كان للأنباط حضارة عظيمة في سيناء ومازالت معالمها محفورة في سيناء بمنطقتي وادي فئران ومدينة دهب تحكي أسرار حضارة الأنباط في قديم الزمان وقد طالب العديد من المهتمين بالسياحة بالترويج لمنطقة اثار الميناء البحري القديم لدولة الأنباط.
وقد رصدت كاميرا موقع " صدي البلد " الاخباري منطقة آثار و حفريات الميناء البحري القديم الأنباط.
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن للأنباط حضارة عظيمة بسيناء تركت بصماتها بمدينة دهب بجنوب سيناء وقصرويت بشمال سيناء ومئات النقوش الصخرية بأودية سيناء والذى مروا بها فى تجارتهم بين الشرق والغرب.
وعن سبب تسميتهم بالأنباط يوضح الدكتور ريحان لاستنباطهم ما فى باطن الأرض وقد ظهر الأنباط لأول مرة فى القرن السادس ق.م كقبائل بدوية فى الصحراء الواقعة شرق الأردن ثم استمروا كذلك حتى القرن الرابع ق.م رحلًا يعيشون فى خيام ويتكلمون العربية ويكرهون الخمر ولا يهتمون كثيرًا بالزراعة وعاشوا فى شمال الجزيرة العربية وجنوب بلاد الشام واتخذوا البتراء (بالأردن الآن) عاصمة لهم فى القرن الرابع قبل الميلاد، وفى القرن الثالث قبل الميلاد تركوا حياة الرعى واتبعوا حياة الاستقرار وعملوا فى الزراعة والتجارة، وتحول الأنباط من حياة البداوة إلى الحياة الزراعية نتيجة علاقاتهم التجارية التى استلزمت استقرار وعمل مخازن وعمل سفن وبذلك تحولت مجموعة من القبائل إلى مملكة متقدمة فى الزراعة والتجارة والفنون فى الشرق الأدنى .
ويضيف الدكتور ريحان أنه بنهاية القرن الثانى قبل الميلاد أصبح للأنباط نشاط بحرى وقوة بحرية عظيمة وكان لهم سفن خاصة بهم بالإضافة لاستئجار سفن أخرى ومن القرن الأول قبل الميلاد أسس الأنباط جيشًا وكان لهم شبكة طرق تتوفر فيها مصادر المياه وبنهاية القرن الأول قبل الميلاد كان لهم إنجازات عظيمة فى مجال البناء – النحت – إنتاج الفخار – استخراج المعادن، وتم كشف آثار عديدة للأنباط بسيناء كالفرضة البحرية المكتشفة بدهب الخاصة بميناء دهب البحرى، وتشرف الفرضة على خليج العقبة وتبعد عن طابا 140كم جنوبا ولقد استخدم فى بنائها الأحجار الجرانيتية والمرجانية والتى استخدمت فى عدة مواقع بسيناء القريبة من شاطئ البحر.
ويشير الدكتور ريحان إلى معالم الاكتشافات الأثرية للأنباط بمدينة دهب والمتمثلة فى الموقع الخاص بميناء دهب البحرى وقد كشف به عن عن مكاتب إدارية لخدمة حركة تسيير ونقل البضائع من وإلى الميناء و مخازن للبضائع عثر بها على لقى أثرية تشمل جرار تخزين بضائع وسبائك نحاسية، ويتوسط المبنى فنار لإرشاد السفن، وكان هناك طريق للأنباط من أيلة (مدينة العقبة الآن) على رأس خليج العقبة إلى ميناء دهب ومنها يتوغل إلى داخل سيناء وكان هذا ضمن شبكة طرق للأنباط بين المحيط الهندى والبحر المتوسط فكانت بضاعة الهند تأتى إلى اليمن عن طريق عدن وكان أهل اليمن ينقلونها مع محاصيلهم إلى الحجاز وكان الأنباط ينقلونها من الحجاز إلى البتراء، ومن هناك تتفرع إلى مصر بطريق البتراء وإلى فلسطين بطريق بئر سبع وإلى شمال سوريا بطريق دمشق وطريق الأنباط بسيناء من البتراء يخترق صحراء النقب إلى غزة أو العريش.
