الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: في أنوار الصلوات

صدى البلد

 

يقول الله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"، صدق الله العظيم، عزيزي القارئ هل استوقفتك هذه الآية الكريمة وهل لفت نظرك الإخبار الإلهي فيها بأن الله تعالى وملائكته يصلون على النبي ووروده قبل إصدار الأمر بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وهل تعلم ما هي صلاة الله تعالى وصلاة الملائكة على النبي، وهل سألت نفسك يومًا عن صيغ الصلوات المتعددة والمتنوعة التي وردت على ألسنة الأولياء والعارفين والتي منها الصلوات المقيدة بعدد والصلوات المطلقة الذاتية، ومن أين جاءت هذه الصلوات وأيهما أفضل، وما الفرق بين صلاة الله عز وجل على النبي وصلاته سبحانه على عباده المؤمنين، ولماذا أمر الله تعالى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بأن يصلي علينا وماذا تعني صلاة النبي علينا، وما هي دلالات صلاة الله والملائكة على النبي؟!
كل هذه التساؤلات سوف نجيب عنها من خلال هذا المقال والمقالات التالية بمشيئة الله تعالى وتوفيقه، أولا، ما معنى الصلاة، وما الفرق بين صلاة العبد لله تعالى، وصلاة الله وملائكته على المؤمنين وصلاة الله تعالى على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وصلاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على المؤمنين، وصلاتنا على النبي الكريم..
أولا، معنى الصلاة بصفة عامة هي الصلة والوصل والاتصال والتقرب والود وهي الدليل الصادق على الولاء الصادق والمحبة وهي الرابط بين الرحمن عز وجل، ونفخته التي نفخها في الإنسان وهي مظهر الوصل والاتصال، وهي التي على أثرها يقام العبد في حضرة القرب، وفيها تكمن راحة قلوب المحبين وسعادة أرواحهم وسكون شوقهم للمحبوب عز وجل، ولذا كان إذا دخل وقت الصلاة كان النبي الكريم يقول لسيدنا بلال رضي الله عنه: "أرحنا بها يا بلال"، هذا وصلاة العباد لله تعالى صلاة عبادة وتقرب وفيها الطاعة والامتثال للأمر الإلهي وفيها يظهر العبد خضوعه وعوزه وافتقاره وحاجته إلى ربه ومولاه جل علاه، وبها يقام العبد في حال الوصل بربه تعالى ومولاه وهي أفضل العبادات وهي الركن المجتمع للأركان وهي الفيصل بين صدق المحبة والإيمان وبين الكذب والنفاق..
وهي أول ما يسأل عنه العبد ويحاسب عليه وهي التي إن صلحت صلح سائر الأعمال، وإن فسدت فسد سائر الأعمال، تاركها عمدًا وناكرًا لها كافر وتاركها تكاسلا آثم، وهي الفريضة التي فرضت بلا وحي وبلا واسطة في رحلة الإسراء والمعراج، عندما التقى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ربه عز وجل، وهي الركن الركين..
هذا عن صلاة العباد لله تعالى، وسوف أفرد إن شاء الله تعالى عدة مقالات عن فضلها وأسرارها، هذا وأما عن صلاة الله عز وجل على عباده المؤمنين والتي أشار إليها سبحانه بقوله تعالى: "هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور"، هي عبارة عن تجليات الله تعالى بالرحمة والتوبة والمغفرة والتوجيه بالنصح والإرشاد والتربية والإيضاح والبيان والتذكير لعباده، وأما عن صلاة الملائكة على المؤمنين، معناها هو استغفارهم ودعاؤهم للمؤمنين وطلب الرحمة والمغفرة من الله لهم..
وأما عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المؤمنين هي استغفاره ودعاؤه وشفاعته بين يديه عز وجل لهم، ونصحه وتذكيره لهم، وأما عن صلاة الله جل جلاله على خليله الأكرم وحبيبه الأعظم عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام هي صلاة مخصوصة خص الله بها حبيبه نبيه وصفيه ومجتباه، وهي تعني الكثير والكثير من الفضل والتكريم الإلهي للرسول الكريم وفيها بيان إلى سمو قدره وعلو منزلته ومكانته عند ربه تعالى، هذا وعندما ننظر إلى مطلع الآية الكريمة التي جاء فيها الأمر الإلهي للمؤمنين بأن يصلوا على النبي نجد أنه سبق الأمر بالصلاة إخبار من الله وتنبيه ولفت الأنظار حتى يبين سبحانه للمؤمنين مدى أهمية هذا الأمر ومدى عظم مكانة النبي وعظم قدره، وتفرده في المكانة والمنزلة، فأخبر أولا سبحانه بأنه بدأ بذاته جل علاه بالصلاة على محبوبه ونبيه ورسوله ومصطفاه فقال مؤكدًا تبارك في علاه: "إن الله وملائكته يصلون على النبي"، وكأنه سبحانه يقول لنا انتبهوا أيها المؤمنون على من سوف آمركم أن تصلوا، وفي ذلك كما ذكرنا بيان وإيضاح من الله لعباده المؤمنين على سمو قدر النبي وخصوصيته عند ربه تعالى، وتهيئة لهم حتى يعلموا على من سوف يصلوا، اللهم صلي وسلم وبارك على حضرته وعلى آله، ونستكمل بمشيئة الله تعالى الحديث في المقالات التالية.