هل الذنوب تمنع التوفيق ؟ .. يشعر بعض الناس بعدم التوفيق في أمور كثيرة في حياتهم، ويشكون من هذا وخصوصا من قلة الرزق وعدم البركة في الرزق غير ضغوط الحياة التي نتعرض إليها وكثرة الطلبات والمستلزمات، ودائما يطلب الإنسان الرزق دون الانتباه إلى أن هناك توفيقا في الرزق وأيضا هناك بركة في الرزق.
هل الذنوب تمنع التوفيق؟
أكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الابتلاءات تأتى لترفع الدرجات، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «.. يبتلى الرَّجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقة، ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتَّى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة» رواه الترمذي.
جاء ذلك في إجابته عن سؤال: «تلازمني حالة من سوء التوفيق رغم كثرة استغفاري، ومحافظتي على الأمور الدينية، فهل هذا بلاء أم بسبب ذنب ما؟».
وقال الدكتور مجدي عاشور لسائل: «طالما أنت تقوم بواجباتك الدينية والدنيوية، وحدث مشاكل فلا تقول عدم توفيق، فربما منعك الله فأعطاك، أي منع عنك شيئا سينتج عنه معصية، فهو بذلك يكون منعك فاعطاك، مناشدًا السائل بالحمد والاستغفار».
وتابع: ابشر فالتوفيق هو أن يساعدك الله تعالى لما يرضيه وفيه خير لك، فأحيانًا يكون الفقر ومنع المال خيرًا للإنسان لأن الله تعالى يحبه».
أسباب عدم التوفيق
-انشغال العبد بالنعم عن شكرها
-رغبة العبد في العلم مع احجامه عن العمل.
-المبادرة إلى الذنوب، والتثاقل عن التوبة.
-الرغبة بمجالسة الصالحين ومصاحبتهم، مع الزهد في الاقتداء بأخلاقهم.
-النقص من تقوى الله تعالى وعدم الالتزام بطاعة الله فهذا من أهم الأٍسباب بعدم الشعور بالتوفيق ،وقد يؤدى ذلك إلى نقص البركة من الرزق.
-الحفاظ على الصلوات في أوقاتها والانشغال عن أذكار الصباح والمساء.
-الإهمال في قراءة سورة الواقعة التي تفتح أبواب الرزق عند كل صباح وتبارك والملك مساء حفاظا من الشياطين والنجاة في الآخرة.
-اتّباع الدنيا رغبةً فيها، بالرغم من كونها فانيةً زائلةً.
-زهد العبد في الآخرة والإعراض عنها، رغم معرفة العبد أنّها مقبلةٌ لا محالة.
-قلة الاستغفار سبب من أسباب قلة الرزق وقلة البركة في الرزق والشعور بعدم التوفيق، لذلك عليك الالتزام بالاستغفار دائما والتوبة من كثرة المعاصي، وجاء فضل وعظمة الاستغفار والتوبة عند الله لزيادة البركة والرزق، وقد جاء فضل الاستغفار في السنة النبوية الشريفة ، حيث قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «ثم من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب»، كما روى الصحيحين، وروي أيضا عن ابن مسعود
أسباب التوفيق
-صلة الرحم سبب من أسباب لحدوث بركة في الرزق والتوفيق الله في الحصول على الرزق، وقد جاء ذلك في السنة النبوية حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» قد رواه البخاري.
-الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب من أسباب التوفيق في الرزق ويحميك من الشعور بقلة البركة في الرزق والزواج، وقد جاء ما يثبت ذلك في نص السنة النبوية، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ " . قَالَ أُبَىٌّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي فَقَالَ " مَا شِئْتَ " . قَالَ قُلْتُ الرُّبُعَ . قَالَ " مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " . قُلْتُ النِّصْفَ . قَالَ " مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ . قَالَ " مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا . قَالَ " إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ " . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
-يعد الإنفاق في سبيل الله من أحد أهم طرق التوفيق من الله تعالى، كما أن الإنفاق في سبيل الله يعد من أهم الأسباب التي تشعرك بالبركة في الرزق، وقد اتضح ذلك في آيات قرآنية كثيرة قال الله تعالى: «قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».
-أداء الحج أو العمرة يبارك في الرزق ويجعلك تشعر بالبركة والتوفيق من عند الله تعالى، وقد تبين ذلك من خلال حديث نبوي شريف، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ») رواه التّرمذي والنّسائي، وصححه ابن خزيمة وابن حبّان، وقال التّرمذي: حديث حسن صحيح.
