... عاشَ "الجَبَرْتي" خِلال الفَتْرة المُمْتَدَّة مِنَ النِصْف الثاني من القَرْن الثامِن عَشَر إلى الرُبْع الأوَّل مِنَ القَرْن التاسِع عشر (1754-1826م) – كانَتْ ولادته في القاهرة – ولأن أسْلافَهُ مِنْ مَشايِخ الأزْهَر، الأمْر الذي جَعَلَهُ مَحْسوباً مِنْ الصَفْوَة المَصْرية المُثَقَّفة – وكان والِدَه الشيخ حَسَنْ الجَبَرْتي صاحِب الأثَر الكَبير في حياتِه، وقَدْ جَعَلَ أُسْرَته تَعيش ثقافة عَصْره – مِنْ خِلال علاقاته الطيِّبة مَع البكوات مِن المَماليك والعُثْمانيين، وصارَمنْزله مَكاناً للقاء مشايِخ الأزْهَر، حَيْث يَضُم مَكْتَبة جَيِّدة تَحْوى كُتُباً عَرَبيَّة وتُرْكيَّة وفارسيَّة إلى جانِبِ عَدَدٍ كبير مِنَ المَخْطوطات النادِرة – ورَغْم أنَّ والِد الجبرتي كانَ مِنَ المُهْتَمِّين بِعُلوم الدِّينن إلَّا أنَّهُ يُعَدُّ مَرْجِعاً في العُلوم الطَبيعيَّة التي كانَ شَغوفاً بِها إلى حَدٍّ كَبير...!؟! – وشَهِدَتْ الفَتْرَة التي عاشَها الجَبَرْتي حالة التَدَهْور التي عَرَفَها النِظام العُثْماني المَمْلوكي، ومُحاوَلات المَماليك التَمَرُّد على السُلْطَة العُثْمانيَّة – وتَمَثَّلَتْ بداية الاضْطِراب بَعْد إخْفاق المُحاوَلة التي قامَ بِها "علي بِكْ الكَبير" لِلاسْتِقْلال بِمِصْر عَنِ الحُكْمِ العُثْماني لِمُدَّة خمس سنوات (1767-1772م) – حَيْثُ انْفَتَحَ الباب لِصِراعِ العصبيات المَمْلوكيَّة على السُلطَة ومُحاولة الانْفِراد بِها بَعْد اخْتِلال أحْوال "الجُنْد العُثْمانيِّين" ومِنْ ثَمَّ فُقْدان النِظام أساس توازنه – لِتَشْهَد مِصْر في أعْقابِ القَضاء على حَرَكة على بِكْ، وحَتَّى مَجِئ الحَمْلة الفَرَنْسيَّة فَتْرة مِنْ أسْوأ الفَتَرات اضْطِراباً في تاريخها المُمْتَدْ ...!؟! – في ظِل تِلْك الأحْوال كانَتْ هُناك "شَريحة اجْتِماعيَّة" تَمَكَّنَتْ مِنَ الحِفاظ على كيانِها وتقاليدها بِفَضْل ما كانَتْ تَتَمَتَّع بِهِ مِنَ الاسْتِقْرار النِسْبي – تِلْكَ هى "فِئَة العُلَماء" التي تَمَتَّعَتْ بِمَكانة خاصَّة في المُجْتَمَع المِصْري وقَدْ اسْتَفاد الجَبَرْتي مِنْ انْتِماء عائِلَته في تِلْك الفَتْرة – بِما أثارَ لَدَيْه الاهْتِمام بِما يَدور حَوْلَهُ مِنْ أحْداث – وقَدْ تَتَلْمَذَ هو وطائِفة أُخْرى مِنَ العُلَماء على الشيخ "مُرْتَضى الزبيدي" الذي قَدَمَ مِنَ اليَمَنْ – وكانَ "الزبيدي" مِنْ أبْرَزْ عُلَماء عَصْره – وإليْه يَرْجع الفَضْل في اهْتِمام "الجَبَرْتي" بِكِتابةِ التاريخ ...!؟!.
