محافظة أسوان عاصمة الشباب والإقتصاد والثقافة الإفريقية بالقارة السمراء والتي تضم العديد من المقومات الطبيعية والتاريخية والتراثية ، فضلاً عن تنوع المنتج السياحى بها .
وفى هذا الإطار نستعرض عبر منصة " صدى البلد " أبرز المقابر التاريخية التي تتواجد داخل عروس الجنوب ، وهى المقابر الفاطمية بمدينة أسوان والتي تضم مجموعة من القباب التي يتميز شكلها بوجود أوجه أضلاع ثمانية متقابلة للقبة من الخارج بما يعرف بالقرون ، ويرجع تاريخ القباب الموجودة في الجبانة الفاطمية إلي القرن الرابع الهجري ، كما أنها ترجع إلى العصر الفاطمى وهي تعتبر من الطرز المعمارية الفريدة التى استخدمت فى حضارات إسلامية سابقة لا يوجد مثيلاتها فى مصر .
وقد أوضح محمد أبو المجد مدير عام مناطق الأثار الإسلامية والقبطية بأسوان بأن الإدارة الهندسية بالمجلس الأعلى للأثار قامت بالتنسيق مع مركز بحوث كلية الهندسة بجامعة القاهرة والذي قام منذ نحو4 أشهر بزيارة لموقع المقابر الفاطمية ، وتم عمل جسات وآخذ عينات من الأرض وبعض المناسيب للمياه الجوفية .
وأقرأ أيضاً:
وأشار محمد أبو المجد إلى أنه بناءاً على ذلك تم إعداد دراسة بمعرفة هندسة القاهرة للتخلص من كافة كميات نبات الهيش والبوص داخل المقابر الفاطمية حيث أنه سيتم البدء قريباً في تنفيذ ذلك ، ليعقبه القيام بتنفيذ مشروع تخفيض مناسيب المياه الجوفية بالمقابر الفاطمية وذلك بتكلفة تصل لأكثر من مليون جنيه دعماً من المجلس الأعلى للأثار حيث سيتم وضع مواد عازلة تحد من عودة ظهور نبات الهيش مرة أخرى بالمقابر .
وأضاف أبو المجد بأن ذلك يتطلب بالتوازى تنفيذ القرار السابق الخاص بغلق الجبانة الفاطمية أمام عملية الدفن حيث أنه تم إنشاء جبانة بديلة بمنطقة غرب أسوان بمبلغ 3 مليون جنيه خلال السنوات الماضية دعماً من المجلس الأعلى للأثار ، موضحاً بأن المواطنين يقومون حالياً برى الزراعات حول مقابر مواتهم بالجبانة الفاطمية مما يتسبب في زيادة منسوب المياه الجوفية وبالتالي التأثير السلبى على المقابر الفاطمية التي تم إنشاؤها بالطوب اللبن في العصر الفاطمى .
وتعد المقابر الفاطمية تضم حوالي 80 مقبرة، ولكن نتيجة لعوامل الزمن ، وضعف مادة الطوب اللبن المستخدمة فى البناء، بالإضافة إلي التوسع العمراني، لم يتبق منها اليوم سوى 30 مقبرة فقط ، وتم بناء سور بطول 600 كيلو متر حول الجبانة والمخزن المتحفى، وترميم القباب، واستكمال وتدعيم الأجزاء، وعزل الأساسات لإزالة الرديم من القباب الأثرية، وعمل أبواب وشبابيك وسد جميع الفتحات، للحفاظ على الآثار.
وأهم ما يميز مقابر الفاطميين في أسوان تلك القباب المنتشرة، والتي يعتبرها الآثريين حلقة مهمة فى تطور عمارة القباب والعمارة الإسلامية بشكل عام، خاصة وأنها تتميز بالتنوع فى الشكل والطراز الذي تم تصميمه بها، ويعود تاريخ بنائها إلى بدايات القرن الأول الهجرى، ومنتصف القرن السادس الميلادى، ودليل ذلك شاهد القبر الذي يعود للعام 31 هجريًا بإسم عبدالرحمن الحجزى أو الحجازى، فتاريخ الجبانة الفاطمية يرجع إلى سنوات فتح العرب لمصر، ولتأمين الحدود الجنوبية تم إرسال بعض الجنود إلي أسوان، وذلك لصد هجمات قبائل النوبة، وقد وقعت العديد من المعارك الضخمة بين الطرفين، وتم دفن الشهداء في تلك المنطقة، ثم توالي الدفن لقرون طويلة.
وقد أُطلق علي المقابر الفاطمية إسم "القباب الفاطمية" لكثرة القباب التى بنيت بها، والتى تعود إلى العصر الفاطمى فى فتراته المختلفة، فقد قام الفاطميين بوضع القباب فوق قبور موتاهم طبقًا للمذهب الشيعى، وتعتبر تلك القباب ذات عناصر معمارية مميزة، وأرض خصبة للباحثين والدارسين والمهتمين بشؤون العمارة والفن الإسلامى، وذلك لما اشتملت عليه من عناصر معمارية متميزة، سواء من حيث العقود المتنوعة، أو الأبواب المحورية، ومراحل الانتقال المختلفة، بالإضافة إلي تنوع شكل القبة نفسها، الأمر الذى يقودنا إلى الحديث عن براعة المعمارى والفنان الذى تفوق على نفسه وأبدع عندما خالف قواعد العمارة المألوفة فى تشييد القبة.
أما عن أهم العلماء الذين قاموا بدراسة القباب الفاطمية، علي رأسهم العالم الإيطالي مونيريه دي فيلارد، والذي قام بترقيم القباب إلي 55 قبة، والعالم البريطاني ارشيبالد كاميرون كريزويل، والعالم المصري فريد شافعى أستاذ العمارة الإسلامية، وقاموا بتأريخ مجموعة من القباب الموجودة فى الجبانة، وفى 2006 قامت البعثة الألمانية بترميم بعض الأجزاء، واستمرت عملية الترميم حوالي 8 سنوات، وإن كانت بعض المقابر الأخري في حاجة إلي ترميم، خاصة في ظل تأثير تسرب المياه الجوفية على مقابر وقباب الجبانة، حيث نمت فيها النباتات والحشائش البرية.
بنيت المقابر الفاطمية بنظام الحوائط الحاملة كغيرها من الآثار الإسلامية، أي في قوالب متراصة، وكانت مادة البناء السائدة في هذه المقابر هو الطوب اللبن، باستثناء بعض الأجزاء، مثل العقود ورقاب القباب والقباب نفسها، فقد بُنيت من الآجر، كما ظهرت شرائط حجرية في بعض هذه المقابر، خاصة في المقابر رقم 10 و13 و25 من المجموعة الشرقية من الجبانة القبلية، كما ظهرت تكسيات جصية في بعض المقابر الأخري، مثل المقابر رقم 12 و31، من المجموعة الشرقية من الجبانة القبلية، والمقبرة رقم 5 من المجموعة الغربية من الجبانة القبلية.