لم يلبث العالم ينتهي من مكافحة وباء ليظهر أخر وينتشر بسرعة كبيرة، مهاجمًا مناطق متفقرة من الدول، ليصيب العلماء بالتشتت والقلق حيال سرعة إنتاج مصل ولقاح له ليتمكنوا من الحفاظ على الأرواح، وتقليل نسب الوفيات التي تسببها تلك الأوبة والفيروسات التي تلاحق بعضها البعض.
وفي الألفينات الماضية واجه عالمنًا العديد من الفيروسات والأوبة التي كادت تصيب اقتصاد بعض الدول بالإنهيار والضعف، ومازلنا في تحديات أخرها "فيورس كورونا" الذي يفاجئنا بالعديد من المتحورات، فكملنا أوشكنا على انتاج مصل له، غير الفيروس من شكله ليواجه المصل الجديد، وهذا ليس بالجديد بين فئة الفيروسات فقد سبقه في الأمر فيروس أنفلونزا الخنازير.
نستعرض فيروسات الألفينات التي أثرت على العالم، وأنهيت حياة الملايين من الأشخاص في جميع الانحاء:
فيروس السارس
اشترك فيروس "سارس" مع "كوفيد 19" في بلد النشأة، حيث ظهر في الصين عام 2002، وانتقل إلى عدة دول أخرى عام 2003، وبحسب ما أعلنه معهد "باستور" الفرنسي تسبب فيروس سارس في وفاة 800 شخص من إجمال 8000 أصيبوا به، لذلك اعتبر ذلك الفيروس من الأوبئة الفتاكة، وهو وباء تنفسي مصدره حيواني يعاني مصابيه من صعوبة التنفس، والتهاب رئوي حاد، وبعد خروجه من الصين انتقل سريعًا إلى جنوب شرقي آسيا، وبالتحديد كتايلاند، كمبوديا.
إنفلونزا الطيور «H5N1»
ظهر فيروس إنفلونزا الطيور لأول مرة عام 1997، وظهر مجددًا في 2003، وحصد ملايين الدواجن حول العالم، وأدى إلى وفاة 400 شخص، ويعتبر إنفلونزا الطيور مرض فيروسي معدٍ يصيب الطيور، خاصة الدواجن، ولا يظهر أي علامات مرضية، وكان ظهوره في آسيا نتيجة لتواجد أماكن تربية الدواجن مع الأحياء السكنية، وأدى انتشاره لتهديد اقتصاد عدد من الدول من بينها السعودية، وفرنسا.
إنفلونزا الخنازير
انتشر وباء إنفلونزا الخنازير "إتش 1 إن 1" (H1N1) عام 2009، وأول ظهور له في المكسيك، قبل أن ينتشر في العديد من دول العالم، فوفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن إنفلونزا الخنازير يُعتبر من أكثر الفيروسات خطورة، لكونه يتمتع بقدرة تغير سريع، هربا من تكوين مضادات له في الأجسام التي يستهدفها، فيقوم الفيروس بتحوير نفسه بشكل طفيف كل عامين إلى 3 أعوام، وعندما تبدأ الأجسام التي يستهدفها بتكوين مناعة نحوه، يتحور الفيروس ويتمكن من الصمود أمام الجهاز المناعي مسببا حدوث "جائحة" أو وباء يجتاح العالم كل عدة سنوات.
توفي عام2010 قرابة 18 ألف شخص بسبب وباء أنفلونزا الخنازير، وفي 2012 توفى ما يقرب من 280 ألف شخص، منهم 201 ألف حالة وفاه بسبب أسباب تنفسية، و 83 ألف حالة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وذلك وفقًا لما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية في هذين العامين.
وباء أيبولا
توفي طفل صغير يدعى إميل أومونو في قرية ميليانو، في غينيا، في ديسمبر 2013، واكتسبت وفاته أهمية أكبر بكثير عندما تم تسمية إميل على أنه المريض الأول لما عرف لاحقا بأسوأ انتشار للإيبولا في التاريخ.
وانتشر الفيروس أيبولا القاتل شديد العدوى بسرعة عبر غينيا، إلى ليبيريا وسيراليون المجاورتين، ليعرف بعدها باسم فاشية "فيروس إيبولا في غرب أفريقيا"، الأمر الذي كاد يتسبب بانهيار اقتصادات البلدان الثلاثة، وخلال ذلك العام، توفي حوالي 6000 شخص جراء الفيروس.
