قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حكاية السهرة.. غيرة نجاة الصغيرة من شادية تهدي الجماهير "ساكن قصادي وبحبه"

نجاة الصغيرة تلك المطربة صاحبة الإحساس المرهف، والصوت العذب الحنون، الذي يبحر مع المستمع إلى حيث تريد هي أن يرى جمال الصورة، في جو يغلفه طابع رومانسي، فجأة استمعت نجاة عبر الراديو إلى أغنية "مين قالك تسكن في حارتنا تشغلنا وتقل راحتنا" التي تغنت بها شادية.

شادية.. مين قالك تسكن في حارتنا

وبدأت نجاة تتحرك ذهابا وإيابا في الغرفة، واتصلت بعدد من أصدقائها للتأكد من أنها شادية بالفعل، المعروفة بالأغنيات الرومانسية، كيف لها أن تغني هذا اللون الشعبي الجديد على الآذان، وأكد لها الجميع أن الأغنية ناجحة جدا و"مكسرة الدنيا"، وكانت صدمة كبيرة لنجاة الصغيرة.

شادية
شادية ونجاة

الغيرة الفنية “تأكل" نجاة

في ذلك الوقت، كانت نجاة تغني "بان عليا حبه، وغريبة منسية، وسمارة سمارة ليه الحلو بيدّاري، وكلمني عن بكره وابعد عن امبارح" وهو اللون الرومانسي الراقي الذي اشتهرت به، لكن نجاة شعرت بالغيرة من شادية والنجاح الساحق الذي حققته باللون الشعبي الجديد، خاصة أن الأغنية بها حدوته درامية خفيفة ومصورة، والقصة لها بداية ووسط ونهاية، وعلمت أن كاتبها هو الشاعر الغنائي الأشهر وصديقها حسين السيد

فاتصلت به وبدون مقدمات قالت له: "عايزة حاجة زي غنوة شادية"، فرد حسين ضاحكا: "إيه يا نوجة، بدأنا نغير ولا إيه؟"، فأجابت: "لا والله مش غيرة ولا حاجة، بس عايزه أغيّر في نوعية الأغاني بتاعتي شوية"، ليرد: "بس أنتي ملكيش في الشعبي خالص يا نوجة، صوتك مياخدش للسكة دي".


وبتصميم طفلة صغيرة تعلقت بلعبة، ردت "نجاة" بعفوية: "مليش دعوة، اتصرف، عايزه أغنية الناس تشوفها وهى بتسمعها"، وأُعجب الشاعر بالتعبير فقال لها: "خلاص يا نوجة، سيبيني يومين وأشوف ممكن أكتب إيه"، وانتهت المكالمة.

استعجال نجاة وإلحاحها على حسين السيد

حسين السيد يكتب

لم تنم نجاة لمدة يومين، وما أن بزغ صباح اليوم الثاني، اتصلت به: "كتبتها يا جميل؟"، وشعر حسين بالدهشة، وَرَدّ: "يا نوجة بقولك سيبيني يومين، مقصدش 48 ساعة، يومين يعني شوية كده أشوف إيه اللي يليق عليكي"، ومر الوقت بطيئا مملا على نجاة، وبعد أسبوع فوجئت باتصال من حسين، وبدأ بسؤال: "إيه حكايتك مع ابن الجيران اللي كان ساكن قصادك؟"، وتعلثمت نجاة، وشعرت بدهشة ممتزجة بخجل: "إيه ده، مين قالك على الحكاية دي؟"، فرد ضاحكا: “أنتي دلوقت، يعني فيه حكاية بقى بجد وأنا معرفش”، لتجيب بحرج: “إيه حكايتك يا حسين، أنت بتَّوِّهني في الكلام عشان مسألكش عملت إيه في الأغنية ؟”، ليرد: "يا عبيطة، ما هي دي الأغنية، ساكن قصادي وبحبه، وأتمنى أقابله.. فكرت أصارحه.. لكن أبدا مقدرشي أقوله أقوله".
وصرخت نجاة بجنون: "حبيب قلبي مش هينفع أسمعها في التليفون، ساعة وأكون عندك، اعمل حسابي على العشاء".

