رغم مرور سنوات طويلة مازلت أتذكر أقامتى فى فندق هيلتون كليفيلاند فى غرفتى المطلة على الشارع , فزيادة فى حفاوة الاستقبال حجزوا لى غرفة كبيرة تطل مباشرة على واحد من أكثر شوارع المدينة حيوية , وكانت مفاجأة أول صباح لى فى الفندق هو أننى أستيقظت فى الخامسة صباحاً على أصوات أقدام الناس فى الشارع وهم ذاهبون الى أعمالهم , فضجيج الحركة بعد السكون على الارصفة العتيقة المغطاه بالبازلت كانت كوقع الطبل على الأذن , نظرت من الشباك لأرى ماذا يحدث , فوجدت الشارع يعج بالحيوية والنشاط وكأنه وقت الظهيرة فى القاهرة .
تذكرت هذا الموقف عندما قرأت عن مقترح الرئيس للعمل مبكراً , وهو مقترح معمول به فى كل دول العالم التى سبقتنا فى التقدم , وكان معمولاً به فى مصر عندما كنا نسبق العالم كله فى التحضر , وكان معمولاً به فى الجزيرة العربية عندما كان اليوم كله يبدأ بعد صلاة الفجر وينتهى بعد صلاة العشاء , حيث يذهب الناس بعدها الى السكون والنوم فى طمأنينة , وهو تقليد معمول به فى أمريكا ومعظم دول أوربا , حيث تغلق المحلات أبوابها مع غروب الشمس تقريباً بأستثناء بعض الاماكن السياحية التى يسمح فيها للمحال التجارية بالعمل حتى التاسعة مساءاً .
ولو راجعنا مواعيد شروق الشمس فى صيف مصر الحارق هذه الايام سنجده يدور حول الساعة الخامسة صباحاً , وفى الشتاء يدور حول الساعة السادسة صباحاً , والفجر فى الصيف فى حدود الساعة الرابعة صباحاً وفى الشتاء فى حدود الساعة الثالثة صباحاً , أى انه فى الصيف يستطيع أى أنسان ان يذهب الى مقر عمله فى السادسة صباحاً بعد حوالى ساعة من شروق الشمس , ويستطيع الذهاب الى عمله فى الشتاء فى الساعة السابعة صباحاً بعد مرور ساعة ايضاً من شروق الشمس .
لذا فأننى أعتقد ان دعوة الرئيس لتبكير مواعيد العمل تتناسب تماماً مع طبيعة المناخ الحار فى مصر اليوم , مما سيسمح للموظفين بالذهاب الى أعمالهم مبكراً والعودة مبكراً قبل أشتداد درجات الحرارة , ويتيح لهم أيضاً فرصة العمل مرة أخرى فترة مسائية من الرابعة عصراً وحتى التاسعة مساءاً , لمن يرغب منهم فى عمل أضافى فى نفس مكان عمله أو مكان آخر لزيادة دخله أو لتحسين مستوى معيشته .
هذا من ناحية تحسين مناخ العمل , أما من ناحية تحسين أحوال الموظف الصحية والنفسية ففيها فوائد لا تعد ولا تحصى ذكرها من هم أكثر منى علماً ودراية بالاثر الصحى والنفسى للاستيقاظ المبكر والنوم المبكر , وأحسب ان تعديل مواعيد العمل مبكراً لقطاع الموظفين فى مصر سوف يؤدى بالتبعية الى تحسين مواعيد نوم وأستيقاظ الابناء سواء كانوا فى مرحلة الدراسة أو قبلها , وسوف يؤدى أيضاً بالتبعية الى عملية ضبط تلقائى لمواعيد فتح وغلق المحال التجارية وغيرها من الانشطة بما يتناسب مع تبكير مواعيد العمل المبكرة , مما سيكون له أثر أيجابى عظيم على كل قطاعات الدولة دون أستثناء .
لذا أتمنى ان تبدأ الحكومة على الفور فى أجراءات تفعيل دعوة الرئيس بتبكير مواعيد العمل فى مصر , لتصبح فى السادسة صباحاً فى الصيف والسابعة صباحاً فى الشتاء .