هناك العديد من طرق وسوسة الشيطان للإنسان فعادة ما يسيطر الوسواس على الشخص الضعيف وأصل الوساوس من الشيطان، هو الذي يملي على الإنسان ما يضره ويشوش عليه دينه وقلبه وجعل الله تعالى الابتلاء في حياة الإنسان سنّةً إلهيّة لا تتخلّف، يتعرّض لها الإنسان؛ اختباراً لصدق إيمانه، وامتحاناً لقوة يقينه، وتتنوّع طبيعة الابتلاءات وصورها وأشكالها، ولعلّ من أهمّها وأكثرها تأثيراً على ضعاف الإيمان:
طرق وسوسة الشيطان للإنسان، وقد قدّر الله تعالى أن يظلّ الشيطان قريناً للإنسان؛ ليصدّه ما استطاع عن ذكر الله، والامتثال لأوامره سبحانه ومن أبرز طرق وسوسة الشيطان للإنسان :
تزيين المعاصي ويزيّن الشيطان التبرّج بأنّه ثقافة وفن، كما يزين الخمر بأنّها مشروبات روحيّة منعشة، ويزين الصحبة والرفقة السيّئة بالحداثة والتطوّر، والاجتماع.
تبرير المعصية يبرر للشاب النظر إلى الفتيات وصولاً به إلى الوقوع في الزنا بأنّه أعزب، ويزين للإنسان التعامل بالربا؛ كالقروض البنكيّة بأنّه فقير أو محتاج، كما برر لأبينا آدم وأمّنا حواء أكلهما الشجرة بأنّ الله ما نهاهما عنها إلا لكي لا يكونا ملكين، ويزيّن للشباب الاسترسال في العلاقات المفتوحة بين الجنسين عبر وسائل التواصل بأنّها ثقافة وحداثة وتطوّر.
تعظيم الصغائر وتحقير وتبسيط الكبائر يأتي الشيطان إلى العبّاد والزهاد، فيعظم عندهم بعض الأمور؛ كالتقصير في بعض السنن ، أو يُبسّط من شأن بعض الأمور، كالغيبة والنميمة، بحجّة أنّ الله غفور رحيم.
تشجيع البدع والخرافات من البدع والخرافات المنهي عنها في الدين مثل زيارة قبور الأولياء والتبرّك بها، وبعض أنماط عبادات المتصوّفة، والانقطاع عن الأهل بحجّة الدعوة إلى الله.
تعظيم العادات والتقاليد دون تمييز فيزين الشيطان للإنسان العادات السيئة والتقاليد المنحرفة، مثل عدم الاكتراث والاهتمام بالدين والخلق، إفساد مقاييس الحكم على الأشياء يجعل الشيطان المادة والثروة والجاه والحسب والنسب، هي المعايير التي يوزن بها الأشخاص، وتقييمها على معايير الدين والخلق الحسن.
تشويه العقيدة يشوه الشيطان عقيدة الإنسان؛ وذلك بإفسادها وتمييعها، ومتى ضُرب الإنسان في عقيدته فسد كلّ سلوكه.
تقليل شأن السنن والاستهانة بها يوسوس الشيطان للعبد بأنه ليس من الضروري أداء السنن لأنه غير ملزم بها.
الوسوسة
تُعرَّف الوَسوَسة في اللُّغة أنَّها الكلام أو الصَّوت الخفي، أمَّا في الاصطلاح فتُعرَّف بأنَّها حديث النَّفس، وكل ما يُلقيه الشَّيطان في القلب من الأفكار السَّيئة التي لا نفع فيها ولا خير ولا صلاح، وتُنسب الوَسوسة إلى الشَّيطان؛ حيث قال الله -سُبحانه وتعالى-:«مِن شَرِّالْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ»
الوسوسة هو الصوت الخفي الذي يجده الإنسان في روعه، ويستحي أن يطلع عليه الناس خشية افتضاح أمره بسلوكه على أساسه، وهو من عمل الشيطان وكيده وتدبيره وإضلاله، فبعد أن عاقبه الله بإخراجه من الجنّة بسبب إغوائه لأبينا آدم وأمّنا حوّاء، وإقناعهما بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، تعهد بإضلال ذريّة آدم، وإضلالهم عن سواء السبيل، فقال سبحانه ذاكراً ما ذكره الشيطان لآدم : «قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» [ص: 82ـ83]، والشيطان لا يلجأ لإغواء الإنسان بشكل مباشر، وإلا لما استجاب له الإنسان المسلم ابتداءً، بل يتدرّج معه في ذلك وصولاً إلى المعصيّة.
هناك نوعين من الوساوس التى تلازم الانسان وهما:
وسوسة الشيطان: بلا شك أنّ وساوس الشّيطان لها سماتٌ تميّزها، بعضها ذُكرت في القرآن الكريم وبعضها ذكرت في السّنّة النّبوية المطهّرة، فمن سمات وساوس الشيطان التي يعرف بها : غالبًا ما تتعلّق وساوس الشّيطان بمسائل الإفساد والغواية والضّلال، وعلى ذلك فالوسوسة التي تأتي لتُشكّك الإنسان في عقيدته ودينه هي بلا شك من وساوس الشّيطان؛ فالشّيطان يلبّس على كثيرٍ من المسلمين دينهم ويزيّن لهم الباطل على أنّه حقّ حتّى يبتعدوا عن الصّراط المستقيم والمنهج القويم، كما انه هناك العديد من الحركات والمذاهب عبر التّاريخ الإسلامي انحرفت عن الصّواب بابتداع سلوكيّات واعتقادات ما أنزل الله بها من سلطان، فتغيير العقيدة الصّحيحة وإفسادها هي من أبرز السّمات التي تميّز وسوسة الشّيطان .
كما أن وساوس الشّيطان تعمل على إفساد العلاقات بين المسلمين بتشجيع الحسد والسّحر والغيبة والنّميمة وكلّ ما من شأنه أن يفرّق المسلمين ويوجد بينهم الشّحناء والبغضاء؛ بل إنّ من أعظم ما يُفرح الشّيطان أن يفسد العلاقة بين الأزواج حينما يوسوس لأحد الأطراف ما يُحقّق له إنهاء العلاقة أو إفسادها . وساوس الشّيطان في العبادات كثيره ومن أكبرها وسوسة الشيطان في الصلاة والوضوء .
وسوسة النفس: وسوسة النّفس تعتبر حديث النفس، وغالبًا ما تتعلّق بالتّربية والتّنشئة للإنسان في صغره، ومدى اقترابه من التّعاليم الدّينيّة أو بعده منها؛ فالنّفس قد تأمر الإنسان بالسّوء في لحظاتٍ معيّنة عندما يغيب الوازع الدّيني أو الرّقابة الذّاتيّة، وقد تكون هذه النّفس نفسًا محاسبة للإنسان مثل النّفس اللوّامة التي تلوم صاحبها على اقتراف الآثام والمعاصي في حقّ الله؛ فوسوسة النّفس تأتي من تركيبة النّفس البشريّة التي جبلت على حبّ الشّهوات والمتع وما يهذّبها هو الدّين والرّقابة الذّاتيّة، قال تعالى ( ونفسٍ وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكّاها، وقد خاب من دسّاها ) صدق الله العظيم .
لكي يتمكن الانسان من ابعاد ومواجهة وساوس الشيطان بشكل قوي بحيث تبعتد عنه أو يكون تأثيرها بسيط عليه هناك العديد من الطرق التى ذكرها في كتاب الله وفي سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وقد ذكر العلماء بعضاً من تلك الطرق والوسائل إن التزم بها المسلم نجا من وساوس الشيطان، وإن أصابه شيءٌ منها كان قوياً صلباً،و تلك الطرق منها .
أن ينشغل المسلم عن وسوسة الشيطان له إذا سأله عمّا يشكك في دينه وعقيدته فيبحث عن جواب السؤال الذي يطرحه إبليس في نفسه بما يقاربه ويوجبه من الحقائق الثابتة في قدرة الله في ذلك الشيء، فيعلم بالنظر يقيناً ويثبت له حقيقة وجود الله ولو لم يدركه حقيقةً بالبصر.
أن يلجأ المسلم إلى الله ويلوذ به، وذلك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وصيغتها: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
التوقف عن مجاراة الشيطان فيما يُدخله للنفس من حديث يُقصَد به إيقاع الشك في قلب المسلم.
ألّا يلجأ إلى المحاججة لتقوية دليله ورأيه فذلك ما يريده الشيطان، لأنه أقوى حجةً وأكثر دليلاً بما أعطاه الله ،وقد ذكر ابن حزم الظاهري في رسائله لعلاج وساوس الشيطان عدداً من الوسائل والسبل لعلاج وساوس الشيطان، منها إمعان النظر في معالم قدرة الله سبحانه وتعالى، وإعجازه الماثل في مخلوقاته من أرضٍ وسماءٍ وجبال ودواب وغير ذلك.
الاستشهاد بالظاهر المحسوس الذي يشير إلى وجود الله وقدرته ويدلل عليه، وترك التفكير بالباطن الذي لا يمكن إدراكه بالعقل وهو رؤية الله عزَّ وجلَّ وحقيقة وجوده. الانشغال بالعلم النظري الخاص بالأحكام الفقهية والتفرغ للعبادات عن التفكير فيما يؤدي إلى إدخال الشيطان إلى القلب والفكر والعقل. العلم التام اليقيني بأن ما أُعطِي مخلوقٌ من قدرة وإرادة إلا بمشيئة الله وحكمته، قدَّرها الله له لحكمة ولم يأتِ هو بها بجهد أو مال أو قوة أو سلطان.
و ايضا ترديد قول الله تعالى:« هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» وهو لما رواه سماك بن الوليد أبو زميل -رضي الله عنه- حيث قال: «سألتُ ابنَ عباسٍ! فقلتُ: ما شيءٌ أجدُه في صدري؟ قال: ما هو؟ قلتُ: واللهِ ما أتكلمُ به قال: فقال لي: أشيءٌ من شكٍّ؟ قال: وضحِك، قال: ما نجا من ذلك أحدٌ، قال: حتى أنزل اللهُ عز وجل «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِك» الآية، قال: فقال لي: إذا وجدتَ في نفسِك شيئًا فقلْ:« هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»
قول "لا إله إلا الله"؛ حيث قال النَّووي باستحباب التَّهليل لِمن وجد في نفسة وسوسةً في الوضوء أو الصَّلاة أو غيره؛ لأنَّ الشيطان يَخنس -أي يبتعد- عند ذكر الله -سبحانه وتعالى-، ويعدُّ التَّهليل رأس الذِّكر، لِذا فهو نافعٌ في إبعاد الوسوسة.
طرق التغلب على الوسواس فى الصلاة
علاج وسواس الصلاة
هناك العديد من الطرق للتغلب على وسواس الصلاة والذي يعاني منه الكثير والذي عادة ما يشتت تركيز الفرد في الصلاة ويجعله متشككا في صحة صلاته ومنها:
الحضور مبكّراً للصَّلاة، والاستعداد الجيد لها في الوضوء، وأن يُشغل المسلم نفسه بقراءة القُرآن والذِّكر والنَّوافل قبل صلاة الفريضة، وأن يُجاهد نفسه وفكره بالتَّركيز والحضور أثناء الصَّلاة، وأن يستعيذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم قبل قراءة الفاتحة في الرَّكعة الأولى بقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه».
قراءة آية الكرسي.
قراءة المُسلم للمَعوّذتين في أذكار الصَّباح والمساء.
لجوء المسلم إلى الله -سبحانه وتعالى- وطلب الإعانة منه في التَّخلص من الوساوس.
المُداومة على جهاد الوسوسة وعدم الاستسلام والانقياد لها، مع الصَّبر والثَّبات واتِّباع الطُّرق المذكورة آنفاً باستمرار لإبعاد الشيطان وكيده.
اتِّباع الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهَديه في جميع أموره وخاصَّة فيما تقع الوَسوسة به؛ لأنَّ الوسوسة فيها مشقَّة وتكلُّف، وسُنَّة الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأحوال السَّلف خِلاف ذلك؛ فنجد مثلاً أنَّ الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يُسرف في الوضوء ولم يَشقَّ على نفسه مثلاً؛ بل كان يتوضّأ بالمُدِّ -والمُدّ يُقدّر بأربعُ حَفنات بحفنة الرَّجل الوسط، أو بِملء كفيِّ الرَّجل المُعتاد إذا مدَّ يديه بهما.
وكان -عليه الصلاة والسلام- يَغتسل بالصَّاع إلى خمسة أمداد، أي بكميّةٍ قليلةٍ لا تتطلَّب التكلُّف والمشقَّة التي يفعلها المُوَسْوَس لضمان إتمام الوضوء أو الغُسل، وقد نهى الرَّسول -عليه الصَّلاة والسلَّام- عن الاعتداء في الوضوء والطَّهارة كما ورد في الحديث: «جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فسألَه عن الوُضوءِ، فأراه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: هذا الوُضوءُ فمن زاد على هذا فقد أساءَ أو تعدَّى أو ظلم».