تباينت ردود أفعال شعوب المنطقة على مقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في عام 2011، فمنهم من ابتهج علانية لمقتل "الديكتاتور"، وهناك من حزن على رحيل الزعيم السياسي، وقد نشرت جميع وسائل الإعلام تقريباً أنباء تفيد بأن معمر القذافي قُتل على يد الثوار الليبيين.
ووفقا لتقارير ليبية، تم تقديم مقتل القذافي على أنه النتيجة الصحيحة لـ "حرب التحرير" للشعب الليبي ضد "الديكتاتورية"، إلى جانب دوافع آخرى للقتل لا تتعلق بسياسات معمر القذافي تجاه الليبيين، بل المال، أو بشكل أكثر دقة، عائدات النفط.
في عام 1918، بدأ العمل النشط في حفر الآبار العميقة في ليبيا، في ذلك الوقت في طرابلس، كانوا يبحثون عن مصادر المياه، وليس الموارد النفطية، حيث بدأ الحديث عن موارد ليبيا النفطية لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما كانت ليبيا تحت الحكم الإيطالي.
بدأ التشريع النفطي في ليبيا في التطور بعد أن خرجت عن سيطرة إيطاليا. وفي عام 1955، وافقت الحكومة الليبية على مشروع قانون جديد، قانون النفط رقم 25. ونص القانون على تقسيم وتوزيع مناطق إنتاج النفط بين عدد من شركات النفط الأجنبية، واهتمت الشركات الأجنبية بتطوير إنتاج النفط في ليبيا بسبب موقع ليبيا المميز الواصل إلى البحر الأبيض المتوسط.
وكانت هذه جائزة كبرى، حيث اندلعت أزمة السويس في نفس الوقت تقريباً، مما أدى إلى إغلاق قناة السويس، وقد أدى إغلاق القناة إلى إجبار الشركات الأجنبية على تغيير جميع طرق النقل اللوجستي والنفطي، مما أدى إلى تكاليف إضافية، لذلك أصبحت ليبيا جائزة حقيقية للمستثمرين الأجانب.
اجتذب قانون النفط رقم 25 العديد من شركات النفط الأجنبية إلى البلاد. وكان توزيع مناطق إنتاج النفط على عدة شركات هو الحل الأمثل، لاستبعاد ظهور شركة احتكارية يمكن أن تملي سياستها على الحكومة، بالإضافة إلى أن وجود العديد من شركات النفط في البلاد في وقت واحد زاد من ضخ النقد الأجنبي إلى ليبيا.
وكانت الخطوة التالية هي تأميم شركات النفط الأجنبية في فترة حكم معمر القذافي في السبعينيات. بمعنى أن يتم نقل ملكية شركات النفط الأجنبية للحكومة الليبية. كان هذا القرار مثالياً لدول الشرق الأوسط في ذلك الوقت. وكانت مثل هذه الخطوة تضمن حدوث نمو اقتصادي وتحسين رفاهية البلاد.
كانت الخطوة التالية هي خصخصة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا. ووفقاً لخطة القذافي، ستسمح خصخصة الشركة بتوزيع أسهم المؤسسة الوطنية للنفط على عامة الناس. كما كان من المفترض أن تؤدي الخصخصة إلى زيادة عدد الوظائف والسماح للمتخصصين من القطاع الخاص بالعمل في قطاع إنتاج النفط.
ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه الفكرة، ولم توافق الحكومة الليبية على خصخصة المؤسسة الوطنية للنفط، وقد قوبل اقتراح معمر القذافي برفض شديد. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت فكرة الخصخصة لإنتقادات شديدة من القوى الغربية التي لم يكن من مصلحتها أن تزدهر وتستقر ليبيا اقتصادياً.
الجدير بالذكر أن الأوراق المالية للشركة الوطنية للنفط ما زالت موجودة، لأن الشركة تواصل عملها. وهي في خزائن خاصة، وسيتمكن الشعب الليبي من الحصول على الأرباح من خلال هذه الأسهم، في حال تم توزيع الأسهم على الشعب.