استكمال الأغنية في منزل الشاعر

بمجرد أن دخلت نجاة شقة حسين السيد، التقطت الورقة من يده، وقرأت: "وفي يوم صحيت على صوت فرح بصيت من الشباك.. زينة وتهاني وناس كتير دايرين هنا وهناك.. شاورولي بإيدهم وقالولي عقبالك"، فنظر حسين لتعبيرات وجه نجاة وعينيها تضحك مع جملة عقبالك، وهي تستكمل: "هلّلت من الفرحة وسألت، قالوا جارك.. حبيبي حبيبي.. اللي ساكن قصادي وبحبه".

نظرت نجاة لحسين السيد ودمعة حائرة تجاهد حتى لا تسقط من المقل، وحسين يستحثها على إكمال الأغنية: كمّلي يانوجة، واستكمل هو:


“رحت الفرح بالليل ورسمت في عنيا الفرحة.. ساعة ماكان بيشيل بإيديه وبعنيه الطرحة”، هنا قررت الدمعة الهرب خارج العين وتبعتها دموع أكثر، وسألها حسين: “مالك يانوجة، نكمل؟”، فأجابت بصوت مبحوح ومجروح: “حلوة قوي وبعنيه الطرحة، صورة تعبيرية هايلة منك”، فطلب منها استكمال القراءة، ففعلت بصوتها المبحوح: “شربت شرباتهم وانا قاعدة بصّالهم.. لحد ما قاموا ومشيت مشيت اوصلهم.. حتى الأمل مابقاش حقي افكر فيه.. بعد الليلة دي خلاص بقى غيري أولى بيه”، ولم تستطع النطق، فالتقط حسين الورقة واستكمل: “ناس في طريق النور، ما بين فرح وشموع، وانا في طريق مهجور، ومنوراه بدموع.. ولقتني فايته من جنب بابه.. لا هو داري بقلبي ولا باللي نابه، ويا ويلي يا ويلي من طول غيابه.. ويا ويل ايامي من جرح عذابه.. وعذاب الجرح اللي فاتهولي وسابه”.. حتى انتهى من الأغنية.. ساكن في قلبي وساكن قصادي وبحبه، وكأن سد “نهر الدموع” قد فتحت أبوابه، وانهمرت على خدها.

مفاجأة حسين السيد لصديقته نجاة

بعد أن هدأت نجاة ومسحت دموعها، قالت لحسين: هات التليفون، فرد: هاتكلمي مين ؟، نجاة: الاستاذ.. هايتجنن لمّا يسمعها، قال: قصدك عبد الوهاب ؟، فأجابت بلهفة: وهو فيه غيره "يخرج" الأغنية دي، رد مداعبا: قصدك يلحن مش "يخرج"، قالت: انت فاهمني وعملت اللي نفسي فيه، دي مش اغنية، دي فيلم، الناس تشوفه وهى بتسمعني، رد عليها: برافو عليكي، بس دي مسؤولية يا نوجة؛ عايزة منك تخليهم يشوفوا بصوتك، اللي مش شايفينه بعنيهم، فأجابت بلهفة: طيب فين التليفون؟.

عبد الوهاب وحسين السيد

غمز بعينه مبتسما: مش محتاجة تكلميه، الاغنية عنده وبيلحنها لك، مفاجأة مش كده ؟، لم تتمالك نفسها وقفزت كطفلة: والمصحف بتتكلم جد؟، أجاب مبتسما: والمصحف الشريف بعتها له امبارح وعجبته جدا، ومن غير ما اقوله الاغنية كاتبها لمين قال لي هي دي بتاعة نجاة، مرسومة عليها.

بروفات ساكن قصادي

انطلاق صوت نجاة.. ساكن قصادي وبحبه

في عام 1963، غنت نجاة الأغنية بحب وإحساس حققا ما ألقاه حسين السيد من مسئولية على كاهلها، وحققت الأغنية نجاحا ساحقا فاق كل التوقعات، وكتب عنها النقاد: أغنية نعشقها عشق يفوق الخيال، تكاد تكون الأغنية الوحيدة التي تراها وأنت تسمعها، بداية مبهجة ونهاية موجعة وفي الوسط دموع وآلام.. والختام ساكن في قلبي وساكن قصادي وبحبه.