الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد البدوي يكتب: التخطيط الاستراتيجي المتقدم بجامعة الأزهر

صدى البلد

يعد التخطيط الاستراتيجي المتقدم من دلالات التميز، وأول خطوة نحو النجاح، ولا يتصور نجاح دون تخطيط، ورسم للرؤى ودراسات متعمقة للأهداف، ونظرًا لأهمية التخطيط الاستراتيجي المتقدم في تحقيق التنمية الشاملة، قامت مصر في 2016 بإطلاق الأجندة الوطنية "رؤية مصر ٢٠٣٠" "لتعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة؛ لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة".
ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها رؤية مصر ٢٠٣٠ العمل على تحقيق التنمية المستدامة الشاملة، والتنمية الإقليمية المتوازنة، "وتعكس رؤية مصر ٢٠٣٠ الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي". 
ونظرًا للدور الإقليمي والدولي الذي تتحمله مؤسسة جامعة الأزهر، كأحد مؤسسات الدولة، وأحد أهم روافد شرايين القوى الناعمة في العلاقات الدولية مع دول قارة أفريقيا وباقي دول العالم، إذ إنها تحتضن في مختلف كلياتها الشرعية والعملية ما يقرب من 400 ألف (أربعمائة ألف) طالب وطالبة من الطلاب الوافدين في مراحل التعليم الجامعي المختلفة (الإجازة العالية أو البكالوريوس والدراسات العليا الماجستير والدكتوراه)، من مختلف بلدان العالم -أكثر من مائة دولة. كل هذه الأمور تجعل من التخطيط الاستراتيجي وسيلة فاعلة في قراءة الواقع والمستقبل؛ لذا قامت الجامعة برئاسة أ.د/ محمد حسين المحرصاوي وقيادات الجامعة، بالاهتمام بالتخطيط كأحد مقومات التنمية، وجعلت من أهداف رؤية مصر 2030 مظلة انبثقت منها خطتها الاستراتيجية 2018- 2022؛ لتنطلق منها نحو الخطة الاستراتيجية المتقدمة، وتسخير كافة مواردها لتحقيق تلك الأهداف.
• وقفة مع رؤية جامعة الأزهر.
تتطلع جامعة الأزهر -وفق رؤيتها المنشورة على الموقع الرسمي للجامعة- باعتبارها من أقدم جامعات العالم إلى تعزيز دورها الرائد عالميا في تقديم الفكر الإسلامي الصحيح القائم على الوسطية، والتميز في ميدان التعليم الجامعي والبحث العلمي، وبناء الشخصية الإسلامية المعتدلة والبناءة بما يسهم في تطوير الحضارات الإنسانية.
وتتفق رؤية جامعة الأزهر مع الهدف الأول لرؤية مصر 2030 الخاص "بالارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته بالحد من الفقر بجميع أشكاله، والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وإتاحة التعليم وضمان جودته وجودة الخدمات الصحية، وإتاحة الخدمات الأساسية، وتحسين البنية التحتية، والارتقاء بالمظهر الحضاري، وضبط النمو السكاني، وإثراء الحياة الثقافية، وتطوير البنية التحتية الرقمية".
• وقفة مع رسالة جامعة الأزهر.
انطلاقًا من رسالة جامعة الأزهر، فإنها تحرص على "تقديم برامج أكاديمية تتفق مع المعايير الإقليمية والعالمية، وتقوم على تطوير البحث العلمي بما يجمع بين دراسة التراث الإسلامي والإنساني ومستحدثات علوم العصر وتطبيقاته، محتفظة بخصوصيتها في الجمع بين الأصالة والمعاصرة". 
والمتأمل في رسالة جامعة الأزهر يجد أن الجامعة صدرت رسالتها بالاهتمام بالبرامج الاكاديمية والعمل على تطويرها بما يتفق مع المعايير الإقليمية والعالمية، وتقوم على تطوير البحث العلمي، بما يتفق مع الهدف الرابع من أهداف رؤية مصر 2030 الخاص بالمعرفة والابتكار: "تتخذ مصر المعرفة والابتكار والبحث العلمي ركائز أساسية للتنمية، وذلك من خلال الاستثمار في البشر، وبناء قدراتهم الإبداعية، والتحفيز على الابتكار، ونشر ثقافته، ودعم البحث العلمي وربطه بالتعليم والتنمية".
وتقوم رسالة جامعة الأزهر على عدة ركائز أساسية هي:
1. تقديم رسالة الإسلام القائمة على الوسطية والاعتدال، من خلال نشر التراث العربي والإسلامي وثقافة السلم المجتمعي والتعامل مع القضايا المعاصرة ومخاطبة العالم بلغاته المختلفة، ومناهضة الفكر المتطرف من خلال خريجيه الملمين بأصول الدعوة الإسلامية، القادرين على التواصل محلية وإقليمية وعالمية.
وتتفق هذه الركيزة مع الهدف السابع لأهداف رؤية مصر 2030، الخاص بحفظ السلام والأمن المجتمعي ومكافحة التطرف بكافة صوره، كما تتفق أيضًا مع الهدف الثامن الخاص بتعزيز الريادة المصرية.
2. ربط برامجها الأكاديمية باحتياجات سوق العمل من خلال خريجيها المتخصصين في شتى المجالات، الممتلكين لمهارات استخدام التقنيات الحديثة.
3. توفير مناخ البحث العلمي والتكنولوجي، وتقديم الاستشارات المختلفة، والإفادة من منجزات العصر الحديث.
4. تقديم الخدمة المجتمعية، وتنمية البيئة من خلال نشر الوعي الديني والثقافي والصحي، والانفتاح على الفكر الإنساني والتنمية البشرية في مختلف مجالاتها. 
وتنبثق هذه الركيزة من الهدف الثاني لرؤية مصر 2030 والذي يعنى بتحقيق العدالة والاندماج: العدالة والاندماج الاجتماعي، فقد سعت الأجندة الوطنية إلى "تحقيق العدالة من خلال تحقيق المساواة في الحقوق والفرص، وتوفير الموارد في كل المناطق الجغرافية، في الريف والحضر على حد سواء، وتعزيز الشمول المالي، وتمكين المرأة والشباب والفئات الأكثر احتياجًا، ودعم مشاركة كل الفئات في التنمية، وتعزيز روح الولاء والانتماء للهوية المصرية"، كما تخدم هذه الركيزة أيضًا الهدف الخامس لرؤية مصر 2030 الخاص بالاستدامة البيئية.
وتحقيقًا للهدف الثالث من أهداف رؤية مصر 2030 الخاص بالنمو الاقتصادي والاهتمام بريادة الأعمال والتحول الرقمي، قامت جامعة الأزهر بتدشين نادي ريادة الأعمال لتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يحقق زيادة معدلات التشغيل وفرص العمل اللائق، وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال.
وفي مجال التحول الرقمي قامت جامعة الأزهر ببذل جهود ملموسة للنهوض والارتقاء بجميع مؤسسات الجامعة بالقاهرة والأقاليم في ظل التوجه العام نحو التحول الرقمي، من خلال التعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأسندت الإشراف على هذا الملف للجنة الاستشارية للتحول الرقمي بالجامعة، والتي يترأسها رئيس الجامعة، وتجتمع دوريًّا لمناقشة ودراسة ما توصلت إليه الجامعة في عمليات الرقمنة، ودراسة تحديات المشروع والعمل على تحسين الفرص لتحقيق أكبر استفادة منه، بما ينعكس على التميز المؤسسي للجامعة.
 ومن خلال هذه الأطروحة نخلص إلى أن جامعة الأزهر -كأحد مؤسسات الدولة المصرية- تعمل وفق تخطيط استراتيجي متقدم، بما يحقق التنمية المستدامة والتميز المؤسسي وفق رؤية مصر 2030.