قضت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة بمجازاة مدير عام بالجهاز المركزي للمحاسبات و4 سائقين بعد ثبوت إرتكابهم مخالفات مالية جسيمة بصرف كميات كبيرة من السولار للسيارات بالزيادة عن الإستهلاك الفعلي وتزوير بنود قراءة العداد في أوامر التشغيل مما ترتب عليه الإضرار بالمال العام.
وبرأت المحكمة مشرف حركة السيارات لعدم صحة ما نسب اليه من مخالفات.
تضمن الحكم في القضية رقم 31 لسنة 63 قضائية عليا مجازاة المحالين من الأول حتى الرابع، السائقين بقطاع وسائل النقل بالجهاز المركزي للمحاسبات، بخصم أجر خمسة وعشرين يوما من راتب كل منهم وبراءة المحال الخامس محمد علي جمعة، مشرف حركة السيارات ومجازاة المحال السادس مدير عام إدارة الإمداد والتموين بقطاع وسائل النقل بالجهاز بعقوبة التنبيه.
وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن المحالين من الأول حتى الرابع نُسبت إليهم مخالفات تمثلت في زيادة كبيرة بمعدل استهلاك وقود السيارات قيادة كل منهم عن المعدل الطبيعي خلال الفترات المنوه عنها دون مبرر، فتجاوز المحال الأول سائق السيارة رقم (762 ط ب ر) المعدل المعتاد للاستهلاك بما يقارب الضعف خلال شهري مارس وابريل 2018، حيث استهلك (480 لتر سولار) خلال الشهر الواحد في حين أن المعدل الطبيعي لاستهلاك السيارة شهريا هو (240 لتر) وهو ما تبين قطعا بالأوراق.
كما تجاوز المحال الثاني سائق السيارة رقم (234 ف ن د) المعدل المعتاد للاستهلاك خلال شهر ابريل 2018، إذ استهلك (1200 لتر سولار) رغم أن المعدل الطبيعي هو (960 لتر)، كما تجاوز المحال الثالث سائق السيارة رقم (758 ط ب ر) المعدل المعتاد للاستهلاك خلال شهري يناير وفبراير 2018، إذ استهلك (360 لتر سولار) خلال الشهر الواحد في حين أن المعدل الطبيعي لاستهلاك السيارة شهريا هو (240 لتر)، كما تجاوز المحال الرابع سائق السيارة رقم (129 ف ن د) خلال شهور يناير وفبراير ومارس ويونيو ويوليو 2018، إذ استهلك (1780 لتر سولار) خلال الشهر الواحد في حين أن المعدل الطبيعي لاستهلاك السيارة شهريا هو (662 لتر).
وأقر السائقون بتلك الزيادات، دون تقديم مبررات ترقى لتكون سببا فيها، وأتضح من الأوراق أنه خلال ما سبق الفترات محل الاتهام وما تلاها كانت نسبة استهلاك الوقود بالسيارات قيادتهم طبيعية، فلا محل والحال كذلك للادعاء بوجود أعطال ميكانيكية ترتب عليها زيادة الاستهلاك، وإلا ما عادت نسبة الاستهلاك لطبيعتها بعد تلك الفترات التي لم يتخللها إصلاح لعيوب تُذكر بالسيارات المنوه عنها.
وأفادت الأوراق بجلاء بأن أعطال عدادات تلك السيارات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بزيادة استهلاك الوقود، مما يثبت معه في حق المحالين ما نُسب إليهم من إساءة استخدام السيارات قيادتهم مما ترتب عليه زيادة استهلاك الوقود المخصص لها عن معدلاته المعتادة.
