الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أخطر أمراض العصر

يقول الشاعر الشريف العقيلي:
لا يكذبُ المرءُ إلّا من مَهانتهِ    أو عادة السوءِ أو قلةِ الأدبِ
لَبعضُ جيفةِ كلبٍ خيرُ رائحةٍ   من كذبةِ المرءِ في جدٍّ وفي لعبِ  

وما أكثر الكذب الذي نراه في حياتنا الآن، فقد استمرأ الناس الكذب حتى أصبح أمرًا عاديًا بل ودخل ضمن الممارسات والتفاعلات اليومية في العمل والشارع وحتى في محيط الأسرة، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وأضحى من الطبيعي ألا يأخذ أحدهم كلام الآخر أينما كان ومهما كان منصبه أو كانت مكانتة على محمل الصدق، فالكثير مما يقال يشوبه الكذب وتزييف الحقائق، ومعظم الوعود تذهب أدراج الرياح لما يعتريها من كذب

ويُعد الكذب من أبشع الجرائم التي يقترفها الإنسان متعمدًا مهما كانت الأسباب لما ينجم عنه من تبعات ربما تكون في بعض الأحيان خطيرة، لذلك حرّمت الشرائع السماوية هذه العادة السيئة ونبذتها ووعدت ممارسيها بالويل والثبور 
فقد قال الله تعالى في سورة البقرة: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}،[10] 
كما قال -عزّ وجل - في سورة النحل: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.[105]

وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وكان متكئًا فجلس وقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)  
كما ورد في موطّأ الإمام مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل : أيكون المؤمن جباناً؟ قال : نعم، ثم سُئل: أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، ثم سُئل: أيكون المؤمن كذاباً؟ قال : لا

وقد جاءت آيات عديدة في الكتاب المقدس تتحدث عن الكذب مثل:
"لا تفتري الكَذِبَ على أخيك، ولا تَختَلِقهُ على صَديقِك" (سفر يشوع بن سيراخ 7: 13)
و"كَرَاهَةُ الرَّبِّ شَفَتَا كَذِبٍ، أَمَّا الْعَامِلُونَ بِالصِّدْقِ فَرِضَاهُ" (سفر الأمثال 12: 22) 
و"صُنْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْغِشِّ" (سفر المزامير 34: 13)

وهناك العديد والعديد من الأمثلة والآيات في جميع الديانات والشرائع تحذر من الكذب وتدعو لتجنبه كما أن هناك العديد من الأقوال المأثورة من الحكماء على مر الزمن تحدثت عن الكذب والكاذبين 
فقد قال المتنبي :
ومن هوى الصدق في قولي وعادته … رغبت عن شعر في الرأس مكذوب.
وقال القطامي :
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحبا إن الكذوب لبئس خل يصحب.
وقال الأخطل الصغير :
إذا عرف الكذاب بالكذب لم يزل لدى الناس كذابا وإن كان صادقاً.
وقال مارتن لوثر كنج :
الكذبة كرة ثلجية تكبر كلما دحرجتها.
وقال برنارد شو :
مأساة الكذاب ليست في أن أحداً لا يصدقه، وإنما في أنه لا يصدق أحداً.
وقال أرسطو :
الكذابون خاسرون دائماً، ولا سيّما أن أحداً لا يصدقهم حتى ولو صدقوا،
الموت مع الصدق، خير من الحياة مع الكذب.
وقال لافونتين :
الكذاب والدجال والمتملق يعيشون على حساب من يصغي إليهم.
وقال إبراهام لينكولين :
تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، أو بعض الناس كل الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت.

ومع كل هذا يظل الكاذبون على عهدهم مع كذبهم، يستبيحونه ويمارسونه دونما حُمرة خجل تزور وجناتهم التي لا تسري بها دماء حرة بل دماء خبيثة أعياها اعتيادهم على هذه الآفة المقيتة.

لقد آن الأوان أن يتحرك المجتمع كله لمحاربة هذا المرض الخطير في المساجد والكنائس والمدارس والجامعات والنوادي وفي الدراما والأفلام والإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي حتى نحمي أنفسنا والأجيال القادمة من خطورة الكذب والمآسي التي قد تحدث بسببه.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط