"سيب اللي وراك واللي قدامك وأطلب ..... تشيكن كومبو بـ45 جنيه بس".. وخد عن حضرتك عزيزي القارئ أمثلة، لما تتركه خلفك لمجرد سعادتك في الذهاب للحاق بوجبة "الكومبو" أم 45 جنيه!!
وأول هذه الأمثلة، يتمثل في أنك تترك حضرتك عملك يخرب لمجرد أنك تذهب لتأكل "الكومبو".. فنرى الإعلان يُصَوِّر رجل يترك عمله في مصنع ألبان ويأتي المدير ليرى الشغل والمصنع في حالة مزرية، حيث تم إتلاف زجاجات اللبن ووقعت منكسرة من الماكينة لعدم وجود الباشا، الذي فك من العمل ليأكل "الكومبو"، فيسأل عنه المدير ويبكي من خراب المصنع، فلم يجده ويظهر في الإعلان أنه يجلس في المطعم مستمتعاً بأكل الساندويتش تاركاً عمله، غير عابئاً لما أتلفه أو بمعنى أدق، أن العمل لا يشغل باله.. فهل هذا معقول؟!
أما المثل الآخر من الإعلان السيئ جداً جداً، هو ذلك الشاب الذي حضر منتظراً والده في المطار وهو جالب لوالده الزهور والورد، لأنه لم ير ابنه منذ 20 عاماً، فهل يُعقل يا عالم، أن يترك الأب مثل هذه اللحظة، لحظة رجوعه لبلده ومقابلة ولده الوحيد وأخذه في أحضانه لمجرد أن يستمتع بوجبة "الكومبو" أم 45 جنيه؟
والمثال الأخير للإعلان، الخاص بالرجل المفترض أن يكون رياضي بالذات الراجل الرياضي والذي يترك رياضته و صحته و بطولته من أجل أن يأكل "الكومبو".. بالله عليكم، هل يُعقل هذا الكلام، الذي يُفسد العقول والأبدان؟
بجد وحقيقي الإعلان مستفز جداً وليس لأن به فكرة رائعة أو رائدة، بل لأنه قمة في البذاءة وعدم التمييز بين ما هو منطقي وغير منطقي، بين ما هو للتوعية وما هو للتضليل.. فإذا كان صانعوا هذه الإعلانات التافهة لا يعوون حجم الكارثة من وراء مثل هذه الأفكار، فكيف لفضائيات مسئولة أن تنشر مثل هذه الأفكار السامة للناس والتي تجردهم من المسئولية تجاه عملهم وأسرهم وأوطانهم.. أقدر أسأل انتم بتعلموا الناس إيه ؟؟
هذه الإعلانات وغيرها، مع الأسف، لها تأثير سلبي جداً وسيء وإذا حكمنا عليها، تدخل في دائرة المنتج الزفت و الهباب من حيث الفكر والتفكير.
فكرة الإعلان، أقل ما يُقال عنها أنها غير موفقة على الإطلاق، هذا إذا افترضنا جدلاً حُسن النية لصاحب هذه الفكرة "المحدودة" والفقيرة والسيئة جداً في محتواها!
مع الأسف، حال الإعلان من الإعلام، فأصبح يُعاني من الفقر المدقع في المضمون والفكرة الحُلوة الهادفة، التي تبني ولا تهدم.. فكلما حاولنا إصلاح عيب في الباب، يظهر آخر.. لماذا لأننا دائماً نعالج السطح، إلا أننا أبداً لم نبحث في أصل المشكلة أو نحاول نصل للجدر لاجتثاثها والبناء على أساس سليم.
من كل قلبي: أتمنى أن ينتبه أصحاب الإعلانات بأدمغة العاملين معهم، فأصحاب الفكر أصبحوا قليلين، فلابد من انتقاء من يضف للعمل وليس من يُخرب العمل أو يُكمل مشوار أسلافه، دون النظر لأخطائهم، وذلك في محاولة لتلافي الخطأ واستثماره الخطأ فيما ينفع.. وكل ذلك من أجل أن يُصبح صانع الإعلان، مُبدعاً، يأتي بأفكار "منورة" تصعد بشركته أو مؤسسته التي يعمل بها، متلألئة، إلى عنان السماء!!
نصيحة لوجه الله: من فضلكم راجعوا محتوى إعلاناتكم!!!