لا تتأخر مصر عن مد يد العون إلى أشقائها العرب ومساعدتهم في الخروج من أزماتهم سواء كانت الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، فمصر دائما متواجدة وهي الشقيقة الكبرى التي تقف في وجه أي عدوان يهدد الأمن القومي العربي.
وفي هذا الإطار وافقت مصر على مد الغاز المصري إلى لبنان عن طريق أنابيب تمر من الأردن وسوريا، والموافقة على تقديم خطة عمل وجدول زمني لنقل الغاز ومساعدة لبنان في النهوض من كبوته الاقتصادية الشديدة.
المكاسب الاقتصادية للمشروع
ومن جانبه يقول الدكتور خالد شنيكات، أستاذ العلوم السياسية الأردني، إن العوائد الاقتصادية التي ستعود على البلدان الأربعة، مصر والأردن ولبنان وسوريا، لمد خط أنبوب الغاز من مصر إلى لبنان مرورا من الأردن وسوريا، كبيرة لأن مصر لديها فائض من الغاز لذلك لديها فرصة للتصدير، وبالفعل مصر تقوم بتصدير الغاز إلى الأردن منذ مطلع القرن الحالي، ولم يتوقف نقل الغاز من مصر إلى الأردن إلا عند حدوث الهجمات الإرهابية التي ارتبطت بالظروف الداخلية المصرية في عام 2010، ولكنه أعيد استئناف نقل الغاز إلى الأردن.
وأضاف شنيكات في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن أنبون الغاز المصري سيمر من الأردن في اتجاه لبنان عبر سوريا، وكان من المتوقع أن يستمر المشروع ولكن بسبب الظروف الصعبة في سوريا في عام 2010 والحرب الداخلية السورية، توقف المشروع.
ولفت إلى أن الأردن سيستفيد من مرور أنبوب الغاز المصري عبر أراضيه من خلال رسوم العبور التي سيأخذها الأردن، وكذلك سوريا، أما لبنان سيستفيد من إعادة تشغيل قطاعاته الاقتصادية الحيوية المتوفقة لديه وقطاعات البنوك والكهرباء وسيتخلص من أزمة الطاقة التي يعاني منها.
مشروع استراتيجي أكبر
وأوضح أن هناك بعدا اقتصاديا أكبر لنقل الغاز المصري وهو مد خط أنبوب الغاز المصري إلى أوروبا، لأن المشروع الاستراتيجي الأكبر ليس فقط ربط الدول العربية بعضها ببعض عن طريق الغاز بل نقل الغاز المصري إلى أوروبا، وربما سينافس دولا أخري كروسيا التي تعتمد عليها أوروبا في تصدير الغاز إليها.
مشاريع أخرى
وعن المشاريع الاقتصادية التي ستلحق بمشروع نقل الغاز، قال أستاذ العلوم السياسية، إن هناك العديد من المشاريع الاقتصادية الأخرى لا تقل أهمية عن مشروع نقل الغاز ستأتي معه، مثل مشروع ربط سكك حديدية بين الدول العربية المار بها أنبوب الغاز، أو الدفع بالأردن إلى تصدير الكهرباء الفائضة لديه إلى لبنان عبر سوريا، والمشاريع التي سيستفيد منها الأردن وكذلك لبنان وسوريا.
العقبات أمام تنفيذ المشروع
وبخصوص العقبات التي من الممكن أن تقف أمام المشروع، أوضح شنيكات أن العقبات من الممكن أن تكون عقبات فنية فقط، لأن العقبات السياسية تراجعت بعد موافقة الإدارة الأمريكية على مد أنبوب الغاز باتجاه لبنان.
ولفت لى أن أبنوب الغاز موجود الأن في سوريا ولكن تعرض للتدمير بسبب الحرب، والأن المشكلة المطروحة هي مشكلة فنية تتعلق بإجراء إصلاحات وصيانة للأنبوب ومده إلى المناطق التي تدمرت وإعادة إصلاحه من جديد.
واختتم: "لا توجد عقبات سياسية أمام المشروع لأن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر للمشروع وللاستمرار واستثنته من عقوبات قانون قيصر المفروضة على النظام السوري، ولكن بعد زيارة وفد الكونجرس الأمريكي قالوا إن نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوويا لن تدخل ضمن العقوبات الأمريكية على النظام السوري، لذلك لا توجد عقبات سياسية أمام المشروع".
اجتماع وزراء الطاقة
وكان الأردن قد استضاف الاجتماع الوزاري الأربعاء، والذي حضره وزيرة الطاقة الأردنية هالة زواتي، ووزير النفط السوري بسام طعمة، ووزير الطاقة اللبناني ريمون غجر، ووزير البترول المصري طارق الملا الذي أعرب عن أمله بأن يتم ضخ الغاز بأقرب فرصة.
وفي مؤتمر صحفي بعد الاجتماع، قالت زواتي: "اليوم نحن سعداء باستضافة الاجتماع الرباعي الذي يضم دول خط الغاز العربي في كل من سوريا والأردن ومصر ولبنان"، موضحة أن "الهدف من اجتماعنا اليوم هو إعادة ضخ الغاز المصري إلى لبنان بعد انقطاعه لمدة حوالي عشر سنوات."
وأضافت زواتي أن البنية التحتية لخط الغاز العربي التي ستنقل الغاز هي "شبه جاهزة"، ولكنها تتطلب بعض الإصلاح لأن الخط لم يستخدم باتجاه لبنان لفترة طويلة، على أن تتم مراجعة الاتفاقيات خلال 3 أسابيع، لافتة إلى أن "كل دولة ستتحمل كلفة الإصلاحات اللازمة لبنيتها التحتية".
من جهته، أعرب غجر عن حاجة بلاده الماسة لدعم قطاعاته الحيوية كالكهرباء سواء عبر الغاز أو الطاقة الكهربائية بشكل مباشر.
وقال غجر إن هذه هي الخطوة الأولى التي سيستفيد منها لبنان عبر تزويد معمل دير عمار الذي يحتاج الى 600 مليون متر مكعب من الغاز لتوليد 450 ميغاواط من الكهرباء. وأضاف أن الحكومة اللبنانية تعمل حالياً مع البنك الدولي لتأمين التمويل لقاء الغاز المصري، لافتًا إلى أن "هناك إمكانية في المستقبل لاستيراد الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا بعد أن يتم إصلاح بعض المناطق التي تضررت بسبب الحرب في سوريا".
وأوضح غجر في بيان صحفي، أن معمل دير عمار الذي يقع شمال مدينة طرابلس اللبنانية يؤمّن أكثر من 4 ساعات تغذية بالطاقة الكهربائية للمواطنين اللبنانيين الذين يعانون من انقطاع التيار الكهربائي المتكرّر.