يعتبر إعداد المعلم أصبح من الأوليات السياسية في معظم دول العالم، ففي الدول المتقدمة يزداد الاهتمام بضمان توفير الأعداد الكافية والمطلوبة من المعلمين لمواجهة حالات التقاعد المتزايدة مع ضمان جودة الإعداد، في حين نجد في الدول النامية تزايد الحاجة إلى الارتفاع بمستوى مؤهلات المعلمين مع الاهتمام بالجودة.
أنماط وطرق جديدة في التدريس
وفي ظل الاتجاهات التربوية المعاصرة وظهور أنماط وطرق جديدة تستخدم في التدريس، يتضح الحاجة الماسة إلى التغيير في أدوار المعلم المستقبلية، وبالتالي إعادة النظر في برامج إعداده وتدريبه على ضوء الأدوار والتحديات المعاصرة، ولكي تكون هذه البرامج فاعلة فإن ذلك يتطلب إحداث تطوير لها في أهدافها وآلياتها وأساليبها، حتى يتم من خلال هذا التطوير تخطي أوجه القصور الحالية.
أكد الدكتور رضا مسعد رئيس قطاع التعليم الأسبق بوزارة التربية والتعليم والخبير التعليمي، أن التدريس مهنة جديرة باسمها تفرض تركيبا مكثفا ناميا ومنظما من معارف نظرية وتدريبات عملية يمكن إتقانها إتقانا والتمكن منها خلال فترة ممتدة من الزمان من خلال الأفراد الذين اختيروا لاستعدادهم لها، وبذلك يستطيعون تأدية خدمة عامة حيوية أفضل من أية مهنة أخرى في قدرتهم على حل المشكلات التربوية داخل مجال مهنة التدريس.
وأوضح الدكتور رضا مسعد، أن اتجاهات المعلم تمثل جانبا أساسيا من جوانب شخصيته المحددة لسلوكه التعليمي، ويؤثر سلوك المعلم واتجاهاته على نوعية المناخ النفسي والاجتماعي داخل الفصل، كما يؤثر على سلوك التلاميذ وتفاعلهم الاجتماعي، وعلى اتجاهاتهم نحو معلميهم، ونحو الموضوعات الدراسية ومدي استيعابة للمادة التعليمية التي يتلقاها.
وصرح قطاع التعليم الأسبق بوزارة التربية والتعليم، بأنه يجب إعداد المعلمين وتدريبهم، وتطويرهم من حين لآخر ليتماشى مع التطورات الحضارية السريعة الذي يشهدها العصر بهدف تزويد مدرسي المستقبل بالكفايات التعليمية التي تمكنهم من النمو في المهنة وزيادة إنتاجيتهم التعليمية.
وأشار الخبير التربوي، إلى أن تنمر المعلمين بالطلبة، وسيلة مرفوضة وغير تربوية وجريمة يعاقب علية القانون، إذ إن أكثر من 80% من شخصية الإنسان تتشكل خلال السنوات الخمس الأولى، فإن تعرض الطفل للإيذاء لفظياً أو جسدياً، سوف يؤثر في مكونات شخصية الطالب، وتبقى ملازمة له مستقبلاً، وتمتد لطريقته في تربية أبنائه فيما بعد، فالمعلم الذي يفكر في التنمر على الطلبة، غير قادر على استخدام الأساليب التربوية، وهنا تظهر أهمية التأهيل التربوي والأكاديمي لجميع فئات المعلمين.
وشدد الدكتور رضا مسعد، على ضرورة تحسين جودة الأداء لدى المعلمين وممارسة مهنتهم بكفاءة وفعالية، خاصة في ظل بروز المحاسبة والمساءلة لمردود المعلمين ونشاطاتهم الميدانية وأدوارهم المختلفة في مجال التدريس والإرشاد والتربية بصفة عامة، فيجب على المعلم الحرص على عدم إيذاء الطفل وأن يتجنب إظهار سلوكيات عدوانية تجاه المتنمرين؛ حتى لا يُحسب ذلك تنمرًا من ناحيته فيقدم قدوة سيئة لطلابه، لذلك يجب أن يتعامل المعلم بحزم دون أن يتصرف تصرفات غير لائقة.
وتابع أن التنمر منتشر لأنه لا توجد طرق علاجية له ولا يتوقف عند الطلاب مع بعضهم البعض، فهناك تنمر من المعلم على الطلاب وهو من اخطر أشكاله، ويظهر من خلال مدرس يميز الطلبة الذين يشتركون عنده فى المجموعات والدروس الخصوصية ويضطهد من لا يشترك أو سؤاله عن وظيفة والدة وسط زملائه.
وأوضح الخبير التربوي، أن الطرف الرئيسى فى حل تلك الظاهرة ومعالجتها الأخصائى الاجتماعى داخل المدرسة، فدوره حل مشاكل الطلاب والتحدث لولى الأمر ومناقشته للمشكلة، لكن ما يحدث أنه قد يكون سببا رئيسيا فى زيادة التنمر، فالطلاب عندما يلجأون إليه يحثهم على عدم فعل الخطأ مرة أخرى وكأنه ينهى المشكلة، لكنه لا يبحث فى أساسها أو طرق علاجها ولا يصنف الطلاب «عدوانى أو عصبى»،أو يستدعى ولى أمره ويبلغه أن ابنه يعانى من فرط حركة و يبحث معه عن علاج لابنه ويعرضه على طبيب نفسى.
