الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نعمة محمد الشنشوري تكتب: سالموا تسلموا

صدى البلد

السلام هو الأصل في العلاقات بين الأشخاص والمجتمعات الإنسانية والدول، وهو تشريعٌ إلهيٌ يحاكي الفطرة السليمة للإنسان، فسبحان الله تعالى القائل في كتابه العزيز: " وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "، (الأنفال ٦١) أي: إنْ مالوا إلى المسالَمَة والمصالحة والمهادنة؛ فَمِلْ إلى ذلك، واقْبَلْهُ منهم، كما وقع في صلح الحديبية لَمَّا طلبَ المشركون الصلحَ ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله ﷺ ، فقد أجابهم النبيُّ ﷺ إلى ذلك مع ما اشترطوا عليه من الشروط؛ رغبةً في السلم والمسالمة. لأن الأصل في الحياة هو السلام، والبحث عن أسباب الأمن والاستقرار والرخاء، والبعد عن كل ما يؤدي للخراب والحروب والدمار، وتدمير القوى، وتبديد الخيرات.

والسلام هو أمان الفرد على النفس والمال، وهو معنى عظيم لا تتحقق طمأنينة الفرد والمجتمع واستقرارهما إلا به، فلا يستطيع الفرد أن يمارس أمور حياته الضرورية من دراسة وعمل وعلاقات اجتماعية دون شعور بالأمان، كما أنّ السلام طريق الفرد إلى الإبداع وتحقيق التقدّم العلمي والعمراني، مما يجعله أمرًا ضروريًا لنماء المجتمعات وتطورها وازدهارها.

والسلام ليس معناه الاستسلام والضَّعْف، وإنما هو سلام قوة… لا استسلام ضعف؛ لقول _الله تعالى_ : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (آل عمران: ١٣٩). وهناك بعض المتعنتين المتكبرين الذين يفسِّرون السلامَ تبعًا لأهوائهم وعنصريتهم ولا يرضخون للحق إذا كان صاحبه ضعيفًا، ويرفضون مبدأ السلام العادل، إذا عارض عنصريتَهم وشهواتهم، فهذا النوع ظالم لنفسه أولًا، ولغيره ثانيًا، وقد أعد الله له عذاب جهنم سعيرًا، وأمرنا الله بالإعراض عنه لكونه جاهلًا للحق الإنساني.

ونحن نسير على خطى  رسول الله ﷺ حين قال:   "من ظلم معاهَدًا أو انتقصه حقًّا أو كلَّفَه فوق طاقته أو أخَذَ منه شيئًا بغير طِيب نفسٍ منه، فأنا حجيجه يوم القيامة" (رواه أبو داود)، وقد قال ﷺ أيضًا "مَن قَتَلَ نَفْسًا مُعاهَدًا لَمْ يَرِحْ رائِحَةَ الجَنَّةِ، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عامًا".      (رواه البخاري).