الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أساليب القرآن!

في القرآن الكريم استخدام لأساليب متنوعة من الخطاب، لتوصيل الرسالة بدقة ووضوح، ومن ضمن الأساليب، أسلوب الحوار، والوعد والوعيد، والعرض القصصي، والتدرج، والتقرير، والتخيير، والإجمال والتفصيل.
وعند قراءة القرآن يرى البعض أنه أمام نص سهل في تركيب الجمل والعبارات، لدرجة أنه يمكن أن يكتب نصاً أكثر دقةً وجمالاً وبلاغةً منه.
مع أنه لو أن اختار أحدهم مجموعة من الآيات أو سورة من السور التي يعتبرها من أسهل نصوص القرآن، وحاول أن يقلدها فإن كلامه سيظهر مفككاً وبلا معنى.
كما يرى البعض الأخر أنه أمام نص معقد غير مفهوم، وهذا يرجع إلى أن القرآن يبني العبارات بطريقة تختلف عما نفعل في تعبيراتنا.
فمثلاً سورة الفاتحة تحوي أساليب مختلفة برغم قصرها، وتبدأ بالإشارة لله بصيغة الغائب: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) الفاتحة 4-1، ثم تتحول الصيغة إلى المخاطب: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) الفاتحة 5-6، ثم تتحول الصيغة إلى الغائب: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) الفاتحة 5-7.
وبرغم أن عبارات سورة الفاتحة تبدو سهلة وبسيطة، إلا أنه لو حاول أحد أن يقلد أسلوبها لظهرت العبارات بصورة غير مقبولة، فمثلاً عند التعبير عن حديث الله تعالى عن ذاته، فمثلاً قد تكتب: "شكراً رب العالمين، نعبدك ونستعين بك، دلنا على الطريق الصحيح"، وسيتم الفهم على أن المتكلم أشخاص يخاطبون الله، ولن يتم الفهم بأن الله تعالى هو المتكلم.
مع أنه في سورة الفاتحة فهمنا أن الله هو المتكلم عن ذاته في الآيات التي أشارت له تعالى بصيغة الغائب، دون أن يتعرض النص للضعف أو الخلل.
وأيضاً لو استخدم القرآن أسلوبنا المعتاد في بناء العبارات لوجدنا الآيات مكتوبة بطريقة ليس فيها أي اعجاز، فمثلاً لو أن سورة الفاتحة كتبها إنسان فقد يكتبها كالآتي: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يبدأ الله الوحي. وأن: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وأنه هو: الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ. وهو: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ. وإياه اعبدوا، وبه استعينوا. واطلبوا منه الهداية للصراط المستقيم". 
وبالتالي سيكون الأسلوب مختلفاً عن أسلوب القرآن، وسوف تستخدم عبارات للشرح تجعل السورة أكثر طولاً، وتزيدها غموضاً في المعنى بدلاً من التوضيح.
ولذلك فإنه من الضروري معرفة المخاطب ونوع الخطاب، وفهم كلمات القرآن التي قد تأتي بمعانٍ مختلفة، ومعنى الكلمة يتم فهمه من السياق، حتى يتم فهم الآيات بمعناها الصحيح، وحتى نعرف القصد من الأمر الإلهي إن كان تشريعي أو توجيهي.
ولذلك علينا أن نتدبر القرآن، لفهم معانيه، والتعرف على أساليبه، لترتقي مفاهيمنا ونصل لفهم وتطبيق أفضل.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط