الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد البدوي سالم يكتب: دور الحوكمة في الحد من الفساد

صدى البلد


يعـد الفسـاد الإداري مـن أهم التحديات التي تواجه مشروعات التنمية الشاملة، وتعيق تنفيذ استراتيجيات الدول والمؤسسات التي تتبعها، ويقف حجر عثرة أمام خطط التنمية التي تضعها الحكومات، ومن صور الفساد الإداري غياب المسؤولية والبيروقراطية، والشفافية، وإهدار المال العام، وإقصاء الأكفاء، وتضارب المصالح والمحسوبية بما ينعكس سلبًا على أداء المؤسسات، ويعرقل خارطة التنمية، ونظرًا لخطورة الفساد الإداري يأتي دور الحوكمة لمحاربة تلك الظاهرة والقضاء على تلكم الآفة التي تنخر في بنية الدولة ومؤسساتها، وتهدد مستقبلها، وتحفها بالمخاطر.
والحوكمة (Governance) هي: مجموعة من القواعد والقوانين والمعايير والإجراءات التي تجرى بموجبها إدارة المنظمات، والرقابة الفاعلة عليها، ويقع على عاتقها مسؤولية تنظيم العلاقة بين الأطراف الفاعلة في المؤسسة، وأصحاب المصالح، وتساعد القائمين على تحديد توجه وأداء المنظمة. وتعني أيضًا مجموعة القواعد والقوانين والأسس التي تضبط عمل المؤسسات والشركات، وتحقق الرقابة الفعالة على مجلس إدارتها، وتنظم العلاقة بينها وبين أصحاب المصلحة، وذلك في سبيل تحقيق الشفافية والعدالة ومكافحة الفساد.
ومن الجهود التي اهتمت بها الجمهورية الجديدة القيام بإطلاق الاســـتراتيجية الوطنيـــة لمكافحـــة الفســـاد فـــي اليـــوم العالمـــي لمكافحـــة الفســـاد بتاريـــخ 9/12/2014 تحـــت رعايـــة الســـيد/ رئيـــس الجمهورية،  بحضور السيد رئيس مجلس الوزراء بصفته رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد والجهات المشاركة في التنفيذ، وبعض المنظمات الدولية بمقر هيئة الرقابة الإدارية، وتم إرســـال المرحلة الأولى من الاستراتيجية إلـــى كافة الجهات المعنية بالتنفيـــذ، ومنهـــا وحدات الجهـــاز الإداري للدولـــة من وزارات ومحافظـــات وجامعـــات، بواقـــع عـــدد 84 جهـــة، وتعييـــن منســـقين بتلـــك الجهـــات وتكليفهـــم بتشـــكيل مجموعات عمـــل لوضع خطة فرعيـــة تتفق مع الأهداف الرئيســة للاســـتراتيجية، والمـــدى الزمني المحـــدد لها، والمتابعـــة مع اللجنة الوطنيـــة الفرعية التنســـيقية للوقاية من الفســـاد ومكافحته.
ولقد ضربت وحدات الجهـــاز الإداري بالدولـــة أروع الأمثلة في تنفيذ المرحلة الأولى من الاستراتيجية (2014 – 2018)، بمعاونة الجهات المعنية، لتنطلق المرحلة الثانية (2019 – 2022) حيث انتهت الأولى، وتولت اللجنـــة الوطنية الفرعية التنســـيقية للوقايـــة من الفســـاد ومكافحته مهمة متابعـــة تنفيـــذ الاســـتراتيجية، كمـــا تولـــت أمانتهـــا الفنيـــة مهمة رصـــد ومتابعـــة أفضل الممارســـات الناجحـــة، وكذلـــك الوقـــوف علـــى التحديـــات التـــي واجهت تنفيذ الاســـتراتيجية في نســـختها الأولى.
ويقوم منهج الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2019 - 2022) على عدة أسس، هي:
1- رصـــد أهم مظاهر الفســـاد والتحديـــات الناتجة عـــن تنفيـــذ المرحلـــة الأولـــى مـــن الاســـتراتيجية وســـبل التغلـــب عليها.
2- التحديـــد الدقيق للأهداف، مـــع مراعاة تحقيقها عبر الأمد القريب والمتوســـط.
3- تحديـــد الإجـــراءات التنفيذيـــة الواجـــب اتباعهـــا لتحقيـــق أهـــداف ومعالجـــة الظواهـــر المســـببة للفســـاد.
4- وضع آليـــات لتنفيـــذ الخطة الوطنيـــة لمكافحة الفســـاد عقـــب التشـــخيص الدقيـــق لمشـــكلة الفســـاد، والوقوف على أســـبابه، ودراســـة تحديات تنفيـــذ المرحلـــة الأولـــى مـــن الاســـتراتيجية.
5- تحديد البرامج والأنشـــطة التنفيذية للمشاركة الفاعلـــة فـــي الوقايـــة من الفســـاد بكافـــة الجهات المعنيـــة، وعلـــى رأســـها الأجهـــزة الرقابيـــة، وجهات إنفـــاذ القانـــون، والأجهـــزة الحكوميـــة، ومنظمـــات المجتمع المدني.
ويأتي دور الحوكمة ليشغل دورًا رئيسا في مبادئ الاستراتيجية، والذي يتعين منه أن تتولى الحكومة تطبيقه، والذي يتمثل في اتباع مبادئ الشـــفافية والنزاهة والكفاءة والفاعليـــة والمســـاءلة، والمحاســـبة ووضع إجـــراءات واضحة وفعالة؛ لتحقيق أهداف راســـخة تتســـم بالقـــدرة والمرونة على الاســـتجابة إلى الاحتياجـــات الاجتماعية.
ولا تتحقق الحوكمة ولن تؤتي ثمارها إلا بالتعـــاون والتنســـيق بيـــن كافـــة الأطـــراف المعنيـــة الحكوميـــة والقطـــاع الخـــاص والمجتمـــع المدنـــي، بمـــا يضمـــن وحـــدة وتجانـــس تنفيـــذ سياســـات مكافحـــة الفســـاد.
ثم يأتي مبـــدأ المســـاءلة والـــذي بمقتضاه تكـــون كافة ســـلطات الدولة مســـئولة عن القيـــام بواجباتها فـــي تنفيذ الاســـتراتيجية، والخطـــة التنفيذية، وضمـــان فعاليتها، بما يحقق احترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، ثم يأتي مبـــدأ الفاعليـــة في مكافحة الفســـاد، والـــذي يرتكز على الرصـــد والتقييم المســـتمرين لجهود مكافحة الفســـاد؛ بهـــدف حصـــر أوجـــه القصور، ووضـــع الإجـــراءات الملائمة؛ لتلافيهـــا في الوقت المناســـب، واتخـــاذ التدابير اللازمـــة لتداركها، ومن مهام الحوكمة أيضًا  القيام بالدور الوقائي والتدخـــل المبكـــر الـــذي بموجبـــه يمكـــن تقليص فـــرص وقوع الفســـاد والقضـــاء عليه قبل استفحاله، يتبين منه في جلاء دور الحوكمة في الحد من الفساد في ضوء الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2019- 2022.