... عِنْدَما وَصَلَتْ "الحَمْلة الفَرَنْسيَّة" إلى مِصْر في عام (1798م) كانَ الجَبَرْتي في بِدايةِ العَقْدِ الرابِع مِنَ العُمْر – وبِفَضْل خَلْفيَّته الثقافيَّة – لَمْ يَكُنْ هُناك مَنْ هوَ أفْضَل مِنْهُ لِمُراقَبةِ الأحْداث وتَدْوينها والتَعْليق عليْها في شَكْلِ "يَوْميَّات" – ومَع رَحيل الفَرَنْسيِّين عَنْ مِصْر في عام (1801م) تَمَكَّنَ مِنْ إنْجاز عَمَلَيْن رَئيسيين في كِتابة تاريخ تِلك الفَتْرة – أوَّلهُما "عَجائِب الآثار في التَراجِمِ والأخْبار" والعَمَل الثاني – يَتَمَثَّل في كِتابٍ صَغير بِعُنْوان "مَظْهَر التَقْديس بِذَهاب دولة الفرنسيين" يَتَناوَل فَتْرة الاحْتِلال الفَرَنْسي لِمِصْر التي اسْتَمَرَّتْ لِثَلاث سَنَواتْ – في هذا الكِتاب كانَ الجَبَرْتي بِمَثابة "شاهِد عَيانْ" على الأحْداث – بَيْنَما كان كِتابَهُ "عَجائِب الآثار" عَمَلاً ناضِجاً تَمَّتْ كِتابَته بَعْد مُراجَعات طَويلة، وامْتِحان لِضَميرِ المُؤرِّخ – وهذا هوَ السَبَب في حُصولِهِ على تَقْديرِ أكْبَر مِن كِتاب "مَظْهَر التَقْديس" فَفي عَجائِبِ الآثار لَمْ يَكُنْ الجَبَرْتي مُجَرَّدْ ذَلِكَ "المُؤرِّخ الزَمَني" الذي لا يتَعَدَّى دَوْرَهُ حُدود تَسْجيل الوقائِع – إنَّما رأى أنَّ الواجِب يُحَتِّم عَلَيْه أنْ يَتَناوَل القَضايا العَديدة بِالتَعْليق – وقَدْ ساعَدَهُ مَنْظوره التاريخي أنْ يَرى وَجْهَي العُمْلَة في طَبيعة الاحْتِلال الفَرَنْسي وموقِفَهُ مِنْه بِالعَقْلِ المُتَفَتِّح وشُمول الرؤية والقُدْرة على التأمُّل – فأضافَ عُمْقاً وتَجْديداً لِلفِهْم التاريخي – بَعيداً عَنِ الإمْكانات الهَزيلة التي لاتَتَعَدَّى مُجَرَّد التاريخ الزَمَني وحُدود الوُقوف عِنْدَه ...!؟! – وعلى الرَغْم مِنْ أنَّ المادَّة التاريخيَّة في "عَجائِبِ الآثار" هى في أْغلبها مُجَرَّد نَموذَج لِذَلِكَ التاريخ الزَمَني – إلَّا أنَّ وَمَضات الجَبَرْتي العَميقة مِن "نفاذ البَصيرة" لا يُمْكِن إنكارها – والحَقيقة أنَّ الجَبَرْتي قَدْ شاهَدَ ولاحَظَ وراقَبْ بِذَكاءٍ مُتَوَقِّد أكْثَر مِنْ أغْلَب مُعاصِريهْ – لِما كانَ يَجْري في ذَلِكَ العَصْرِ العَجيب ...!؟!.
... في نَظْرَتِهِ إلى "دَوْر المُؤرِّخ" و"أهَميَّة التاريخ" و"الغَرَض مِنْ كِتابَته" يَقولُ "الجَبَرْتي"..."إعْلَمْ أنَّ التاريخ عِلْمٌ يُبْحَثُ فيهِ عَنْ مَعْرِفَة أحْوال الطوائِف وبُلْدانِهِم ورُسومِهِم وعاداتِهِم وصَنائِعِهِم وأنْسابِهِم ووفيَّاتِهِم – وموْضوعَهُ حياة الأشْخاص الماضية مِنَ الأنْبياء والعُلَماء والحُكَماء والشُعَراء والمُلوك والسَلاطين وغَيْرِهِم – والغَرَضْ مِنْهُ الوُقوف على الأحْوال الماضية – مِنْ حَيْثُ هى، وكَيْفَ كانَتْ، وفائِدَة العِبْرَة بِتِلْك الأحْوال، والتَنَصُّح بِها، وحُصول مَلَكَة التَجارِب بِالوُقوفِ على تَقَلُّبات الزَمَن، ليَحْتَرِزَ العاقِل مِنْ مِثْلِ أحْوالِ الهالِكين مِنَ الأُمَمِ المَذْكورة السالِفين، ويَسْتَجْلِبُ خَيار أفْعالِهِم، ويَتَجَنَّب سوء أقْوالِهِم، ويَرْقد في الفاني، ويَجْتَهِد في طَلَبِ الباقي" – ومِنَ المُلاحَظ أنَّ الجَبَرْتي لا يَسْتَخْدِم كَلِمَة (أخْبار) في كِتابته – شأن سابِقيه مِنَ المؤرِّخين – إنَّما يؤكِّد على أنَّ التاريخ يَهْتَمُّ بِالأحْوال – بِما لا يؤدِّي إلى تأريخ زَمَني ذا طابِع تَقْليدي ...!؟! – وفي هذا يَصِفُ المُسْتَشْرِقُ الألْماني الشَهير "ڤون كريمر – Von Kremer" كِتابات الجَبَرْتي في "عَجائِب الآثار" بِأنَّها عَمَل تاريخي يَصِفَ تاريخ زَمانَهُ بِصِدْقٍ وجَدارة يُمْكِن التَعويل عليْها..." – وفي كُلِّ الأحْوال فَإنَّ "الجَبَرْتي" سَعَى قَدْر طاقَته – رَغْمَ ظُروف بيئَته الصَعْبَة – لِأنْ يَكونَ أحَد كِبار المؤرِّخين المُسْلِمين في مَطْلَعِ العَصْرِ الحَديثْ ...!؟!.