وبشأن ما نُسب إلى المحالين الأول والثالث من قيامهما بالكشط والتعديل ببند "قراءة العداد" بأوامر الشغل للسيارتين قيادتهما، فإن الثابت بالأوراق ومن أقوالهما أن عدم إجادتهما القراءة والكتابة باللغة الانجليزية أدى إلى وقوعهما في الخطأ إبان نقل بيانات العداد بالسيارتين قيادتهما، فيضطران إلى تعديل البيان بأمر الشغل، وإذ تبين من الأوراق أنه لم يتم تغيير واقع البيانات أو التزوير فيها، فإن القول بمخالفتهما مقتضى واجبهما الوظيفي يضحى غير قائم على سند من واقع.
وما نسب للمحال الثالث من تراخيه في اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال الإبلاغ عن تعطل العداد الخاص بالسيارة قيادته، فإن الأوراق قد أفادت بجلاء أن أوامر الشغل ثابت بها تعطل العدادت، فضلا عن أن البين من الأوراق جميعها أن العديد من السيارات كانت العدادات بها مُعطَّلة في الوقت ذاته، كما أن الإبلاغ عن الأعطال بحكم الأعمال اليومية للسائقين يُكتفى فيه بإبلاغ الرئاسة الأعلى لتتولى القيام بدورها وواجبها نحو إصلاح الأعطال وتذليل العقبات التي تواجه السائق في أعماله، فلا يؤخذ السائق بجريرة غيره في إهماله متابعة الأعطال والقيام على إصلاحها، مما لا يقوم معه في شأن هذا المحال محل لاتهام بتلك المخالفة، بريئة ساحته منها.
وبشأن ما نُسب إلى المحال الخامس من إهمال في الإشراف على أعمال المحالين الأول والثالث مما ترتب عليه قيامهما بالكشط والتعديل ببند قراءة العداد وأوامر الشغل للسيارتين قيادتهما، فإن الثابت بالأوراق أنه مشرف حركة السيارات بالقطاع محل عمل هذين المحالين، وقد انتهت المحكمة فيما تقدم إلى براءتهما مما نُسب إليهما من مخالفة في هذا الشأن، ومن ثم فإنه لا مخالفة يمكن اسنادها إلى المحال المذكور.
وتبين أن النظم المعمول بها في تلك الفترة محل الاتهام لم تكن تضمن انتظاما واضطرادا للعمل بما يحدد أطرا لدور مشرف الحركة ومدى مسئوليته عن تحرير بيانات والتعديل فيها من سائقين لا يؤهلهم مستواهم العلمي إلى نقل البيانات المحررة باللغة الإنجليزية بيسر وسهولة، كما أنه في ضوء عدم القول بأن البيانات المحررة تضمنت تغييرا للواقع، فلم يكن لهذا المحال التدخل بعدما قام المحالين المذكورين بتعديل البيانات بنفسهما باعتبار تحريرها هو من مسئولياتهما، مما تبرأ معه ساحته من اتهام
وبشأن ما نُسب إلى المحال السادس من صرف كميات من السولار للسيارات قيادة المحالين من الأول حتى الرابع تزيد على المعدل الطبيعي لكل منها، فإن الثابت من أقواله أنه بالفعل صرف بونات الوقود الزائدة بناء على طلب المحالين، دون إطلاع على عدادات السيارات لكونها معطلة، ومن ثم يثبت في حقه إهمالا في الاضطلاع بدوره في الحرص على ما وكل إليه من أمر يتعلق بأموال محل عمله، فكان الأحرى به إثارة الأمر بعد مطالبة السائقين له بإمدادهم ببونات وقود جديدة، بحسبانه يعلم علم اليقين المعدل الطبيعي لاستهلاك الوقود لكل سيارة من السيارات آنفة البيان، وخط سيرها، ولا ينال من ذلك القول بأن العدادت كانت معطلة، ذلك أن الأمر لم يكن يتطلب تحديدا دقيقا للمسافات التي قطعتها كل سيارة، وإنما كان يكفي الوقوف على تجاوز المعدلات الطبيعية لاستهلاك كل سيارة، والتي تكررت دون مبرر يشفع لسائقي تلك السيارات في تجاوز هذا المعدل المعتاد.