وهدأ الأمر فترة من الزمن ليعود الوباء ليضرب مجدد في عام 2018، وهذه المرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث فقد أكثر من 2200 شخص حياتهم، من بين حوالي 3300 إصابة تم تأكيدها.
فيروس زيكا
فيروس زيكا، حددته منظمة الصحة العالمية أنه مرضًأ وبائيًا، على الرغم من كونه ليس فيروسا قاتلا، حيث يسبب الفيروس تشوه خلقي عند الأطفال حديثي الولادة، وهي الحالة التي صارت تعرف باسم "صغر الرأس"، التي تنجم عن طريق انتقال العدوى من الأم الحامل إلى الجنين.
وتفشى الفيروس مرتين في العقد الماضي، الأولى في بولينيزيا الفرنسية في العام 2013، والثانية في البرازيل عام 2015، وفي عام 2016، تم الإعلان أنه لا يوجد علاج أو تطعيم وقائي ضد فيروس زيكا، الذي ينتشر بواسطة بعوضة الحمى الصفراء.
وفي مرحلة تفشي المرض في المرة الثانية، بدأ انتشار فيروس زيكا في أبريل من العام 2015، وفي أوائل العام 2016 وصل انتشار الفيروس لأعلى مستوياته في تاريخ الأميركيتين، حيث انتقل بعد ذلك لبلدان أخرى من أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، وفي 1 فبراير 2016، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ على المستوى العالمي بسبب هذا الفيروس.
فيروس كورونا
ظهر فيروس كورونا، عام 2012، الذي صار يعرف باسم "متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" أو "متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد"، وأطلق عليه في بادئ الأمر اسم "فيروس كورونا الجديد"، تماما كما هو الحال مع فيروس ووهان الحالي في الصين، حيث تم تشخيص 254 حالة مؤكدة في العام توفى منهم 93 مصابين بالفيروس، في أبريل 2014، وفقًا لإحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية.
وفي يوليو 2015، أبلغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في أكثر من 21 دولة.
- فيروس كورونا المستجد
في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي عام 2020، تم الإبلاغ عن أول حالة مشتبه بها لمنظمة الصحة العالمية، بوصفها فيروس كورونا الجديد أو فيروس كورونا المستجد، الذي صار يعرف باسم " كوفييد-19".
وكان أول تفش للفيروس في مقاطعة هوبي في الصين، ثم أنتقل إلى العديد من دول العالم بسرعة كبيرة، وتضمنت الأعراض الموثقة حدوث حمى في 90% من الحالات، وضعف عام وسعال جاف في 80 %، وضيق في النفس في 20 %، مع ضائقة تنفسية في 15 % من الحالات.
المتحور الوحش
بالرغم من ظهور اللقاحات وتسريع وتيرة حملات التطعيم في دول العالم، لا تزال وسائل الإعلام تنقل عن خبراء الصحة أنباء جديدة عن ظهور متحورات لكوفيدـ19 تثير الجدل، فقد حذر مؤخرا كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة الأمريكية، أنتوني فاوتشي، من أن العالم على موعد مع "المتحور الوحش" لفيروس كورونا، وفقا لحديث أدى به لمحطة "إم إس إن بي سي" الأمريكية.
وأوضح فاوتشي أن المتحور "الوحش" يبدو ضعيفا بالمقاربة مع متحور دلتا إذ من المتوقع أن يبدأ في الانتشار قريبا جدا وبسرعة مخيفة، مؤكدًا على ضرورة تلقي اللقاحات والالتزام بالإجراءات الاحترازية لأنها تساعد على مكافحة تفشي الوباء والقضاء على المتغيرات الأخرى المحتملة.
متحور دلتا
ومع تطورات فيروس كورونا "كوفيد-19" المتلاحقة، قالت الدكتورة ماريا فان كيركوف، خبيرة علم الأوبئة والمسؤولة التقنية عن مكافحة كوفيد-19، أن متغير دلتا لن يكون المتغير الأخير المثير للقلق، حيث إن هناك متغيرات أخرى قيد الانتشار.