... في إطارِ نَقْدِهِ لِأحوالِ المُجْتَمَع – مِنْ خِلال تَناولِهِ لِلحياةِ الفِكْريَّة والثَقافيَّة التي عَرَفَتْها مِصْر في تِلْك الفَتْرة – تَعَرَّضَ الجَبَرْتي لِظاهِرَتَيْن هامَّتَيْن – أوَّلاهُما – حالَة التَدَهْور التي أصابَتْ تَحْصيل العُلوم "دينية وطَبيعيَّة" – بَيْنَما تَمَثَّلَتْ "الظاهِرة الثانية" في الانْحِرافات التي عَرَفتْها "الحياة الدينية" لاسيَّما ما يَتَعَلَّق بِالبِدَعِ والخُرافات التي لَحِقَتْ بِالحَرَكة الصوفيَّة المُتأخِّرَة في مُمارَسِتِها لِمَظاهِرِ العَقيدة...!؟! – وقَدْ أرْجَعَ الجَبَرْتي فَساد الأخْلاقِ العامَّة وتَدَهْور الحياة الفِكْريَّة إلى جَهْلِ عُلَماء العَصْر في ذَلِكَ الوَقْت – رَغْمَ عَدَم إنْكاره وُجود نَماذِج راقية لِبَعْضِ العُلَماء – على مِثال الشيخ "مُرْتَضى الزبيدي" صاحِب مَوْسوعَة "تاج العَروس" وكان الزبيدي مَوْضِع إعْجابِه والاحْتِفاءِ بِه – غَيْرَ أنَّ هُناك عامِلاً آخَر – يَرى الجَبَرْتي – أنَّهُ مِنْ أسْباب التَدَهْور يَتَعَلَّق بِظاهِرة "توريث الوَظائِف العِلْميَّة" بِما يَسْمَحُ بِوراثة الإبن المَنْصِب العِلْمي لِأبيهْ – حَتَّى وإنْ كانَ دونَهُ في قُدُراتِهِ العِلْميَّة وما يؤهِلَهُ لِذَلِكَ المَنْصِب – وهى مِنَ الأمور التي تَسَلَّلَتْ لِلحياةِ العِلْميَّة مِنْ نِظامِ "طوائِف الحِرَفْ" حَيْثُ كانَ الإبْن يَرِثُ حِرْفَة أبيهْ – وبِالنَظَرِ إلى انْحِدار التَعْليمِ إلى مُسْتَوى الحِرْفَة – فَقَدْ أصْبَحَتْ عَمَليَّة التَوْريث هَذِهِ مُعْتَرَفاً بِها في أوْساطِ العُلَماء...!؟! – هذا التَدَهْور الذي شَهِدَتْهُ الحياة الفِكْريَّة في عَصْرِ الجَبَرْتي أدَّى إلى مُناهَضَة كِبار العُلَماء مِمَّنْ يَشْغَلونَ مَناصِب رَسْميَّة – لِأصْحابِ الأفْكارِ الجَديدة المُطالِبة بِالإصْلاح – وقَدْ تَناوَلَ الجَبَرْتي بِالنَقْدِ العَديد مِنْ مَظاهِرِ الجُمودِ والتَراجُعِ الفِكْريّْ – وكانَ في نَقْدِهِ لِتِلْكَ الأحْوال يَتَطَلَّع إلى إحْداث نَوْعٍ مِنَ التَغْيير – لاسيَّما وأنَّ الجَبَرْتي رَغْمَ مُعارَضَتِهِ لِلوُجودِ الفَرَنْسي في البِلاد – إلَّا أنَّهُ أبْدى إعْجابَهُ بِبَعْضِ جَوانِبِ التَقَدُّمِ المادِّي في حَضارَةِ الغَرْب التي شاهَدَها إبان وُجود الفَرَنْسيِّين في مِصْر – وهو ما تَحَدَّثَ عَنْهُ صَراحَةً في "عجائِب الآثار"...!؟!.
... إذا نَظَرْنا إلى مَوْقِفِ "الجَبَرْتي" مِنَ "الحَمْلَة الفَرَنْسيَّة" على مِصْر – نَجِدْ أنَّهُ في "مَظْهَر التَقْديس" يَشْعُر بِالاحْتِقارِ تِجاه الفَرَنْسيِّين مُلْحِدون رَغْمَ تأكيده عَكْس ذَلِك – كَما يَسْخَرُ مِنْ إصْلاحاتِهِم السياسيَّة، ومِنْ أفْكارِهِم عَنِ المُساواة غَيْرِها – فَما الذي جَعَلَ الجَبَرْتي يَذْهَب إلى تَغْيير أفْكارِهِ عَنْهُم في "عَجائِبِ الآثار"...!؟! – فَلَيْسَ مِنَ الصَعْبِ فَهْمِ أسْباب رَدَّة فِعْلِهِ الأولى مُعارِضاً لِلاحْتِلالِ الفَرَنْسي – كَمُسْلِم يَتَّصِفُ بِالتَّقْوى – فَضْلاً عَنْ كَوْنِهِ "شَيْخاً أزْهَريَّاً" رأى في الفَرَنْسيِّين مُتَطَفِّلين هاجَموا بَلَداً إسْلاميَّاً تابِعاً لِلسُلْطانِ العُثْماني "خَليفَة المُسْلِمين" – وكَذَلِكَ كانَ مُعارِضاً دَوْماً لِعاداتِ وسُلوكِ الفَرَنْسيِّين، لاسيَّما "السُلوك الخَليع لِلنِّساءِ الفَرَنْسيَّات" الذي خَشِيَ أنْ يُصيبُ المِصْريِّين – وظَلَّ الجَبَرْتي مُنْعَزِلاً عَنِ الفَرَنْسيِّين أغْلَب سَنَوات الاحْتِلال الثَلاث – مُنْتَقِداً العُلَماء الذينَ ضاعَتْ هَيْبَتَهُم ومَكانَتَهُم لِانْزِلاقِهِم إلى خِدْمَةِ السادة الجُدُدِ مِنَ الفَرَنْسيِّين والتَعاون مَعَهُم – لَكِنْ ومَعَ اقْتِرابِ نِهايةِ الوُجودِ الفَرَنْسي – خُصوصاً بَعْد اغْتيال الچنرال "كليبر" وما شاهدهُ مِنْ اجْراءات مُحاكَمة قاتِلَهُ "سُليْمان الحَلَبي" شَرَعَ الجَبَرْتي في تَغْيير أفْكارِهِ تِجاهَهُم ...!؟! – فَعِنْدَما شَكَّلَ الچنرال "چاك مينو" مَجْلِساً حاكِماً جَديداً في شَهْرِ أُكْتوبَر سَنَة 1800م – وافَق الجَبَرْتي لِلمَرَّة الأولى أنْ يَكون عُضْواً فيه – ورُبَّما كانَ اعْتِناق "عبدالله مينو" الإسْلام قَدْ أزالَ مُعارَضة هامَّة لِلْحُكْمِ الفَرَنْسي لديْه – لَكِنَّهُ وفي كُلِّ الأحْوال كانَ مُبْتَهِجاً لِهَزيمَةِ الفَرَنْسيِّين وجَلائِهِم عَنِ البِلاد في (1801م) ...!؟!.
... يَتَحَدَّث الجَبَرْتي عَنْ تِلْكَ الفَتْرة المُضْطَرِبَة التي شَهِدَتْها مِصْر ما بَيْن جَلاء الحَمْلة وتَوَلِّي "مُحَمَّدْ علي" فَفي تِلْك السَنَوات (1801-1805م) بَدَأَ الكَثير مِنَ النَّاس يَشْعُرونَ بِالحَنينِ لِعَوْدَةِ الفَرَنْسيِّين ...!؟! – بَعْدَ أنْ باتَ الحُكَّام العُثْمانيُّون الجُدُد الذينَ حَكَموا البِلاد بَعْد رَحيل الحَمَلة الفَرَنْسيَّة "أكْثَر تَوَحُّشاً" عَمَّا سَبَق، ولَمْ يُجاريهِم في قَسْوَتِهِم سِوَى "مُحَمَّد عَلي" وجُنوده الأرناؤود غَيْر النِظاميِّين – الذينَ احْتَقَرْهُم الجَبَرْتي لِدَرَجة أنَّهُ رَفَضَ التَوْقيع على الالتِماس الذي تَقَدَّمَ بِهِ مَشايِخِ الأزْهَر إلى السُلْطانِ العُثْماني لِإبْقاءِ مُحَمَّد عَلي وتَعْيينهُ والياً على مِصْر، كَما ألْقى الجَبَرْتي باللوم على المَماليك لِعَدَمِ قُدْرَتِهِم على تَوْفير الأمْنِ والحِماية لِلنَّاس – وبَدا لَهُ أنَّ نِظامِ الحُكْمِ الفَرَنْسي – الذي عَرَفَهُ "الجَبَرْتي" هو الأفْضَل بِطَبيعةِ الحال – بَلْ إنَّهُ أكْثَر جاذبية مِنْ نِظامِ حُكْمِ المَماليك والعُثْمانيِّين – ومِنْ ثَمَّ فإنَّ الإدْراك الجَديد مِنْ جانِبِ الجَبَرْتي تِجاه الفَرَنْسيِّين في "عَجائِبِ الآثار" كانَ بِمَثابةِ مُحاوَلة مِنْ جانِبِهِ لِتَعْديلِ آراءَهُ التي تَبَنَّاها في "مَظْهَرِ التَقْديس" – وهذا هوَ السَبَبِ الذي جَعَلَ كِتاب "عَجائِبِ الآثار" مناراً لِلتَقْدير والتَعْظيم مِنْ جانِبِ أغْلَب المؤرِّخين ...!؟!.
