منطقة "كوم الناضورة" الأثرية تعد بمثابة موسوعة ثقافية لتاريخ الإسكندرية,فهى تجمع بين الموقع التاريخى وبين الآثار المتعاقبة على مر العصوربالإضافة إلى أهميتها الإسلامية,حيث تضم فى أعماقها رفات أعلام الإسلام التابعين للصحابة,وقد أطلق عليها الأثريون والمثقفون تعبير"الجمال النائم",واعتبروها الكنزالسياحى المفقود رغم وجوده على الخريطة الجغرافية,وعى الرغم من أهميتها فإن غياب العقلية السياحية حولت هذا الكنز السياحى الأثرى إلى كم مهمل تم إغفاله على الخريطة السياحية الأثرية حتى بعد إجراء بعض الترميمات التى تمت منذ سنوات.
تقع منطقة كوم الناضورة بحى الجمرك بالإسكندرية,وتبلغ مساحتها ستة أفدنة,ويرجع تاريخ هذه المنطقة إلى بداية العصر الإسلامى,حيث كان عبارة عن تل ترابى تراكم عبر العصور يبلغ ارتفاعه نحو 25 مترا تم استخدامهاكمقابر,واول من دفن بها عبد الرحمن بن وعلة السبنى المصرى التابعى صاحب أبن عباس رضى الله عنه ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم,وأشهر من دفن بها من الشخصيات الاسلامية الشهيرة الإمام أبوبكر الطرطوشى والحافظ السلفى,وأصبح يعرف ب"كوم وعلة"نسبة إلى عبد الرحمن بن وعلة,ومع بداية العصر الأيوبى بدأ تكوين التل الترابى فوق المقابر,ومع بداية العصر المملوكى انتهت وظيفة هذه المنطقة كمقابر,وأقيم بها برج أعلى التل كان يستخدم لمراقبة البحر وحركة السفن بالميناء الغربى القديمة,والذى يرجع تاريخه إلى العصر الفاطمى,وظل قائما طوال العصور التاريخية لمراقبة السفن.
ويوضح الخبير الأثرى أحمد عبد الفتاح مديرعام آثارالاسكندرية الأسبق أهمية كوم الناضورة فيقول: إنه واحد من إثنين من التلال فى المدينة الأول كوم الدكة ,والثانى كوم الناضورة الذى شهد أحداثا تاريخية ترتب عليها تغيرات فى طبيعة الموقع ذاته,ومن أهمها ماحدث خلال فترة الحملة الفرنسية حين شرع نابليون فى تحصين مدينة الإسكندرية,فعهد إلى أحد قادته ببناء حصن"كافاريللى",وفى عهد محمدعلى حدد كوم وعلة(الناضورة)وحصن كافارللى,وبنيت فوقه عدة مبان منها مرصد محمد على,وبرج كان مخصصا للإ والمراقبة,وكانت بمثابة محطات للبرقيات والتلغراف حتى يتمكن محمد على من معرفة أخبار الإسكندرية,ومن هنا عرفت المنطقى بكوم الناضورة التى يوجد بها عشرة مدافع وواحد هاون,وظلت المدافع حتى بداية الاحتلال الانجليزى للإسكندرية.
وفى عهد الملك فؤاد شهدت المنطقة مرحلة نهضة وتحديث,فاقيم البرج الحالى,والمعروف لدى الأثريين بالبرج الرئيسى لاستخدامه فى مراقبة حركة دخول وخروج السفن بالميناء,والأهم أنه يوجد بتل كوم الناضورة حاليا مجموعة معمارية فريدة فى نوعها بين آثار الاسكندرية,منها سكن المأمور الانجليزى ويتكون من ثلاث غرف من طرازالعمارة الانجليزية,وسكن المأمور المصرى,وهو مكون من أربع غرف وصالة,بالإضافة إلى برج كرة الزوال الذى تم بناؤه فى عهد الملك فؤاد,وهو عبارة عن برج حديدى به كرة تتحرك من أسفل إلى أعلى أثناء غروب الشمس لتعريف الناس بموعد الإفطار فى شهر رمضان,ويعتبر- بعد فنار الإسكندرية – التراث الوحيد الباقى من تاريخ مصر الملاحى البحرى.
وتشعر فى موقع منطقة تل الناضورة بعبق المدينة التركية,وشهر رمضان والأعياد الإسلامية والحياة الشعبية القديمة فى الإسكندرية,وكان مقرا للعديد من الأجانب الذين كانوا يمتهنون الصناعات المختلفة,لذلك فهو موقع يجمع بين التاريخ والآثار,حيث يشتمل على طبقات أثرية من العصر الفاطمى وحتى عصر الملك فؤاد,ومؤخرا تم العثور على صهاريج مياه لإمداد التل بالمياه فى عصر محمد على واسماعيل.
والسؤال هو:لماذا لم تتم حتى الآن الاستفادة من هذا الموقع سياحيا؟ الحقيقة أن المنطقة المحيطة بموقع كوم الناضورة أثرت عليه تأثيرا سلبيا,فلايعقل أن يكون بجوار هذا المكان السياحى الأثرى المهم ورش صناعية وحرفية للصناعات المختلفة, بالاضافة إلى عدم رصف الشوارع.
ومن أجل تنشيط هذا الموقع سياحيا لابد من تأهيل المنطقة المحيطة به بالكامل لتكون مؤهلة لاستقبال السائحين الأجانب والمصريين,وأن يكون هناك مسار للزيارات السياحية,وإذا كانت الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة قد أشارت إلى الموقع فى دليل الإسكندرية والمزارات السياحية,لكن للأسف نسبة المترددين عليه لاتتناسب إطلاقا مع أهميته بسبب موقعه الذى ألحق به ظلما كبيرا.
• أكدت محكمة النقض أن إقامة الطعن بعد الميعاد نتيجة لظرف قهرى هو تفشى جائحة كورونا يعد مانعا من سريان الميعاد لاقامة الطعن وذكر الحكم أن ذلك الميعاد يقف سريانه إذا تحققت أثناءه قوة قاهرة أو حادث مفاجئ، وكان ميعاد الطعن بحسبانه من مواعيد السقوط يرد عليه الوقف وفقاً للقانون ويترتب على وقف سريان الميعاد ألا تحسب المدة التي وقف سير الميعاد خلالها ضمن مدة السقوط، وإنما تعتبر المدة السابقة على الوقف معلقة حتى يزول سببه، فإذا زال يعود سريان الميعاد,وتضاف المدة السابقة إلى المدة اللاحقة عند حساب ميعاد الطعن.واعتبرالحكم-كما يقول الأستاذ فرج الخبير القانونى والمحامى بالنقض- أن جائحة كورونا ظرف قهرى, وقرر ضم المدتين السابقة على وقف العمل بالمحاكم والمدة اللاحقة ايضا واعتبر ان الطعن فى الميعاد وهو ما يتفق مع اعتبارات العدالة حيث لا يمكن ان نوقع جزاء على من لا يستطيع اتخاذ الاجراء رغما عنه.(الطعن رقم9919لسنة90 قضائية بجلسة27مارس2021).
عبد المعطى أحمد يكتب: «كوم الناضورة» كنز الجمال المنسى!