وأضاف "مسعد" أن في الماضي كانت المدرسة في الريف تقتصر أساساً على تعلم الأولاد والبنات المهارات الأساسية في القراءة، والكتابة، والحساب، وكانت الأسرة، والجامع والكنيسة، والمجتمع المحلي يقدمون أغلب نواحي التعلم الأخرى الأساسية في حياة المواطن الصالح، وكانت الحياة بسيطة نسبياً، أما اليوم فالحياة أكثر تعقيداً، وهذا يرجع علي وجه خاص إلى التقدم التكنولوجي الضخم الذي حصلناه، وبالمثل حدثت تغيرات جوهرية كبرى في حياتنا الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية.
وطالب الخبير التربوي، بأهمية وجود برامج متخصصة لتأهيل المعلمين وتدريبهم على التعامل مع الطلبة، لاسيما فيما يخص عملية التأديب، إذ إن عملية السلوك تختلف من طالب لآخر، وهنا ينبغي أن يتمتع المعلم بالمرونة اللازمة، والوسائل المتنوعة للتعامل مع كل طالب بحسب سلوكياته واتجاهاته، مضيفًا انة يمكن عمل يوم ضد التنمير في المدارس واعداد الندوات واستضافة الخبراء النفسيين لتعليم الطلاب عواقب التنمر وكيفية علاجة.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوي، أن التنمر أمر مرفوض في المجتمع التعليمي سواء من الطالب أو المعلم، إذ يعد حاجزاً بين المعلم والطالب، ويفرز نتائج سلبية ويضيع جهود المعلم التعليمية، مهما كان حجمها، فضلا عن فقدان الطلبة للدافعية نحو التعليم، والتهرب من المدرسة، وعدم رغبتهم في لقاء معلمهم، وجميعها شواهد تؤثر سلباً في مخرجات التعليم.
التوبيخ والإهانة ليست علاجاً
وأوضح الخبير التربوي، أن سياسة معاملة المعلم للطالب يجب أن تأخذ مآخذ تربوية، تتمثل في ضبط الانفعال والصمت عن الألفاظ الجارحة والمسيئة، فإن أهم المهارات التربوية للمعلم تكمن في: العطاء في الحب ونشر القيم وضبط الانفعال، مضيفًا أن تنمر بعض المعلمين على الطلبة في المدرسة، يدفع بالطالب إلى العزلة والانطواء والانسحاب من المجتمع، أو إلى إثبات ذاته بردود فعل عدائية تتسم بالعنف والمشاكسة وغيرها من السلوكيات المنحرفة اجتماعياً وأخلاقياً، وتؤدي الآثار السلبية في هبوط مستوى التحصيل الدراسي، والتأخر عن المدرسة، والغياب المتكرر، وعدم المشاركة في النشاط الصفي والطلابي، والتسرب الدائم والمتقطع، ويعد التنمر على الطلبة من الأسباب الرئيسية للتسرب من المدرسة، حيث ينظر الطالب إلى المدرسة وكأنها مؤسسة للترهيب والتخويف والعنف وليست مؤسسة اجتماعية ترعى وتبني شخصيته، موضحة أهمية طريق الحوار والكلام الأبوي والطرائق التربوية، إذ تعد الوسائل الأفضل للنهوض بمستوى الطالب وتحقيق أهداف التربية والتعليم.
وأشار الدكتور محمد فتح الله، إلى أن المتنمرين من المعلمين، مخالفون لأسس تربية وتعليم الأبناء، فالتوبيخ والإهانة والصراخ ليست علاجاً، لما لها من آثار سلبية جسيمة في العملية التربوية، والعلاقة بين الطالب والمعلم، ويجب أن تكون هناك برامج توعوية متجددة للمعلمين نظرياً وعملياً حول عملية التأديب الطلابي.
وأضاف الخبير التربوي، أن التوبيخ والإهانة والصراخ، أساليب لاتليق بالعملية التعليمية، إذ إن هناك أساليب يستطيع المربي الناجح، الاستناد إليها في كسب الطالب وتشجيعه وتطويعه لفهم المادة، واتباع العديد من الطرق الناجحة للاستيعاب والفهم بالطريقة المثلى، لبناء علاقات طيبة مع الطلبة، موضحين أن التعليمات صريحة، واللوائح واضحة في منع التنمر بأشكاله، سواء بين الطلبة أو من المعلم للطالب، وينبغي على الجميع الالتزام تربوياً وتعليمياً.
علامات تدل على تعرض الطفل للتنمر
يصبح الطفل فجأة انطوائيا وينعزل عن غيره في الحديث أو اللعب .
يصيبه الاضطراب عند تذكر المدرسة ، ولا يتحدث عن ما يحدث له فيها ، أو أي أمر يدور .
يتحجج بالمرض لعدم رغبته في الذهاب للمدرسة .
تعرضه للشتائم أو إصابته بكدمات أو جروح ويحاول أحيانا إخفائها .
قد يحدث تقطيع لملابسه أو سرقة أغراضه باستمرار .
يحدث هبوط في مستواه الدراسي بسبب توتره .
يفقد شهيته للطعام وقد يمتنع عنه .
يفقد ثقته بنفسه .
يتعرض أحيانا للكوابيس .
في بعض الأحيان نتيجة للعنف الزائد والمتكرر يتبول في فراشه ليلا .