بدأت اليومأكبر محاكمة في تاريخ فرنسا الحديث، لـ20 مشتبها بهم متهمين في هجمات نوفمبر 2015 في باريس التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا وجرح المئات، ومن المتوقع أن تستمر جلسات الاستماع لتسعة أشهر ولكن أبرز ما جاء اليوم قول صلاح عبد السلام، وهو مواطن فرنسي من أصل مغربي والمتهم الرئيسي في هجمات 13 نوفمبر 2015: “نعم، كنت جندي في تنظيم الدولة الإسلامية".
ووفقا لوكالة “رويترز” للأنباء، مثل عبد السلام أمام المحكمة اليوم الاربعاء، للضلوع في الهجمات التي نفذها مسلحون يرتدون سترات ناسفة استهدفت ست حانات ومطاعم، وقاعة باتاكلان للموسيقى، واستاد رياضي، في 13 نوفمبر 2015، وسيمثل إلى جانبه 13 متهما آخر أمام المحكمة، كما سيحاكم ستة آخرون غيابيا.
وردا على سؤال عن وظيفته قال عبد السلام للمحكمة "تركت وظيفتي لأصبح جنديا في تنظيم الدولة الإسلامية".
وقال آرثر دينوفو، أحد الناجين من الهجوم على موقع باتاكلان الموسيقي، ورئيس جمعية الحياة لباريس: "نحن نتوجه إلي المجهول، نحن حريصون على أن تبدأ المحاكمة، ولكننا نتساءل كيف ستستمر خلال الأشهر التسعة المقبلة".
ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة حتى مايو 2022 مع 145 يوما من جلسات الاستماع المقررة التي تشمل حوالي 330 محاميا و300 ضحية، وشهادة من الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في نوفمبر.
وفر عبد السلام، البالغ من العمر 31 عاما، والذي ولد في بلجيكا، ولكنه يحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية، من مكان العملية الإرهابية بعد خلل في حزامه الناسف الذي وجده المحققون لاحقا.
وتم القبض عليه بعد أربعة أشهر في بروكسل، مختبئا في مبنى قريب من منزل عائلته، ورفض الحديث مع التحقيق الفرنسي والتزم الصمت إلى حد كبير طوال محاكمة منفصلة في بلجيكا عام 2018، والتي أفضت إلى صدور حكم بالسجن 20 عاما عليه، ومن ثم جرى ترحيله إلى فرنسا.
التخطيط والتنفيذ
كشفت وكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" ووحدة التعاون القضائي الأوروبية والشرطة الفرنسية وعدد من أجهزة الاستخبارات الفرنسية، كيفية تنفيذ العملية وتسلسل وقائعها، من خلال تقارير ومعلومات جمعتها.
وقالت إنه "ليلة الهجمات عثر على قطع ممزقة من جوازات سفر سورية قرب جثتي اثنين من الانتحاريين الثلاثة الذين فجروا أنفسهم قرب ملعب إستاد فرنسا".
وأضافت: "تبين أن رجلين عراقي الجنسية دخلا إلى أوروبا عبر جزيرة ليروس اليونانية في 3 أكتوبر 2015 وكانا ضمن مجموعة من 198 مهاجرا غير قانوني".
وتابعت أن "الشرطة رصدت لاحقا ضمن المجموعة ذاتها من المهاجرين الجزائري عادل حدادي والباكستاني محمد عثمان اللذين اعتقلا لفترة وجيزة عند وصولهما إلى اليونان، وألقي القبض عليهما في مأوى للمهاجرين في النمسا بموجب مذكرة توقيف أوروبية صدرت في 10ديسمبر 2015. وأقرا لدى استجوابهما بأن تنظيم "داعش" أرسلهما في مهمة انتحارية إلى فرنسا".
وأشارت إلى أن "المحققين اكتشفوا خلال التحقيقات أن معظم عناصر الوحدة وصلوا إلى أوروبا قادمين من سوريا على أنهم لاجئون، وأن معظمهم سلكوا طريقا مماثلا، فوصلوا إلى اليونان بموجب جوازات سفر سورية مزورة، وعبروا بسيارات مستأجرة المجر والنمسا وألمانيا أو مروا عن طريق البلقان قبل الانتقال إلى بلجيكا".
وأضافت أن "استخدام طريق المهاجرين لدخول أوروبا، وسيلة أمنتها في تنظيم داعش، التي أنشئت في يونيو 2014، بقيادة البلجيكي المغربي أسامة عطار المعروف بلقب أبو أحمد العراقي".
وأضافت أنه "في سبتمبر 2014، دعا أبو محمد العدناني المسلمين إلى التصدي للصليبيين وحلفائهم ردا على التحالف العسكري الدولي وضرباته الجوية على مناطق سيطرة تنظيم داعش".
وأشارت إلى أن "النقمة تركزت بشكل خاص على فرنسا، فحض العدناني الجهاديين قائلا: "اقتلوا الكفار في أمريكا وأوروبا، وخصوصا في فرنسا، اقتلوهم بأي طريقة... حطموا رؤوسهم بالحجارة، أو اطعنوهم بالسكين، أو ادهسوهم بسياراتكم، أو ألقوهم من مكان عال".
وقال المحققون الفرنسيون إن "ذلك الخطاب أسس لاستراتيجية جديدة تهدف إلى نقل المعركة مع (الكفار) إلى أرضهم وتحديدا في فرنسا، مع هدف معلن هو زرع الرعب فيها".