه في البشر ويجب لكليهما التدريب والاستفادة مما يستجد كي يحقق المراد من عمله على أكمل وجه.
تعريف بمستجدات الزواج والطلاق
وشدد المأذون الشرعي على أن هناك من النوازل والمستجدات ينبغي للمأذون أن يحيط بها فليس عمله مجرد "زوجتك نفسي"، أو طلاق بائن أو رجعي، لكن هناك أحكام شرعية وحدود لله يجب أن يعرفها المأذون، مؤكداً:" حتى لو عنده الخبرة الكافية في الأمر الشرعي المرتبط بالزواج والطلاق، يظل بحاجة للاستفادة وعدم التكبر هو سمة العلماء فلا ينبغي أن نرفض أو نتعالى على العلم، وينبغي في المقابل أن يكون هناك برنامجاً معلناً وثابتاً للتدريب".
تقضي على جشع البعض
المأذون الشرعي لدار السلام وبولاق الدكرور، قال في تصريحات لـ"صدى البلد"، رداً على مبادرة دار الإفتاء، إن هناك نسبة كبيرة ممن يمتهنون المأذونية ينظرون إلى الأمر كفكرة تربحية ولا يعنيهم الأسر أو استقرارها، وهناك حالة عامة من الاحتكار والجشع يجب أن تواجه بكل حزم وحسم.
ولفت إلى أن المبادرة جيدة وتحتاج تفعيل وإلزام في ظل أمور كثيرة بحاجة إلى إصلاح من بينها توعية المأذون بدوره الشرعي وتوعية المقبلين على الزواج بمقاصد هذا الرباط والميثاق الغليظ، خاصة في ظل حالات كثيرة من الطلاق البدعي الذي عليه أغلب الناس مما لا يرضي المولى عزوجل والرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم.
مواجهة الاستهانة
وشدد على وجود حالة استهانة بالطلاق وعدم فهم أنه حين تتزوجها على كتاب الله وسنة رسوله ينبغي أن تتطلقها كذلك، أي أنك مطالب بإعطائها كامل حقها وأن تلتزم بما حدده الشارع الحنيف من أمور تترتب على الزواج أو الطلاق، مطالباً في الوقت نفسه بضرورة الاهتمام بدورات المقبلين علة الزواج، وتفعيل الكشف الطبي الذي يهدر حق الطرفين في الإطمئنان على صحة شريكه ومستقبلهما سوياً.
مبادرة لتدريب المأذونين
أطلقت دار الإفتاء، أمس، أول مبادرة لتدريب المأذونين على التحقيق في أسباب الطلاق.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن مشكلة الطلاق مشكلة كبيرة وتحتاج إلى عناية خاصة من كافة الجهات من مؤسسات دينية ومراكز الأبحاث الاجتماعية وعلماء الاجتماع والنفس وكافة الجهات المعنية؛ وذلك لبحث أسباب الطلاق وطرق علاج هذه الظاهرة، فالنصوص الشرعية تتجه إلى أن الطلاق ينبغي أن يكون آخر طرق العلاج.
جاء ذلك خلال لقاء علام في برنامج "آخر النهار" مع الإعلامي د. محمد الباز على فضائية النهار، مضيفًا أن المأذون إذا شكَّ في حالة طلاق فلا بد أن يُحيل السائل إلى دار الإفتاء لحل الإشكال، ونحن من جانبنا إذا وقع الطلاق نقول للزوج: لا بد من الذهاب إلى المأذون وتوثيق الطلاق ولذا، فنحن ننصح المأذونين بضرورة تبصير الناس بمسألة الطلاق وتحذيرهم منه، وبذل المزيد من الجهد للتحقيق في الطلاق.
وأكد المفتي، أن فقه الإنجاز هو ترجمة لفقه بناء الإنسان، وهو محور الشريعة الذي يتطلب وضع الخطط المدروسة ثم مراجعة ما تم من أعمال ومشروعات، ونحن في دار الإفتاء المصرية نحرص كل الحرص في ختام كل عام على أن نقدم كشف حساب لما حققناه من أعمال وإنجازات، وهذا المسلك أخذناه من الشرع الشريف، حتى الخطط يجب أن تكون مدروسة، وهذا أمر مترسخ في سياسات الدول المتقدمة.
ولفت المفتي النظر، إلى أن الدولة المصرية حاليًّا، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعد نموذجًا مثاليًّا لبناء الدولة الحديثة التي تتوافق مع فقه الإنجاز. من ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- مشروع "مبادرة حياة كريمة"، تلك المبادرة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة؛ حيث إنها تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية وبناء الإنسان وتنمية المجتمع.