وينوه الدكتور ريحان إلى وجود مئات النقوش الصخرية للأنباط ومناظر للحيوانات التى دجّنوها أو التى كانوا يصطادونها وصور لجمال وفرسان ومناظر صيد وطيور مختلفة ومن هذه الأودية وادى طويبة 5كم من جزيرة فرعون والتى استخدمها الأنباط كمخازن للبضائع ووادى هوارة ووادى أم سدرة وهى التى تقع على الطريق المار من البتراء إلى غزة أو العريش مخترقًا صحراء النقب ووادى عرادة الذى به مجموعة من أجمل الرسومات لطيور وحيوانات مختلفة هضبة الدفادف – وادى السراة - الشجيراء – وادى سلاف – وادى حضرة وهى فى الطريق من دهب إلى سانت كاترين ثم وادى فيران ووادى أجلة ووادى المكتب قرب وادى فيران ووادى حبران ووادى إسلا فى الطريق من طور سيناء إلى سانت كاترين.
ولفت الدكتور ريحان إلى أن حضارة الأنباط لم تختف من مصر ولا من أى مكان آخر بالأردن وفلسطين بانتهاء مملكتهم على يد الإمبراطور الرومانى تراجان عام 106م وظلوا فى أماكنهم السابقة مندمجين فى ثقافة وديانة البيئة المحيطة بهم واشترك الأنباط فى جيوش الرومان ووصل عددهم إلى خمسة آلاف جندى وفى القرن الرابع الميلادى اندمج الأنباط مع القبائل العربية الأخرى التى هاجرت إلى بلاد الشام وكانت تسمى هذه القبائل المسيحيين العرب تمييزًا لهم عن قبائل الحجاز لأنهم تحولوا إلى المسيحية، ومنها قبيلة جدام وبهرة، واندمجوا كذلك فى قبائل جهينة والمزينة، وكان للأنباط سوق بيثرب ( المدينة المنورة حاليًا) تاجر فيه هاشم بن عبد مناف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأكد الدكتور ريحان أن الأنباط دخلوا فى الإسلام واستمرت تجارتهم فى المدينة المنورة وكانوا حلفاء للمسلمين لأنه رسخ فى أذهانهم أن الرومان والبيزنطيين دمروا مملكتهم، وشكّل الأنباط نسبة مئوية كبيرة من سكان فلسطين وجنوب بلاد الشام، ومارسوا الزراعة والتجارة واشتركوا فى الجيوش الإسلامية أيام الخليفة يزيد بن عبد الملك وقاتلوا فى جيوش المسلمين الفاتحة وأمدوهم بالمعلومات وما يزال أحفادهم حتى الآن بسيناء من قبيلة الحويطات والمزينة.
ويطالب الدكتور ريحان باستغلال طريق الأنباط التاريخى بسيناء والذى يضم نقوش صخرية ومقابر أثرية قديمة وعيون طبيعية و آبار مياه ونباتات طبية نادرة وقرى بدوية فى السياحة الثقافية والعلاجية والسفارى والتعايش مع المجتمعات البدوية على طبيعتها وكذلك الاستفادة من نظم الرى عند الأنباط التى اعتمدت على مياه الأمطار وتخزينها فى خزانات خاصة تستقبل مياه السيول بدلًا من أن تصبح قوة مدمرة علاوة على أن معظم المنشئات السياحية ستعتمد على هذه المياه كمياه صالحة للشرب والزراعة
ويشير الدكتور ريحان إلى وجود إمكانية لجذب استثمارات عربية لإحياء هذا الطريق الذى يمثل إحياءً للحضارة العربية قبل الإسلام وتشترك عدة دول عربية فى وجود آثار للأنباط بها كمصر والأردن والسعودية وسوريا وتعتبر البتراء بالأردن من أهم المزارات السياحية ويمكن لهذه الدول أن تكون لها برامج سياحية مشتركة واتفاقات سياحية تتيح للسائح زيارة كل معالم هذا الطريق الذى يحوى علاوة على السياحة الثقافية كل مقومات السياحة الأخرى.
اقرا ايضا :
جنوب سيناء قبلة السياحة الأردنية والعراقية