الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نرمين الشال تكتب: مساوئ العالم الرقمي 

صدى البلد

منذ فترة ونحن يتردد على أسماعنا عبارة " تطبيقات إلكترونية خطرة "  وتمثلت خطورتها في الآثار السلبية لاستخدام هذه التطبيقات  والألعاب الإلكترونية التي تشغل الأطفال والمراهقين لأوقات طويلة وتسيطر على عقولهم وتدخلهم في حالة من العزلة أو محاكاة محتواها مما أدى  ببعضهم للانتحار، بعدها ظهر مصطلح آخر هو "  تطبيقات سيئة السمعة " ويندرج تحته أيضا عدد من التطبيقات الإلكترونية مثل تطبيق التيك توك، هاجو، ولايكي، لأن جميعها يطلب الدخول على البيانات الشخصية  للمستخدمين، والسماح بمشاركتها مع جهات وتطبيقات أخرى، بينما يستغل بعض هذه التطبيقات الأطفال دون السادسة عشر عاما في تصوير وارسال ومقاطع فيديو.  
 
الآن هناك نوعية أخرى من التطبيقات شديدة الخطورة تم طرحها بواسطة شركات متخصصة في جمع وتحليل البيانات تحت عنوان  " اكسب المكافآت من مشاركة الصور والمهام " حيث تقوم هذه التطبيقات بدفع الأموال للمستخدمين مقابل الحصول على البيانات والمعلومات  الشيء الذي أغرى الكثيرين لتحميلها،  بداية  كن متأكدا أن جميع بياناتك الشخصية والمعلومات والصور الموجودة على هاتفك المحمول سوف  يتم نسخها بمجرد تثبيت هذه التطبيقات، وعند قيامك بالمهام التي يتم تكليفك بها فأنت تقوم بنقل المزيد من المعلومات عن أفراد عائلتك ومكان إقامتك والمدينة والمحافظة التي تعيش فيها،  سوف يُطلب منك في البداية مشاركة صورة توضح حالة الطقس وأسعار السلع الأساسية  في بلدتك ثم  يُطلب منك تصوير منشآت عامة وحيوية  علما بأن جميع المهام خارجية ولابد للمستخدم من ارفاق الصور بالمعلومات،  كل هذا بمقابل مادي زهيد جدا لا يتعدى بضع سنتات أمريكية، في حين أن الحد الأدنى للسحب هو 25 دولار أمريكي، وعليك إذا أن تتخيل كمية المعلومات المطلوب منك ارسالها مقابل هذا المبلغ البسيط  بينما تحقق هذه الشركات أرباح طائلة من بيع هذه البيانات والمعلومات أو مشاركتها مع جهات أخرى.  
 
والسؤال الآن : لمن تباع بياناتك ؟
كل هذه البيانات والتي يعتقد الكثيرين في عدم أهميتها يتم إدخالها على أنظمة إلكترونية متطورة تقوم بمعالجتها  وتبويبها  وأرشفتها ويتم تحديثها تلقائيا مع كل معلومة جديدة،   ومن ثم يتم بيعها  لأصحاب الشركات والمسوقين حول العالم   ويختلف السعر باختلاف  جهة الشراء، والمهم هنا ليس  حجم الربح الذي تجنيه تلك  الشركات من هذه التجارة فربما ندرك حجم الخطر من شيوعية هذه المعلومات إذا ما علمنا أن الإحصائيات التي أجريت مع نهاية 2020 أظهرت أن  عدد  مستخدمي الانترنت حول العالم يُقدر بحوالي 4 مليار ونصف شخص أي أن أكثر من 60% من سكان الأرض واقعون تحت أسنان هذه الترسانة الإلكترونية بعد أن تم تعريتهم من  أي خصوصية شخصية  فيتم توجيههم دون وعي.    
الغريب أن هذا التنامي  اللامعقول في عالم التكنولوجيا  لا يقابله  إجراءات  توعوية  على نفس المستوى من  قبل الدول  فجميع التدابير والإجراءات تجاه تغول العالم الرقمي حتى الآن لا تتعدى  التوصيات والتحذيرات التي يصدرها  خبراء وباحثي أمن المعلومات حول العالم بعدم تنزيل هذه التطبيقات أو حذفها والتدقيق في الأذونات المطلوبة عند تنزيلها  ولقد تابعت  أراء وتقيمات مستخدمي أحد هذه البرامج   وينتمي  أغلبهم  للمنطقة العربية  وجدتهم قد صبغوا بصبغة العالم الرقمي وتحول انتمائهم للجهة التي ترسل لهم الأموال،  وجدتهم يتعاملون مع هذه التطبيقات بنوع من التساهل وعدم المبالاة غير عابئين بالمسائلة القانونية   رغم أن بعضهم أدرك من طبيعة المهام التي أرسلت إليه أنها ربما تنطوي على بعض أنشطة التجسس التي تجرمها القوانين المحلية لهذه الدول.