-الزواج من أسباب التي تساعد على التوفيق من عند الله تعالى، كما قال الله عز وجل: «وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ».
-الإخلاص لله -عزّ وجلّ-، وهو سرّ اصطفاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
- سلامة القلب من كُلّ أمراض القلوب، وعلى رأسها الشرك، وهذه صفةٌ من صفات الأنبياء عليهم السلام. إحسان الظنّ بالله، ويكون ذلك بالرضا والتسليم لكُلّ ما يقضيه على المسلم ويقدره له، كما يكون بالإيمان الجازم بحكمته وعلمه وخبرته.
-المداومة على الإنابة والتوبة إلى الله سبحانه، والإقبال عليه بكُلّ المحبّة والخضوع مع الإعراض عن كُلّ ما سواه.
-اليقين بالله، ويكون باعتقاد أنّ كُلّ ما في الكون مسيّرٌ بحكمة الله وعلمه وتدبيره.
-برّ الوالدين، وهو من أعظم أبواب التوفيق وتحقيق السعادة للمسلم في الدنيا والآخرة.
-المسارعة في الخيرات، والمبادرة في الصالحات، ويكون ذلك باغتنام فرص الأجر والثواب، والجدّ في طلب مواطن الخير.
- كثرة اللجوء إلى الله -عزّ وجلّ- ودعائه ومسألته في شتّى الأمور، وهذا من فعل الأنبياء عليهم السلام.
-قراءة سورة البقرة
أدعية للتوفيق :
اللهمّ رضّني بما قضيت لي وعافني فيما أبقيت حتى لا أحب تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت. اللهمّ إنّا نسألك عملاً باراً، ورزقاً داراً، وعيشاً قاراً.
اللهمّ اقذف في قلبي رجاءك، واقطع رجائي عن من سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك.
اللهمّ يا من لطفه بخلقه شامل، وخيره لعبده واصل لا تخرجنا عن دائرة الألطاف، وأمنا من كل ما نخاف وكن لنا بلطفك الخفي الظاهر.
بسم الله على نفسي ومالي وديني، اللهم رضّني بقضائك، وبارك لي فيما قُدّرَ لي. اللهم إني أسألك الهدى والتّقى والعفاف والغنى.
اللهمّ إنّي أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبِّتني، وثقِّل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجاتي، وتقبَّل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العُلى من الجنة.
اللهمّ إنّي أسألك فواتح الخير، وخواتمه، وجوامعه، وأوله، وظاهره، وباطنه، والدرجات العلى من الجنة. اللهمّ إنّي أسألك خير ما آتي، وخير ما أفعل، وخير ما أبطن، وخير ما أظهر، والدرجات العلى من الجنة آمين. اللهمّ إنّي أسألك أن ترفع ذكري، وتضع وزري، وتصلح أمري، وتطهر قلبي، وتحصِّن فرجي، وتُنوِّر قلبي، وتغفر لي ذنبي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة آمين.
اللهمّ إنّي عبدك ابن عبدك ابن أمتك ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، ناصيتي بيدك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أو علّمته أحد من خلقك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ونور بصري.
اللهمّ يا عظيم السلطان، يا قديم الإحسان، يا دائم النعماء، يا باسط الرزق، يا كثير الخيرات، يا واسع العطاء، يا دافع البلاء، يا سامع الدعاء، يا حاضراً ليس بغائب، يا موجوداً عند الشدائد، يا خفي اللطف، يا حليماً لا يعجل، اللهم الطف بنا في تيسير كل أمر عسير فإن تيسير العسير عليك يسير فنسألك التيسير والمعافاة في الدنيا والآخرة.
فضل الاستغفار
الاستغفار له فضائل كثيرة، نذكر منها 13 فائدة:
-الاستغفار طاعة لله -عز وجل-، ويكون سببًا لمغفرة الذنوب: كما قال تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا» [نوح:10].
- الاستغفار يكون أيضًا سببًا في نزول الأمطار، كما قال تعالى: «يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا» [نوح:11].
-الاستغفار يكون سببًا بالإمداد بالأموال والبنين، كما قال تعالى: «وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ» [نوح:12].
- يكون الاستغفار سببًا في دخول الجنات، كما قال تعالى: «وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ» [نوح:12].
