تعتبر شجرة مريم من الآثار القبطية المعروفة في القاهرة، وتعرف باسم شجرة العذراء مريم، ويمكن الوصول اليها من شارع متفرع من شارع المطراوى، هو شارع مساكن شجرة مريم حيث توجد الشجرة محاطة بسور كبير ويتوسطه حديقة جميلة.
وتقع هذه المنطقة بالقرب من مسلة سنوسرت بمنطقة المطرية الأثرية، وتضم شجرة الجميز التي استظلت بها العائلة المقدسة خلال مرورها بمنطقة المطرية في رحلة هروبها من بطش هيرودس، كما تضم المنطقة أيضًا البئر التي حممت فيها السيدة العذراء طفلها وغسلت فيها ملابسه.
يذكر أن السيدة مريم وابنها المسيح هربا من اضطهاد وظلم هيرودس الملك الروماني في ذلك الوقت بسبب حملته على أطفال بيت لحم خوفاً على ملكه، وذكر المقريزى أن العائلة المقدسة حطت بالقرب من عين شمس ناحية المطرية، واستراحت بجوار عين ماء، فصارت العين محل تعظيم من الأقباط، كما تحرص الكنيسة القبطية المصرية على الاحتفال بتلك الذكرى المباركة أول شهر يونيو من كل عام، وذكر أيضاً أن المكان اشتهر بنبات البلسان المستخرج منه عطر البلسم، وكان من الهدايا الثمينة التي يختص بها الملوك والرؤساء، ويقال إن أشجار البلسان كانت تروى من هذه البئر المقدسة، ويذكر أن الشجرة الأصلية التي استراحت تحتها مريم وابنها أدركها الضعف والوهن، ما دفع الكهنة إلى أخذ فرع من فروعها، وأعادوا زرعه بالكنيسة المجاورة لمنطقة الشجرة، المسماة كنيسة العذراء مريم، فنمت الشجرة وتفرعت، ومنذ فترة قريبة أخذ فرع منها، وزرع ملاصقاً لمكان الشجرة الأصلية العتيقة، ومن ثم فإن الشجرة الموجودة حالياً نبتت من جذور الشجرة الأولى، ولما تتمتع به هذه الشجرة من مكانة، قامت هيئة الآثار ببناء السور الموجود حولها، وحولت المكان إلى مزار سياحي.
وذكر المؤرخ الإسلامي المقريزى الذي عاش حوالي منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، أن العائلة المقدسة حطت بالقرب من عين شمس ناحية المطرية وهناك استراحت بجوار عين ماء، وغسلت مريم فيها ثياب المسيح وصبت غسالة الماء بتلك الأراضي، فأنبت الله نبات البلسان ولا يعرف بمكان من الأراضي إلا هناك، وكان يسقى من ماء بئر تعظمها النصارى وتصدها وتغتسل بمائها وتستشفي به، وقد ذكر أيضا أنه كان يستخرج من البلسان المذكور عطر البلسم، وكان يعتبر من الهدايا الثمينة التي ترسل إلى الملوك وقد ظلت حديقة المطرية لعدة قرون مشهورة كأحد الأماكن المقدسة في الشرق، وكانت مزارا مرموقا لكثير من السياح والحجاج من جهات العالم المختلفة، ولا تزال الكنيسة القبطية المصرية تحتفل بتلك الذكري المباركة أول شهر يونيه من كل عام وهي تذكار دخول المسيح أرض مصر.
وفي أثناء الحملة الفرنسية على مصر عرج الجنود الفرنسيون في طريقهم لزيارة شجرة العذراء وكتب الكثير منهم أسماءهم على فروعها بأسنة سيوفهم، ونستطيع أن نرى ذلك واضحا على الشجرة العتيقة.
ويذكر أن شجرة العذراء مريم الاصلية التي استراحت عندها العائلة المقدسة قد أدركها الوهن والضعف وسقطت عام 1656 م، فقام جماعة من الكهنة بأخذ فرع من فروع هذه الشجرة وقاموا بزرعها بالكنيسة المجاورة لمنطقة الشجرة والمسماة بكنيسة الشجرة مريم ونمت الشجرة وتفرعت، ومنذ فترة قريبة تم أخذ فرع من هذه الشجرة، وتم زرعها ملاصقة للشجرة الأصلية العتيقة وهي عامرة بالأوراق وثمار الجميز الآن ويذكر أن الناس يذهبون إلى هذه الشجرة ليستبركوا بها، وهناك اعتقاد من بعض المسيحيين أن هذه الشجرة تجعل النساء حوامل ممن هن لا يستطعن الحمل.
وفي إطار خطة وزارة السياحة والآثار لمتابعة سير الأعمال بالمناطق الأثرية والمزارات السياحية، تفقدت غادة شلبي نائب وزير السياحة والاثار لشئون السياحة، والمهندس إبراهيم صابر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، والدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الاسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، منطقة شجرة مريم بحي المطرية بالقاهرة، إحدى نقاط مسار العائلة المقدسة، وذلك للوقوف على مستجدات أعمال مشروع تطويرها والمنطقة المحيطة بها، تمهيدا لافتتاحها قريبا.
وشارك في الجولة المهندس عادل الجندي مدير عام الإدارة العامة للاستراتيجية بوزارة السياحة والآثار والمنسق الوطنى لمشروع إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، واللواء حسام لبيب محمد رئيس حي المطرية، ويمنى صلاح الدين مدير عام مناطق آثار شمال القاهرة، وأسماء عبد العزيز مدير منطقة آثار شجرة مريم، وعدد من مفتشي الآثار بالمنطقة.
وخلال الجولة أوضحت نائب الوزير أن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً لمشروع تطوير شجرة مريم وذلك ضمن خطتها لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر وتطوير الخدمات المقدمة للزائرين بالمواقع الأثرية والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
كما أشادت بالجهود المبذولة لتطوير هذه النقطة الهامة من المسار لتعكس الطابع البصرى الموحد للمسار استعداداً لافتتاحها قريبا واستقبال الزائرين من مختلف دول العالم، مؤكدة على أنه بعد الانتهاء من تطوير المنطقة المحيطة بشجرة مريم وإتمام المشروع سوف يكون ذلك نقطة جاذبة للسائحين وسيكون له بالغ الأثر الإيجابى على المجتمع المحلى بالمنطقة، حيث من المتوقع أن تستقبل المنطقة شريحة كبيرة من محبى هذا النمط السياحى.
وأكدت نائب الوزير أن وزارة السياحة والآثار وكافة الجهات المعنية تحرص على متابعة تطور المشروع بشكل دائم نظرا لما يمثله كمنتج سياحي متميز يقدمه المقصد المصرى للسائح حتى يستمتع خلاله برحلة سياحية روحانية فريدة، كما أنه يتم في ضوء خطة الدولة لتحقيق التنمية المستدامة.
ومن جانبه، أشار الدكتور أسامة طلعت الى أن الجولة شملت الموقع الأثري العام ليتضمن الشجرة والبئر والمغارة، ومتابعة كافة مراحل تطوير المشروع من أعمال الصيانة، ورفع كفاءة الموقع لاستقبال الزائرين وأعمال وتركيب وحدات الإضاءة والبطاقات التعريفية للأيقونات الموجودة بالساحة الخارجية للمنطقة والقطع الأثرية القبطية التي سيتم عرضها بقاعة العرض المتحفي بمنطقة شجرة مريم.
كما تم أيضا خلال الجولة تفقد ما تم إنجازه من أعمال جمالية ورصف لكى تكون الطرق المحيطة بالمنطقة على استعداد لاستقبال الأتوبيسات السياحية.