عَرَفَتْ مِصْر تِلْكَ الأجْواءِ المُضْطَرِبة بَعْد خُروجِ الفَرَنْسيِّين وقُدوم العُثْمانيِّين – مِنْ انْتِشارِ العُنْفِ والفَوْضى وانْهيارِ الأمْن – ليَنْتَشِرَ الخَوْف بَيْنَ المِصْريِّين مِنْ تَدَهْوُر الأوْضاعِ في البِلادِ بِصورَةٍ لَمْ تَشْهَدها مِنْ قَبْل – تأمَّل "الجَبَرْتي" تِلْكَ الأحْوال وهوَ يَتَطَلَّع إلى أنْ تَسودَ فِكْرَة "العَدْلِ الإسْلامي" بَيْنَ النَّاس بِلا جَبَروت، ودونَ اسْتِبْداد أو قَهْر – فالمَظالِم اليَوْميَّة تَطالُ العِباد في ظِلِّ كُلِّ هَذا الاحْتِلال – وذَهَبَ في تأمُّلاتِهِ إلى إلى ضَرورةِ الخَلاص مِنْ كُلِّ كوابيس الاحْتِلال – فَرَنْسيَّاً كانَ أمْ عُثْمانيَّاً – بَعْدَ أنْ عاشَ التَجْرِبة المَريرة لِقَهْرِ المَدينة المَهْزومة واسْتِباحَتِها على أيْدي الجُنودِ الفَرَنْسيِّين بَعْد فَرار المَماليك وهَزيمَتَهُم أمام مَدافِعِ نابُلْيون – وقَبْل دُخول الجَيْش الفَرَنْسي القاهِرة – فَرَّ الجَبَرْتي مَعْ مَنْ فَرُّوا – ولَمْ يَعُدْ إليْها إلَّا بَعْد ثَلاثة شُهور في رِحْلَةِ هُروبٍ مَريرَة – شاهَدَ خِلالَها كَيْفيَّة اسْتِباحة مِصْر كُلَّها على أيْدي العُرْبان وقُطَّاع الطُرُق – فَضْلاً عَنْ شَراسَةِ المَماليكِ الفارِّين ...!؟! – بَعْد عَوْدَة "الجَبَرْتي" لِلقاهِرة – وفي مُتابَعَتِهِ لِأحْوالِ الفَرَنْسيِّين – وَجَدَ أنَّهُم أجانِب مُخْتَلِفين عَنْ غَيْرِهِم مِنَ الأجانِبِ الآخَرين الذينَ اسْتَباحوا البِلاد مِنَ (المَماليك والعُثْمانيِّين والشَراكِسة) لِعِدَّة قُرونْ ...!؟!.
لَقَدْ أصابَ الفَرَنْسيِّون "الجَبَرْتي" بِالحيرَةِ والارْتِباك – حينَما رأى نِظامَهُم ودِقَّة أعْمالِهِمْ – وأيْضاً لِكَوْنِهِم أقَلْ ظُلْماً مِنَ المَماليك والأتْراكْ – فَهُمْ يَدْفَعونَ ثَمَن ما يَشْتَرونَهُ ويَعْتَمِدونَ على التَفاهُم بَدَلاً مِنَ النَهْبْ- لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يأْلَفَهُم رَغْمَ مُخاطَبَتِهِم جانِبَ العَقْلِ فيهْ – بَعْدَ مُشاهَدَتِهِ مَعامِلَهُم وتَجارِبَهُم وعَمَل المَطْبَعة وغَيْرِها مِنْ أدَوات العُلوم المُخْتَلِفة – وبَعْد "ثَوْرة القاهِرة الأولى" تأكَّدَ لَدَيْهِ هَذا الرَفْض بَعْدَ اسْتِخْدامِهِم الأساليب الوَحْشيَّة في القَضاءِ على ثَوْرة الأهالي – وباتَ يَقينَهُ أنَّ "العَدْل" لَنْ يأْتي عَنْ طَريقِ هؤلاء – بَعْد اقْتِحام خُيولِهِم لِلأزْهَر وإذْلالِهِم لِلمَشايخِ وانْتِهاكِهِم حُرْمَة النِّساءْ – رَغْمَ التَظاهُر الكاذِب لِنابُلْيون بِاعْتِناقِ الإسْلام ...!؟! – وبَعْدَ فَشَل بونابَرْت أمام أسْوار "مَدينَة عَكَّا" ورَحيله المُفاجئ إلى فَرَنْسا تارِكاً جَيْشَهُ مُحاصَراً مِنَ البَحْرِ بِأُسْطولِ الإنْجليز، ومِنَ البَرِّ بِالجَيْشِ التُرْكي، ومِنَ الداخِلِ يَرْفُض أهْل البِلاد قُبول الفَرَنْسيِّين حُكَّاماً لَهُم – وأخيراً وُقوع الصِدام بَيْنَ الجَيْشَيْنِ التُرْكي والفَرَنْسي في أعْقابِ فَشَلِ جُهودِ الصُلْحِ بَيْنَهُما – وأسْفَرَ الصِدام