- ومن فوائد الاستغفار أيضًا أنه يزيد من قوة الإنسان، كما قال تعالى: «وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ» [هود:52].
-يكون الاستغفارسبب المتاع الحسن، كما في قول الله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ» [هود:3].
- الاستغفار يدفع البلاء، كما في قوله تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» [الأنفال:33].
-الاستغفار يكون سببًا لإيتاء كل ذي فضل فضله، كما في قول الله تعالى: «وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ». [هود:3].
-والعباد أحوج ما يكونون إلى الاستغفار، لأنهم يخطئون بالليل والنهار، فإذا استغفروا الله غفر لهم، والاستغفار يكون سببًا لنزول الرحمة، كما قال تعالى: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ۖ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» [النمل:45 /46].
-ويعد الاستغفار بمثابة كفارة للمجلس، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم-: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلس فَكثُرَ فيهِ لَغطُهُ فقال قَبْلَ أنْ يَقُومَ منْ مجلْسه ذلك: سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك: إلا غُفِرَ لَهُ ماَ كان َ في مجلسه ذلكَ» رواه الترمذي.
الاستغفار تأسٍ بسُنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكان -عليه الصلاة والسلام- يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة، فعَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رواه مسلم، وقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» رواه البخاري.
قد يستغفر الإنسان كثيرًا، ليلًا، ونهارًا، ثمّ يتساءل في نفسه، ويتعجبّ من أنّه لا يجد أثرًا لاستغفاره في حياته، ويعود ذلك لعدّةٍ من الأسباب، منها:
1- التّلفظ بصيغ الاستغفار فقط بالقول، دون استشعار معناها في القلب، والصّدق في ذلك، فيكون مجرّد كلامٍ يتمّ التّلفظ به، دون رغبةٍ صادقةٍ في العودة إلى الله - تعالى- والتّوبة عما حصل.
2- عدم تحقّق جميع شروط الاستغفار، فكما قلنا أنّه كعبادة الدّعاء وهذا يترتّب بأنّ له شروطا وموانع، فإذا كان هنالك خللً في عدم تحقًق أثر الاستغفار فهذا يعني أنً هنالك خللاً في تحقق الشًروط، وانتفاء الموانع.
3- بعض أنواع الاستغفار تحتاج إلى استغفارٍ آخر، ويكون ذلك عندما يكون الإنسان قاصدًا باستغفاره معنى التّوبة عن المعاصي المرتكبة، فلا ينفع الاستغفار باللّسان فقط، إنّما وجب تحقّق شروط التّوبة الصّحيحة، ومنها الإقرار بالذّنب، وترديد ذكر الاستغفار كثيرًا.
تعريف التّوبة يعرّف مصطلح التّوبة على جزأين هما: التّوبة لغةً:هي مشتقّةٌ من الجذر اللّغويّ توب، ومصدرٌ للفعل تاب، أي تاب توبةً، وتعني عاد عن الشّيء، ورجع عن فعله، وندم عمّا قام به، وأناب إلى الله تعالى، والتّوبة تكون على نوعين: الأوّل: وهو التّوبة من الله -تعالى- على العبد، أي بمعنى أنّ الله -تعالى- ييسرّ للعبد الأسباب الّتي تعينه على التّوبة، ويوفقّه لها، ويغفر له، والنّوع الثّاني: وهو التّوبة من العبد إلى الله تعالى، أي الرّجوع إليه.
التّوبة اصطلاحًا: هي الرّجوع، والإنابة إلى الله -تعالى- بفعل العبادات، والقيام بالطّاعات، والتزام الأوامر، وترك المعاصي، والابتعاد عن النّواهي الّتي لا يرضاها الله تعالى، والعزم على عدم ارتكاب المعاصي مرّةً أخرى.
وشروط التّوبة حتّى تكون توبة العبد صحيحةً، مقبولةً عند الله تعالى، لا بدّ أن تتوافر فيها بعض الشّروط، ومن
تتعدّد الفروق بين مصطلحي التّوبة، والاستغفار، و من هذه الفروقات:
1- في الاستغفار يمكن أن يكون ما زال العبد مصرًّا على فعله، فلا يشترط الإقلاع عن الذّنب، أمّا التّوبة فلا يمكن فيها إلّا الإقلاع عن الذّنب وعدم العودة إليه.
2- لا يشترط في الاستغفار القبول، فهو كالدّعاء، أمّا التّوبة فتقبل إن توافرت فيها الشّروط.
