الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد عمر يكتب: الفلسفة.. بداية التقدم

صدى البلد

إنها الفكر، والعقل المترادف بين المادية والصورية، والمعلم الأول، وبداية كل تقدم علمي أو فني أو إجتماعي أو فكر ديني، ولا أعلم كيف ننهض أو نستقيم بدونها! وكيف يقوم العلم على العدم؛ أو بصيغة أخرى: كيف تبدأ حركة جديدة للعلم دون وسائط موصلة لهذه الغاية؟ وفي ظل الكم الهائل من الخرافات التي سادت المجتمع؛ من إتدعاءات زائفة حول الجانب التقني من العلم، أو التماثل المتطابق في الأخذ من منابع العلم السائدة في أوروبا والصين واليابان وأمريكا، أو ظلية الإستماع وحسب للمنتج العلمي في حالته النهائية.. كلها لا تمثل سوى مستوى أدنى من الثقافة العلمية التي لا تقع تحت أيدينا.

بينما الخوض في الأنساق العلمية، ومراقبة النظرية الأولى في العلم عبر تاريخه؛ نستطيع التفهم الحقيقي لما وراء العلم، ولم نبلغ لذلك سبيلا من العلم نفسه، أو من ثقافته التي باتت في أيدي الجميع بلا جدوى؛ إلا بالتدرج الفلسفي الذي خلاله نتوصل للعلم في نواته الحقيقية لا ظواهره.. والتي أشكك فيها دائماً بأنها غير حقيقية على طول الخط!

من أين أتى العلم؟ وكيف أتى؟ ولماذا أتى؟
تساؤلات من جاهل حقيقي للعلم، وكيف نعلم العلم الذي لم نلمسه بأيدينا؟ بينما الكل يتحدث عنه وكأنه هو من شيده بنفسه، وفي الوقت نفسه لم يتخلى عن غروره وينظر خلفه بقليل.. ليرى الفلسفة الحقيفية التي أتت بالعلم؛ تلكها المشكلة الحقيقة التي لابد وأن تناقش؛ على مستوى الفلسفة لا العلم؛ لأن العلم دائماً ما يجهل بتاريخه، أو كما يقال العلم لحظي ومؤقت ونسبي، ومن بين القائلين بذلك(جاستون باشلار) فيلسوف العلم في فرنسا في القرن العشرين.

إن الفلسفة هي تاريخ العلم، والعلم بدون فلسفة بلا هوية، والعلم لم يخرج من عباءة الفلسفة دون الفلسفة نفسها؛ وعلى ذلك إن أردنا العلم فلننظر أولا للخلف، ولنشيد من الوهلة الأولى أسسا للنظام الفلسفي الجديد، ثم عمل إعلام جاد لنشر هذه الفلسفة؛ حتى تصبح الفلسفة لديها مجتمع وأعضاء فلسفيين، وإلى أن تقوم الفلسفة بدورها، إلى أن يخرج العلم بصورته التي يستحقها.

علم ليس مقطوع الصلة عن الناس، وليس محل إفتخار أو غرور بين مثقفيه ومتابعيه؛ وإنما علما حرا يعتقده أحرار، يمتلكون وسائل الفهم وطرق التفكير (الفلسفة)، ويدرسون العلم في ذاته وفق محتوى نقدي متجادل، لا تأويلي حسب الأهواء، وإلى أن يتم ذلك.. لابد من قطع الصلة بين التعليم المدرسي والتعليم الذي نريده؛ وهو التعليم الفلسفي القائم على التحاور بين الذات التي تريد أن تعلم، والموضوع محل النقاش؛ بحرية الفنان الذي يقوم برسم جانب واحد من عمله الجمالي.

ضرورة قطع الصلة عن المرجع العلمي، والمصدر الموثق؛ ولأن لا شئ كامل بالضرورة، فعلينا أن نأخذ بالنظرية العلمية كما هي، ونناقشها كما نحن؛ وفق فلسفة متحاورة بين وجهة نظر العلم من جهة، ووجهة نظر العقل المتفلسف من جهة أخرى؛ فالعلم وعبر تاريخه.. لن يتقدم سوى بعقل متجادل بين نقيضين أو أكثر، زد على ذلك كون العلم دائماً في حالة تغير مستمر؛ وعلى العقل أن يتبعه في ذلك بأن يملك أولا ثوابت الفلسفة في تأسيس تفكير متفتح يقبل الجديد ويعايره.

إن الفلسفة وإن امتلكت كل شئ في القدم، لا تمتلك اليوم سوى نظام من العلاقات بينها والعلم، ولم تستطع تحقيق رغبتها بشكل نهائي بدون إرادة خارجة عن محيطها الفكري؛ فكم قلم قد مات إن انتقد أو تجرأ على إفشاء خفايا العلم المدفونة في قبو العصر الكنسي! وكم من برنامج فلسفي في رحلة النسيان لعدم إمتلاكه السلطة أو إرادتها!!