فضل قراءة سورة الملك قبل النوم .. وردت أحاديث تحث على قراءة سورة الملك التي تبلغ نحو 30 آية، لأنها تشفع لصاحبها وتنجيه من عذاب القبر، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل ليلة قبل النوم.
سورة الملك من سور القرآن العظيمة التي صح الحض على ملازمة تلاوتها ، وورد الأثر بأنها تقي صاحبها من عذاب القبر، وروى أبو داود (1400) والترمذي (2891) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ».
والحديث السابق دال على فضل سورة الملك، وأنها تشفع لصاحبها يوم القيامة، أي: للذي يقرؤها، وليس في الفضل الوارد بشفاعة هذه السورة لصاحبها، تقييد بقراءتها ليلا أو نهارا، وإنما الظاهر منه أن يكون له بالسورة مزيد عناية، ورعاية، حفظا، وفهما، وقياما بها، لا سيما في صلواته.
سبب تسمية سورة الملك
وسميت سورة الملك بهذا الاسم لأنها تتحدث عن أنواع الملك، وتؤكد أن الملك لله وحده لا شريك له، وقد أطلق عليها عدة أسماء مثل السورة المنجية، كونها تنجي قارئها من عذاب القبر، وأطلق عليها ابن عبّاس اسم المجادلة، كونها تجادل عن قارئها في القبر، ولسورة الملك فضائل عديدة سنذكرها لكم تفصيلًا.
فضائل قراءة سورة الملك
وذكرت أحاديث فضائل قراءة، نذكر منها:
أولًا: تمنع سورة الملك من عذاب القبر، كما ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر» (صحيح)، وحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ سورة الملك ثم يؤتى من قبل صدره أو قال بطنه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك فهي المانعة تمنع عذاب القبر وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب» (حسن).
ثانيًا: تشفع سورة الملكلقارئها وتغفر له وحديث: «إن سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك».
ثالثًا: تكون سورة الملك سببًا في إدخال قارئها الجنة: «إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته من النار وأدخلته الجنة» (حسن)، وأيضًا حديث: «سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة وهي تبارك» (حسن).
رابعًا: من قرأ سورة الملك في كل ليلة تمنع عذاب القبر: عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قال: «من قرأ "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ" كلَّ ليلةٍ؛ منعه اللهُ عز وجل بها من عذابِ القبرِ، وكنا في عهدِ رسولِ اللهِ نسميها المانعةَ، وإنها في كتابِ اللهِ عز وجل سورةٌ من قرأ بها في ليلةِ فقد أكثر وأطاب» (حسن).
خامسًا: الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يداوم على سورة الملك، فكان عليه الصلاة والسلام لا ينام حتى يقرأ: «الم، تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ» [السجدة:1-2] و«تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» (صحيح).
سورة الملك كاملة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30).
التعريف بسورة الملك
سورة الملك سورة مكية، أي نزلت قبل هجرة النبي - عليه الصلاة والسلام - من مكة إلى المدينة المنورة، وهي من السور المُفصّلة، وعدد آياتها ثلاثون آيةً، وفي ترتيبها بين سور القرآن الكريم فهي السورة السابعة والستون، وقد نزلت بعد سورة الطور.
وقد بدأها الله سبحانه وتعالى بأسلوب الثناء، بقوله تعالى «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»، وهي السورة الأولى من الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم، وقد سُمّي هذا الجزء نسبةً لها باسم جزء تبارك، ويقع ترتيبها في الحزب رقم سبعةٍ وخمسين، وفي الربع الأول.
محور مواضيع سورة الملك
تتحدث سورة الملك عن موضوعِ العقيدة، وما جاء فيها من مسائل كبرى تتعلق بإثبات وحدانية الله سبحانه وتعالى، وقدرته على إحياء الخلق وإماتتهم، وقدرته عليهم، وجاءت بالكثيرِ من الأدلةِ والبراهينِ على أنَّ الله سبحانه وتعالى واحدٌ لا شريك له، كما تحدّثتْ السورة عن جزاءِ المكذبين الذين جحدوا بالبعث والنّشور.
الدروس المستفادة من سورة الملك
هناك العديد من الدروس المستفادة من سورة الملك، أبرزها:
-التأكيد على ضرورة التفكّر في خلق الله تعالى، لما في ذلك من خيرٍ عائدٍ على الإيمان بالله تعالى، واليقين بقدرته.
-استيقان أنّ الحكمة من خلق الله تعالى للخلق أن يختبرهم في الحياة الدنيا، ليتبين أهل الخير من المفسدين.
-تميّز خلق الله سبحانه بالإحكام، والإتقان البديع، ممّا يثير دهشة المتأمّل المتفكّر.
-ضرورة سعي المؤمن وبحثه عن رزق الله في الأرض، مع يقينه أنّ الله سبحانه هو الرزّاق.
-الماء أساس الحياة، فعلى المؤمن أن يحافظ عليه، فلا يسرف في استعماله.
أسماء سورة الملك
تعدّد أسماء سورة الملك، فمنها ما ورد عن النبيّ عليه السلام، ومنها ما ذكره أصحابه رضوان الله عليهم، ومن الأسماءٍ التي وقف عليها أهل العلم، ووردت في كتب التفاسير:
سورة الملك، وهو الاسم الأشهر لها.
سورة تبارك الذي بيده الملك.
المانعة.
المُنجية.
الواقية.
المنّاعة.