قال المستشار محمد كامل عبدالستار ، رئيس محكمة الجنايات، قبل النطق بالحكم على متهمين في القضية رقم 142 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ العجوزة، المقيدة برقم 386 لسنة 2020 جنايات أمن الدولة العليا طواري والمعروفة إعلاميا بـ "خلية أحرار الشام": إن المحكمة وقد اختصها الله فشرفها بإتمانها على حقوق البلاد والعباد.
وتابع رئيس المحكمة: وانطلاقا من حمل المحكمة عبء هذه الأمانة ولما تفرضه قواعد العدالة والضمير الإنساني عامة وضمير القاضي خاصة، وبعد أن سبرت المحكمة أغوار الدعوى المطروحة فأحاط بها عن بصر وبصيرة فعن لها وهي تضع الموازين القسط أن يبعث بعدة رسائل للمتهمين ليحيا من حي عن بنية ويهلك من هلك عن بنية.
وأضاف رئيس محكمة الجنايات، أن الشريعة الإسلامية السمحاء جاءت بمنهج شامل لكل نواحي الحياة، تحمل بداخلها التوافق مع فطرة الإنسان وطبيعته، وتمتلك الآليات التي تنظم العلاقة بين الإنسان وربه بطريقه الوسطية لا إفراط فيها ولا تفريط، لا تحمل غلوا ولا جفاء يقودها إلي التطرف والإرهاب المقيت، والذي إن نشأ في أمة ووجد فيها التربة الخصبة أتى على الأخضر واليابس فيها.
وأوضح رئيس محكمة الجنايات، أنه رغم ما تحمله الشريعة الإسلامية من سماحة وخير للبشرية كافة فإنها لا تزال تتلقى الطعنة تلو الأخرى ليس من أعدائها وفقط، بل تصاعدت لتأتيها على أيدي أبنائها، الذين وجدوا فيهم ضالتهم للانقضاض على هذه الأمة وتشويهها، وإلصاق التطرف والإرهاب بها، وتلبيس الأمر على الناس، وتحويل العلاقة بين المتضادات إلي مرادفات، كما حدث بين المزاوجة بين الإرهاب والجهاد وتسويق الإرهاب على أنه أحد مرادفات الجهاد.
وأوضح أن الإسلام حينما شرع الجهاد الذي هو بمفهوم القتال، لم يشرعه إلا للدفاع عن الأمة الإسلامية وصد عدوان الطغاة عليها، ورفع الهوان عن المسلمين الذين عذبوا و هجروا من بيوتهم وسلبت منهم حقوقهم وعزلوا عن الدنيا كلها، فالمسلم مأمور شرعا الا يعتدي على أحد من الخلق، والله تعالى وصف نبيه صلي الله عليه وسلم بأنه رحمة لكل الخلق، في حين أن الإرهاب هو ذلك الرعب الدموي والعدوان المادي والمعنوي و المس بالأبرياء، والقيام بأعمال من شأنها التأثير سياسيا على قبول أفكارهم الشاذة وآرائهم المغلوطة و مواقفهم المتشددة.
وأشار إلى أن الجهاد أمر مشروع لهدف مشروع، بينما الإرهاب أمر غير مشروع سواء أكانت غايته مشروعة أو غير مشروعه، لأن مشروعيته تسقط حينما تتضمن وسيلته إزهاق الأرواح والاعتداء على الممتلكات والأعراض وزعزعة أمن المجتمع والإضرار به.
ونوه: الجهاد كلمة لها مدلولها الواسع في الإسلام، فهي مشتقة من الجهد ومعناها في اللغة بذل الطاقة والوسع، أي أنه يطلق على كل مايستفرغ الإنسان فيه وسعه وطاقته وليس معناه قاصرا على الحرب والقتال كما قد يتبادر خطأ لأذهان البعض.
ولفت إلى أن الجهاد في الإسلام قد اتسم بنبل الغاية والوسيلة معا لذلك فلا عجب أن تكون الآثار والثمار المتولدة عن هذا الجهاد متناسقة مع السياق ليسوا أول من يؤمروا بالجهاد دفاعا عن العقيدة والأوطان بل أيضا أتباع الشرائع السماوية الأخرى فعلوا ذلك ولم تخل شرائعهم من تقريره والقيام به.
واسترسل: حياة المسلم كلها جهاد في عبادته لله تعالى، وعمارة للأرض، وتزكية للنفس، وحسن تربية الأبناء وتنشئتهم صالحين لأنفسهم وأوطانهم ورعايتهم يا فاطمة السيد "المتهمة الثامنة"، والإدعاء بأن مفهوم الجهاد في الإسلام مقصور على الحرب والقتال فقط هو ادعاء مخالف للحقيقة، وهذا الادعاء هو المطية التى يمتطيها المرجفون والمتطرفون في سوء فهمهم للإسلام، وهم فئة ضالة مضللة، أتوا بأحاديث مغلوطة ليس لها من أساس من الصحة وأن منهج الإسلام بريء منهم ومن أفعالهم المنكرة.
وأردف قائلا: إن المحكمة قد هالها أن المتهمة الثامنة بأمر الإحالة "فاطمة السيد"، بعد رحيل والد أبنائها ومنهم المتهم الخامس بأمر الإحالة، صارت أم وأب وهذان في الدنيا هما الرحماء إلا أنها قد ضل سعيها وهوى بها تطرف فكرها فحمل على نفسها غوايتها بتقديم فلذة كبدها قربانا لمحرقة الإرهاب وهو طفل كان بالكاد قبل أن يبلغ السادسة عشر من عمره فسألته إلى سبيل المغضوب عليهم والضالين معلما لنفسه ولغيره.
ووجه رسالة قائلا: فيا كل أب ويا كل ام، ويا كل من تولى أمر طفل، اتقوا فيمن ولاهم الله أمرهم فكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.
و عاقبت المحكمة برئاسة المستشار محمد كامل عبدالستار رئيس محكمة الجنايات، وعضوية المستشارين محمود زيدان ومحمد نبيل، وبحضور أحمد عصمت عبد المعبود عضو نيابة أمن الدولة العليا، وسكرتارية أحمد صبحي عباس، المتهم هشام أحمد عبدالرحمن "أبو أسيا" بالسجن المؤبد عما أسند اليه، كما عاقبت فاطمة السيد السيد والدة المتهم أحمد ربيع بالسجن المشدد 7 سنوات.
وقضت بالسجن 5 سنوات لكلا من عبدالرحمن عبدالعليم ومحمد عبدالفتاح وسياف سلامة ورمضان السيد ورمضان صالح، كما قضت ببراءة المتهم أحمد ربيع رشاد.
وقررت المحكمة إلزام المحكوم عليهم بالاشتراك في دورات إعادة تأهيل لمدة سنتين، وإدراجهم على قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وحل تنظيم أحرار الشام الإرهابي وإغلاق مقاره وأمكنته في البلاد وخارجها،