بَيْنَهُما عَنْ هَزيمَة جُنود "مُصْطَفى باشا" الوَزير التُركي الأعْظَم الذي كانَ يَقود الأتْراك على أيْدي الچنِرال "كليبَر" القائِد الفَرَنْسي الجَديد...!؟! – بَعْد هَزيمَةِ الأتْراك أصابَتْ المِصْريِّين خَيْبَة أمَل شَديدة – كانَ مِنْ نَتيجَتِها انْدِلاعِ "ثوْرَة القاهِرة الثانية" التي قَمَعَها كليبَر بِوَحْشيَّةٍ وقَسْوَة – بَعْد إعْمالِ الحَرْقِ والقَتْلِ والنَهْبِ والسَلْب – لِيُخَيِّمَ صَمْتِ الهَزيمَة على المَدينة المُحْتَرِقَة – بَيْنَما دَفَعَ "كليبَر" ثَمَن أفْعالَهُ الوَحْشيَّة – فَبَعْد عِدَّة اسابيع مِنْ إخْمادِ الثَوْرَة لَقِيَ مَصْرَعَهُ بِطَعْنَةٍ قاتِلة مِنْ "سُليْمان الحَلَبي" – وقَدْ أصابَتْ "الجَبَرْتي" هَزَّة عَنيفة بَعْد ثورة القاهِرة الثانية، جَعَلَتْهُ يَنْتَبِه إلى أنَّ "القوَّة الحَقيقيَّة" في البِلادِ هى التي يَمْتَلِكها المِصْريُّون أنْفُسَهُمْ – الذين خاضوا مَعْرَكة رَهيبة ضِد الفَرَنْسيِّين، لِقَناعَتِهِم أنَّ الخَلاص لَنْ يَكون على أيْدي هؤلاء الأتْراك – فَهُم يَنْهَزِمون في المَعارِكِ بَيْنَما لا هَمَّ لَهُم سِوَى جباية الأمْوالِ ونَهْبِ المِصْريّين ...!؟!.
... في بَحْثِهِ عَنْ وَضْعِ نِهايةِ لِتلْك الفَوْضى التي أصابَتْ البِلاد بَعْد رَحيل الفَرَنْسيِّين، ودُخولِ الأتْراك القاهِرة رافِعينَ رايات النَصْرِ الذي لَمْ يُشارِكوا فيه...!؟! – تَوَجَّهَ الجَبَرْتي بِالسُّؤالِ إلى السَيِّد "عُمَر مَكْرَم" نَقيب الأشْراف – بِقَوْلِهِ: كَيْفَ يَكون الخَلاص يا سيِّدي مِنْ مُمارَساتِ جُنودِ الانْكشاريَّة الوَحْشيَّة في السَلْبِ والنَهْب؟ – أجابَهُ النَقيب مؤكِّداً – أنَّ الخَلاص المأْموال سَوْفَ يَكون باعْتِلاءِ "مُحَمَّد عَلي" قائِد الفِرْقَةِ الألْبانيَّة في الجَيْشِ التُرْكي "سُدَّة الحُكْم" – بَيْنَما لَمْ يَكُنْ الجَبَرْتي يَشْعُر بِالارْتياحِ تِجاه ذَلِكَ الألْباني – وكانَ انْطِباعَهُ عَنْهُ عِنْدَما قابَلَهُ بِصُحْبَةِ نَقيبِ الأشْرافْ – هوَ الشُعور بِالرَّهْبَة – فَعَيْنَيْه البارِدَتَيْن تَحْمِلان صَرامة لا تَعْرِف الرَحْمَة...!؟! – وكَيْفَ لِلجَبَرْتي بِمَحَبَّة "مُحَمَّدْ عَلي" أو الوثوق بِهْ، وقَدْ أخْلَفَ كُل وُعودَهُ – فَقَدْ تَعَهَّدَ لِلعُلَماءِ بِتَحْقيقيِ العَدْلِ بَيْنَ الرَعيَّة – وكانَ عُمَر مَكْرَم ضامِناً ذَلِكَ التَعَهُّد – لَكِنَّهُ كانَ أوَّل ضَحاياه – فَما أنْ وَقَفَ العُلَماء خَلْفَهُ وصَعَدوا بِهِ إلى مَقَرِّ الحُكْمِ بِالقَلْعَة – قامَ بِنَفْيِهِ بَعيداً وحَرَّمَ عَلَيْه دُخول القاهِرة – وَوَعَدَ المَماليك بإعادَةِ مَجْدِهِمُ الغابِر – ثُمَّ ساقَهُم إلى القَلْعَةِ ليَأْمُرَ جُنودَهُ بِإعْمالِ الذَبْحِ فيهِم – بِما أُطْلِقَ عَلَيْهِ "مَذْبَحة المَماليك" – وَوَعَدَ الفَلَّاحين بِتَقْسيمِ الإقطاعاتِ القَديمة، ورَفْع ظُلْم المُلْتَزِمين والمُحْتَسِبين عَنْ أعْناقِهِم – ثُمَّ سَلَبَ مِنْهُم كُل شئ – وأصْبَحَ هوَ الماِلِكِ الوَحيد لِكُلِّ أراضي مِصْر...!؟!.
