الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر عاقيل يكتب: صفقات مضروبة

صدى البلد

 

يبدو أن الأندية المغربية لم تصل بعد إلى مرحلة من النضج في انتذاباتها للاعبين، إذ لا تزال الأخطاء تتكرر من موسم إلى آخر من حيث المزايدات في أسعار الصفقات المضروبة، دون النظر إلى الحاجة الفنية للفريق، أو مراعاة لﻹلتزامات المالية المترتبة على خزينة النادي، ومن ثم بمجرد أن تتلاشى تلك الأضواء حتى ينكشف الواقع الفني لتلك الصفقات.

ولعل من أسباب ذلك هو الطريقة التي يصطنع بها سماسرة اللعبة عروضا وهمية للاعبيهم حتى يتم التسويق لهم، يساهم في ذلك ترويج الإعلام الرقمي لكم هائل من الأخبار المغلوطة، تتم من خلالها في بعض الحالات مضاعفة صفقات اللاعب بأرقام مبالغ فيها، إضافة إلى وجود مزايدات عند أي صفقة تبرز على الساحة من قبل رؤساء الأندية، أفرزت لنا عديد التجارب تباينا في النتائج نجحت في بعضها وفشلت في الكثير منها، ولعل من النماذج صفقات الكثير من اللاعبين خلال السنوات الأخيرة شهدت مزايدات ومغالاة في الأسعار لم يكتب لها النجاح، بل تم التخلص من أولئك اللاعبين سريعا بعد ثبات فشلهم، مازالت الأندية تدفع ثمنها، والسبب هو أن الإختيار يتم على عجل رغبة في إدراك الوقت وإكمال النصاب، وهو أمر شاهدناه في هذا الميركاتو نفسه من خلال أسماء كانت موجودة سابقا ولأكثر من موسم وتم تسريحها رغم أنه عند حضورها كانت فاتورتها مكلفة جدا.

ينضاف إليها صور التخبط الإداري في التعاقدات العشوائية مع اللاعبين الأجانب أو المحليين، دون رؤية واضحة لاحتياجات الفريق من مراكز اللاعبين، ناهيك عن المبالغ المالية المبالغ فيها بتلك الصفقات التي سرعان ما يتم تبديلهم في فترة اﻹنتقالات الشتوية، وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه فلا يمكننا انتظار الأفكار الإبداعية، أو العمل الإحترافي والتخطيط العلمي والعملي الممنهج للعبة من قبل رؤساء الأندية وحتى من يقودون المؤسسات الساهرة التي تتبع وتقييم الأندية.

وهنا يتبادر إلى أذهان جماهير الأندية كيف للأندية التي تشتكي من ضيق الحال، أن تتعاقد في الوقت ذاته مع لاعبين خلال فترة اﻹنتقالات؟

ربما تكون الإجابة أكثر مأساوية من السؤال ذاته، ذلك أن معظم إدارات الأندية لا تملك خيارات متنوعة للتعامل مع المشكلة المالية، سوى تحمل تبعات مزيد من الديون والقرارات الخاطئة، وما يتبعها من نتائج كارثية تعوق عمل الإدارات اللاحقة إن لم تتسبب بإيقاف العمل كليا، وهو ما يزيد الحالة المالية الصعبة التي تعيشها الأندية تعقيدا، وإلى تزايد أعداد الشكاوى المنظورة والجديدة التي تقدم للجنة النزاعات داخل الجامعة المغربية، تضاف لها تلك القضايا التي تم البت بها من قبل محكمة الطاس لكرة القدم، وما تزال الأندية غير قادرة على دفع مستحقات اللاعبين والفوائد المالية التي ترتبت عليها.

تعزيز صفوف الفريق بلاعبين في المستوى في حسابات التنافس على الألقاب يعد أمرا مشروعا للغاية، لكن اللافت للنظر أن الأندية تتوغل في الخطأ، وهي تنظر في المقام الأول إلى مكاسب الألقاب على حساب بناء الفريق كما يجب، ولذلك فإن معظم تعاقداتها تكون مع لاعبين من أندية أخرى، ناسية أو متناسية أن ذلك سيعود عليها بالضرر في مواسم لاحقة، لأنها بذلك تدمر جيلا شابا من اللاعبين الذين يحتاجون إلى الصبر ومنحهم فرصة كاملة لإثبات حضورهم بعد اكتسابهم تجربة المباريات الرسمية.

بيد أن هذا التنافس على ضم اللاعبين يجب أن لا يفقد الأندية تركيزها ورشدها، لأن تكديس اللاعبين على مقاعد اﻹحتياط سيكون له ضرر كبير، بما أن الجميع لديه الرغبة في اللعب، أو الابتعاد والبحث عن فرصة أخرى مع ناد آخر، ما يؤزم من قدرات الأندية المالية التي ستتضاءل تدريجيا ولن تكون قادرة على الإيفاء بالمتطلبات المالية على أكمل وجه، والأهم من ذلك كله أن مشروع صناعة نجوم المستقبل سيصاب بالضرر، طالما بقي الحرص الأول على استقطاب النجوم الجاهزة، التي هي في الأصل تفكر في صفقات احتراف خارجية مهما كانت قيمتها الفنية، بما أن النظرة تكون لحجم الفائدة المادية.

لا يمكن لأي عمل منظم أو مؤسس على المستوى الفردي أو الجماعي مهما كان حجمه أو مابذل فيه من مجهود ومال فهو يحتاج إلى خبرات من قبل أصحاب الإختصاص وما يحدث في أنديتنا من عشوائية في التسجيل والإندفاع والسعي لجلب النجوم والأسماء دون مراعاة لأهمية توزيع الأدوار يقودان للفشل الذريع الذي تقع فيها أنديتنا ما هي إلا نتيجة عشوائية وجهل للمسؤولين في الأندية، والتسرع في إبرام صفقات دون التأكد منها ومن الفائدة التي ستنعكس على الفريق، وترك الأمور الفنية برمتها للسماسرة وبعض المحسوبين علي العمل المكاتب الإدارية لذين يقتاتون من وراء هذه الصفقات الفاشلة التي تكبد الأندية مبالغ كبيرة رغم معاناة بعضها من شح الموارد المادية.

وهو ما يفرض على الأندية إلى ضرورة التعاقد مع مدراء فنيين يملكون الصلاحية في تتبع ومتابعة احتياجات الفرق لتنظيم الأمور والبرامج الفنية والتنسيق مع الجهاز الفني في مسألة التعاقد واختيار اللاعبين المحليين والأجانب وتترك لهم حرية التصرف واتخاذ القرار في كل ما يخص الأمور الفنية.