3- الاستغفار يمكن أن يؤدّيه الإنسان عن ذاته، ويمكن عمّن شاء من المسلمين أجمعين، أمّا التّوبة فلا يمكن أن يقوم بها إلّا الإنسان الّذي يبتغيها، وأيضًا الملائكة تستغفر للمؤمنين، في حين أنّها لا تتوب عن أحد.
4- ينال المسلم باستغفاره عن المسلمين الأجر، والثّواب، في حين أنّ بالتّوبة لا يوجد مثل ذلك، لأنّه بالأصل لا أحد يتوب عن أحد.
5- التّوبة تجوز في كلّ الأوقات، لكن لها وقتٌ محدّدٌ تنتهي بانتهائه، فمتى ما غرغر الإنسان في وقت الموت فلا تصحّ توبته، في المقابل الاستغفار مشروعٌ في كلّ الأوقات.
6- التّوبة تكون نتيجة ارتكابٍ للذّنوب والمعاصي، أمّا الاستغفار فلا يشترط فيه ارتكاب المعاصي، بل يمكن أن يكون سبباُ في الرّغبة بالاستزادة من الأجر، والثّواب.
فوائد الاستغفار والتوبة
تعود توبة العبد إلى ربّه، واستغفاره عمّا ارتكب من أخطاءٍ في حياته على نفسه، وحياته، بفوائد جليلةٍ، وآثار عظيمةٍ، تنفعه، وتقوّيه، ومن فوائد، وآثار الاستغفار ما يأتي:
١- القرب من الله -تعالى- وكثرة التّعلق به، فكلّما انشغل المسلم بذكر الله، زاد تقرّبه إليه.
٢- سببٌ في تفريج الكرب عن العباد، وانشراح صدورهم، وذهاب همومهم، وغمومهم.
٣- سببٌ في دخول جنّات النّعيم، والتّمتع بما أعدّ الله -تعالى- لأهلها؛ فكثرة الاستغفار تؤدّي إلى مغفرة صغائر الذّنوب، وكبائرها، وهنالك اختلافٌ بين الفقهاء في هذا الأمر على النّحو الآتي:
- الشّافعية: يرون أن الاستغفار إذا كان مقصد العبد فيه الانكسار، والافتقار، دون التّوبة فإنّه بذلك يكفرّ صغائر الذّنوب لا كبائرها المالكيّة.
- والحنابلة: يرون أنّه يكفرّ جميع الذّنوب، لا فرق بين الكبائر، والصّغائر.
٤- سببٌ في دفع البلاء الّذي قد يصيب الإنسان، كما أنّ بالاستغفار تحلّ الكثير من المشاكل، والصّعوبات الّتي قد تواجه الإنسان، ويصعب عليه حلّها.
٥- يعدّ الاستغفار نوعا من أنواع العبادات الّتي يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، ومن هذه العبادات الدّعاء، فهو ينبثق منه، فمن يستغفر الله -تعالى- فكأنمّا يدعوه، خاصّةً إذا كان يصاحب ذلك الشّعور بالانكسار، والافتقار، والتّذلل لله، والاستغفار في الأوقات الّتي تجاب فيها الدّعوات.
٦- إنزال الأمطار، والأرزاق عى العباد، وإنبات النّبات، قال تعالى: «وَيا قَومِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا»، وإمدادهم بالقوّة، والمنعة، قال تعالى: «وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمينَ».
٧- منع نزول المصائب الّتي قد تصيب الإنسان، ودفع النّقم عنه.
٨- سببٌ في الشّفاء من كثيرٍ من الأمراض الّتي قد تصيب الإنسان، وهو سبب في دفع الفقر الّذي من الممكن أن يشعر الإنسان فيه، وسببٌ في تكثير المال، والولد.
٩- استحقاق، ونيل رحمة الله تعالى في الدّنيا، والآخرة، قال تعالى: «قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».
١٠- سببٌ في تكفير الكثير من الأخطاء الّتي تحصل في المجالس بسبب الحديث، فمن يلزم الاستغفار بعد كلّ مجلسٍ يتواجد فيه فبذلك تكفرّ عنه سيّئاته في ذلك المجلس إن بدرت منه.
١١- سببٌ في النّجاة من النّار يوم القيامة، وفي المقابل نيل الدّرجات، وعلوّها في الجنان.