... لَقَدْ مَثَّلَتْ "تَجْرُبَة مُحَمَّد عَلي" في الحُكْمِ صورَة قاسيَة لِمَرْكَزَةِ القوَّة وتَجْميعِها في يَدْ الحاكِم وَحْدَهُ لِلمَرَّة الأولى في تاريخِ الدَوْلَة الإسْلاميَّة – هَذِهِ المَرْكَزيَّة التي ضَمَّتْ قُوى المُجْتَمَع القِتاليَّة (الجَيْش) والإنْتاجيَّة (العُمَّال والفَلَّاحين) والتَنْظيميَّة (الإدارة والتَعْليم والصِحَّة) وحَصْرِها في مَوْقِعٍ واحِد...!؟! – وأدَّى الاخْتِلال في عِلاقَةِ الدَوْلَة بِالمُجْتَمَعِ إلى نَتائِجٍ كارِثيَّة مؤْلِمَة فيما بَعْد – فالدَوْلَة تَجْمَعُ كُلَّ عَناصِرِ القوَّة، بَيْنَما يَعيشُ المُجْتَمَع حالَة التَهْميش والضَعْف وغياب المُشارَكة – هَذا هوَ نَمَطْ "التَوْحيد القَسْري" لِقُدُراتِ البِلادِ التي اقْتَبَسَهُ "مُحَمَّدْ عَلي" في أحَد جَوانبِهِ مِنْ نَموذَجِ الدَوْلَة القَوْميَّة في الغَرْب – وكانَ هذا النَموذَج بِمَثابةِ نَمَط غَريب عَنِ "النَسَق التاريخي العَرَبي الإسْلامي" الذي يَحْتَفِظُ فيهِ المُجْتَمَع بِقَدْر نِسْبي مِنَ الإسْتِقْلاليَّة عَنْ سُلْطَةِ الدَوْلَة – وفي ظِلِّ تَنامي ذَلِكَ النفوذ الطاغي لِمَرْكَزِ القوَّة – انْقَطَعَتْ مَعْ مُرور الوَقْت وبِصورَةٍ شِبْه نِهائيَّة "هَمْزَة الوَصْل الشَرْعيَّة" التي يُمَثِّلُها "الجامِع الأزْهَر" بَيْن المُجْتَمَع والدَوْلَة – وباتَتْ المؤسَّسة الدينيَّة في ظِلِّ "تَجْرِبة مُحَمَّد عَلي" مُسْتَبْعَدة مِنَ الدَوْلَة وَوَظائِفَها – تِلْكَ المؤسَّسة التي كانَ لَها الفَضْل الأكْبَر في تأْييد وتَثْبيت حُكْم مُحَمَّد عَلي في مِصْر بَعْد خُروجِ الفَرَنْسيِّين مِنْها ...!؟!.
