الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: الثواب والعقاب 

صدى البلد

لذلك أغلب االبشر يحاولون أن يجعلوا في حياتهم آلهه . لأنهم يعترفون من داخلهم بأن الإنسان به نقص , ولن يحقق العدل بقدراته البشرية . 
وإن كان البعض منهم جعل الآلهه أصنام لا تضر ولا تنفع . ولكن هي تختلف عن البشر من وجهه نظره . 
كما أنه يرد أن يكون له معبود يقدسه ويقرب إليه القرابين , ويقدسه , ويشكو له مكنون نفسه , وكل مالا يستطيع البوح به أمام الآخرين . 
إله من وجهه نظره قادر علي التعري من داخله أمامه .
ونجد أنه عندما يتعرض الإنسان المؤمن بوجود الله لظلم في ناحية من نواحي حياته فإنه يقول : يارب إنصفني وحقق لي العدل , وردّ إلي ّ حقي , لأنه يعتقد في داخله أن الله هو القادر وحده علي ذلك , ولأنه يعتقد أن الله هو أقوي الأقوياء , فيركن إليه .
ذلك الشعور يجعل الإنسان يشعر بالراحة , ويجعله يقوي ليستطيع أن يكمل حياته , لكن المشكلة فيمن يستندون إلي إله ضعيف مثل الحيوان أو الجماد , ويؤمنون أنه سيحاسبهم , وأنه سيرزقهم , وأنه سيعطيهم في الآخرة ما حرموا منه ولم يحصلوا عليه في الدنيا .
وإن كنت لا أعرف كيف هؤلاء يعتقدون ويقنعون بعبادتهم لجماد برغم كل ذلك التطور الذي يحدث في الحياة . بل أنني أعتقد أن الذين لا يؤمنون بوجود إله ربما فكرهم به شئ من العقلانية أكبر من الذين يعبدون الفأر , والبقر , والشجر , والنار . وإن كان الكل في النهاية يحتاج إلي هداية . 
ولكن كيف يكون ذلك وقد قال الله تعالي ( ولو شاء ربك لأمن الناس كلهم جميعا . وقال أيضا : ( ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) . فهو خالق البشر ويعلم كيف يفكرون .
وقد قدر الله سبحانه وتعالي الرزق قبل الخلق , وقبل الميلاد لكل كائن حي علي وجه الأرض , وقد يري البعض ومنهم الذين يقيسون بالعقل مفارقات غريبة في الحياة . 
فالبعض غني والآخر فقير , والآخر لديه كل شئ وثري ثراءا فاحشا , والبعض لا يملك حتي قوت يومه . 
ولكن الله خلق الأرض وقدر فيها أقواتها , وجعل من ضعف البعض سبب لمعرفة كيف يستقوي  القوي عليه أم يساعده ؟  
وجعل لفقر البعض سببا لمعرفة لمعرفة كيف يتصرف معه الغني , هل سيعطف عليه ؟ أم سيستغله ويدمره ؟ 
ولو حدث ذلك التجويع , وذاك التدمير , فهل من العدل ألا يعاقب من قام بإرتكاب الجرم  , ويثاب من تحمل الأذي ؟ 
فكيف يحدث ذلك ويتحقق العدل الطبيعي البسيط ؟ 
فلابد أن يكون هناك إله قوي شديد يعلم كل شئ , بل يعلم ما يدور بداخل صدر الإنسان , وما يكمن في عقله ومالا يفصح عنه . 
ومن الأمثلة أيضا أننا نلاحظ أن البعض يفعل نفس الفعل ولكن لا يحققوا نفس النتيجة . فمثلا تلميذان يذاكران نفس المادة , وبنفس عدد الساعات ولكن بالإمتحان قد يتفوق بالدرجات من لم يبذل مجهودا كبيرا بالمذاكرة أو من هو مشهود له بالذكاء الأقل , وذلك ليس معناه أن ظروفه في وقت الإمتحان كانت أفضل , بالطبع لا !!
أو بمعني أدق ليس كذلك دائما , وإنما لأن الله يوفق البعض , ولا يوفق البعض . 
ولأنه يوجد شيئا أسمه التوفيق لا يعرفه إلا المؤمنون , وكما يوجد توفيق للبعض , يوجد كذلك شيئا أسمه البركة . 
وهذه البركة يمنحها الله لمن يطيعونه ويحبهم ويحبونه , أما الرزق في حد ذاته فهو للجميع دونما تفرقة أو تمييز .
وأن الله سبحانه وتعالي خاطب أبن آدم في حديث قدسي( يختلف الحديث القدسي عن القرآن في أن القرآن كلام الله كما هو مرسل به سيدنا جبريل الملك , أنما الحديث القدسي فهو المعني الذي أرسله الله إلي رسوله إلي  قلبه فصاغ الرسول صلي الله عليه وسلم هذا المعني بكلامه وتعبيره هو ) . 
يقول الحديث القدسي :  أنه إذا خالف أبن آدم الله في طاعته أي أنه عصي الله فإن الله لن ينتقص من رزقه بل علي الله أن يرزقه طعامه وشرابه طالما هو علي قيد الحياة .
ومعني ذلك أنه ليست الطاعة سبب الرزق , ولكن الله خلق كل الخلق بما فيهم الحيوان وقد تكفل برزقه , وقد جعل لكل مجتهد نصيب وجعل من يتعب يتم مكافأته علي مجهوده , ولكنه لم  يعاقب الذين يعصونه بالحرمان من الرزق . 
وأيضا لم يعاقب من عصوه بالأمراض , ولكنه جعل علي الألم ثواب , وجعل لكل إنسان يتألم من مرض ثواب أخروي أو وسيلة للتكفير عن ذنب دنيوي , حتي الشوكة التي يشاكها المؤمن يكون عنها  ثواب في الآخرة . 
أي أن الله سبحانه وتعالي تكفل بمن خلق في الدنيا , وأنه عادل لا يظلم وسيعوض من أنتقص من رزقه في الدنيا بثواب كبير في الحياة الآخرة .
ولكن ثواب الآخرة هذا يقوم علي مبدأ واحد هو الإيمان بوجود الله ووحدانيته .
إن الإيمان بالله هو الأساس الذي يحاسب الله عليه البشر , فإن وجد الإيمان تتم المحاسبة والثواب والعقاب والمغفرة , وإن وجد الكفر فلا يوجد إلا النار . 
ومن آمن بوجود الله ولكنه فعل المعاصي جميعها , وأعترف بتلك الذنوب فمن الممكن أن يغفر الله له ويدخله الجنة .
ولكن لو فعل شخص كل ما هو خير في حياته , ولكنه كفر بالله ولم يعترف بوجود الخالق فلن يدخل لجنة أبدا . وإنما سيكون في نار جهنم خالدا فيها . 
وقد قال الله تعالي في حديث قدسي أيضا أن من يأتيه من البشر بما يملأ الأرض من الخطايا ولكنه لا يشرك بالله , فإن الله سوف يأتيه بقرابها مغفرة ولا يبالي , أي أنه هذا الأمر عليه هين .
. وفي الحديث القدسي (يا أبن أدم , إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان فيك . و لو أتيتنى بملء الأرض خطايا أتيتك بملء الأرض مغفرة مالم تشرك بى شيئاً و لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني , غفرت لك ) من عادى لي ولياً فقد أذنته بالحرب , و ما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما افترضته عليه , و ما يزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به , و بصره الذى يبصر به و يده التى يبطش بها و رجله التى يمشى بها و إن سألنى لأعطينه و إن استعاذ بي لا عيذنه , وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددى عن نفس المؤمن يكره الموت و أنا أكره مساءته رواه البخاري 
فبذلك يكون دخول الجنة مرتبط بالوحدانية , والوحدانية هي الإيمان بالله منذ أن خلق الله البشر.