الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.أحمد سعد عقل يكتب: الأسطورة والدكتوراه الفخرية

صدى البلد

لا عجب عندي من حصول أي أحد كائنًا من كان على الدرجات الفخرية من جامعات أو مؤسسات أو منظمات داخلية أو خارجية. الأمر لا يعدو أن يكون حلقة من حلقات مسلسل التدني الثقافي والعلمي، والاستهزاء بقيمة اللقب وما ينبغي أن يتوافر من شروط فيمن يحصل عليه، وفي ظني- وليس كل الظن إثم - أن حصول الممثل الفلاني على لقب دكتور لا يغير من الأمر شيئا، فكثير ممن حصلوا على هذا اللقب في السنوات الأخيرة حصلوا عليه بطرق غير مشروعة، إما عن طريق مراكز تقوم بعمل هذه الأطروحات والرسائل مقابل مبالغ مالية، وإما عن طريق التقرب من أحد أساتذة الجامعة الذين سيطرت عليهم المادية، فاتخذوا من هذا العمل سلما للوصول إلى ما يريدون من جمع أكبر عدد من الشباب حولهم لتنفيذ رؤيتهم في الحياة وهدفهم، أو الحصول منهم على مال مقابل التنازل عن مضمون الرسائل العلمية، فاكتظت الجامعات كل يوم بقاعات المناقشات التي تنتج للمكتبة العلمية أسوأ ما يمكن أن يقدمه أهل زمان ليسطر في سجل تاريخهم. وإما عن طريق ما يسمى الدكتوراه المهنية أو الفخرية التي تمنحها بعض الجامعات والمؤسسات، فينال صاحبها لقب(دكتور)، وكأن اللقب في حد ذاته فخر لصاحبه.
إن خبر حصول أحدهم على لقب دكتور من جامعة كذا التي تمنح كل يوم عشرات الألقاب لشخصيات مثيرة للجدل في مجتمعاتها خبر لا يثير الاستغراب، ولا يدعو لكل هذه الموجة من الغضب، هب أن كل الناس أصبحوا يلقبون بلقب: دكتور، أو مستشار، أو سفير... فماذا يغير هذا اللقب من صاحبه، وماذا يضر من سهر وتعب واجتهد للحصول على هذه الدرجة العلمية بحق؟ إن ما يسمى دكتوراه مهنية أو فخرية أو ما شابههما من ألقاب غير مستحقة لأهلها إنما هي كزبد البحر، لاتلبث أن تطيح بها الرياح بعيدا فتذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس من علم فيمكث في الأرض. وأنا أعلم يقينًا أن كلامي هذا يثير غضب الكثيرين، لكنها كلمات تأخر وقتها طويلا، ولا أحب أن تتأخر أكثر من ذلك.
صححوا مسار التعليم الجامعي وبعد الجامعي وضعوا ضوابط أكثر جدية له، حاسبوا المتسببين في حالة التدني العلمي للحاصلين على الماجستير والدكتوراه، ولا تسمحوا بحصول من لا يستحق الدرجة العلمية ألقابها، ولا عليكم من هؤلاء الذين يملأون الأرض فسادا، فحصولهم وعدم حصولهم على هذه الألقاب لا يعني شيئا، حاسبوهم على أفعالهم التي يدمرون بها الأجيال، ويخربون بها عقول الشباب، وينتهكون حرمة هذه الأمة المصرية، لايشغلكم عن التصدي لخبيث مخططاتهم هذه الأمور التي يثيرونها من حين لآخر ليلفتوا انتباهكم بعيدا عن موطن جرمهم. الفساد لا يمكن أن يسمى بأي اسم آخر حتى وإن لقب بأي لقب، أو لبس ثيابا غير ثيابه.