... كانَ مِنَ المُمْكِن لِلجَبَرْتي أنْ يُهادِنْ "مُحَمَّد عَلي" وأنْ يَقومَ بِتَسْجيل وَقائِع الأحْداث وِفْقاً لِرَغْبَتِه، فَيَفيضُ عَلَيْه وبِالرِّضا والإنْعام – لَكِنَّهُ آثَر الحَق والحَقيقة – فَيَتَعَرَّض لانْتِقامِ الحاكِمِ الطاغية وغَضَبِه – فَيُصادِر ضَيْعَتَهُ التي وَرِثَها عَنْ والِدِهِ والتي كانَتْ مَصْدَر الدَخْل لِمَعيشَتِهِ وأسْرِتِهْ، ويوعِزُ لِأتْباعِهِ بِقَتْلِ ولده الوَحيد "خَليل" فَيَحْزَن عَلَيْه الجَبَرْتي حُزْناً شَديداً، ويبكيه حتى يَفْقِد البَصَر – إلى أنْ يَلْقَى الله – لِتَشْتَعِلَ النَّار بَعْدَ ذَلِكَ في دارِ الجَبَرْتي بِالصنادقية بِالقاهِرة،وهىَ التي تَضُمُّ مَكْتَبَتِهِ وأوْراقِهْ – ولَمْ يَصِلْ إليْنا سِوَى كِتابَهُ "مَظْهَر التَقْديس" الذي كَتَبَهُ قَبْل وُصول مُحَمَّد عَلي لِلْحُكْم – ولَمْ يَصِل إليْنا سِوَى كِتاب "عَجائِب الآثار" وهوَ عَمَلَهُ الأهَم الذي ظَلَّ مَمْنوعاً مِنَ النَّشْرِ لِمُدَّةٍ طَويلة، وقيام السُلُطات بإتْلافِ النُسَخِ التي تَقَع في أيْديها – وتَمَّ رَفْع الحَظْر عَنِ الكِتابِ في عامِ 1878م – وهوَ العام الذي ظَهَرَتْ فيهِ أوَّل طَبْعَة مِنْ "عَجائِبِ الآثار" – وفي عام (1880م) تَمَّ طَبْعِ الكِتاب كامِلاً في المَطْبَعة الأميريَّة بِبولاق بِالقاهِرة – هذا هوَ العَمَل الأهَم لِلجَبَرْتي الذي انْتَقَدَ فيهِ "مُحَمَّد عَلي" في كَثيرٍ مِنَ الأُمورِ لاسيَّما افْتِقادِهِ لِلعَدْل – هَذا المَوْقِف – لَمْ يَمْنَعَهُ أنْ يَقول كَلِمَة حَق يوَضِّح بِها رأْيَهُ فيه بِقَوْلِهِ "وكانَ لَهُ مَنْدوحة لَمْ تَكُنْ لِغَيْرِهِ مِنَ مُلوك هَذِهِ الأزْمان – فَلَوْ وَفَّقَهُ اللهُ لِشَئٍ مِنَ العَدالةِ على ما فيهِ مِنَ العَزْمِ والرِّياسة والشَهامة والمُطاوَلة – لَكانَ أُعْجوبَة زَمانِهِ وفَريد أوانِهْ..." – فَلَمْ يَكْتُبْ الجَبَرْتي لِمداهَنة أو نِفاقْ، أو لِطاعَةِ وَزيرٍ أو أميرْ، ولَمْ يَخْضَعْ لِهَوىَ أو غَرَض في مَدْحٍ أو ذَمْ – بَعيداً عَنِ الأخْلاق ...!؟! – هَذا هوَ الذي يُمَيِّزُ "الجَبَرْتي" عَنْ غَيْرِهِ مِنَ المؤَرِّخين الذينَ يُسَجِّلونَ وَقائِعِ التاريخِ وِفْقاً لِأهْواءِ الحُكَّامِ وأوْلياءِ الأمْر...!؟!.
"... إنَّ أهَميَّة "الجَبَرْتي" كَمؤرِّخ تَعودُ إلى أنَّهُ يُمَثِّلُ "الحَلَقَة الوَسيطة" بَيْنَ التأْريخِ التَقْليدي، والانْتِقالِ إلى التأْريخِ الحَديث – ومَع تَحَوُّلات القَرْنِ التاسِعَ عَشر ومِنَ الصِفاتِ الهامَّة التي مَيَّزَتْ الجَبَرْتي دِقَّتِهِ في اسْتِقْصاءِ الحَوادِثْ، وتَحَفُّظِهِ في الكِتابة – فَلا يَكْتُب واقِعة أوْ حادِثة حَتَّى يَتَحَقَّق مِنْ صِحَّتِها بِتواتُرِها وشُهْرَتِها – رَغْمَ قِلَّة المَصادِر وصُعوبةِ الكِتابة في ذَلِكَ الوَقْت – لَقَدْ آثَرَ "الجَبَرْتي" الحَقيقة والصِدْق – وأخْلَصَ في كِتابَتِهِ لِلتاريخ – رَغْمَ الثَمَنْ الفادِح الذي دَفَعَهُ وقَدَّمَهُ – فَخَلَّدَهُ التاريخ ...!؟! حَتَّى أنَّ الدُّكْتور مُحَمَّدْ أنيس أحَدْ كِبار أساتِذة التاريخ المحدثين قالَ عَنْهُ
🌴"... الجَبَرْتي أعْظَم المؤرِّخين ...!؟!" 🌴
_________________________________________
آخِر مَقالاتِ:
المستشار/سُليمان عبد الغفار رَحِمَهُ الله
كاتب و مستشار سابق بوزارة الإعلام