الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجنة.. والحد الأدنى!

بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة تبدأ مراحل التنسيق، والتي يتم فيها تحديد الحد الأدنى من الدرجات للقبول بالكليات والمعاهد في الجامعات، يحدث هذا في الدنيا، أما في الآخرة فلا وجود للحد الأدنى، فإما دخول الجنة: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) القارعة 6-7، أو دخول النار: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ. فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ. نَارٌ حَامِيَةٌ) القارعة 8-11، وليس بينهما مكان وسط.
فمن يموت كافراً: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) محمد 34، 34، أو مشركاً: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) المائدة 72، لن يدخل الجنة، فالإيمان والكفر ليس بينهما وسط، فإما إيمان وتقوى، وإما كفر وشرك، لذلك يجب أن يكون الإيمان خالصاً لله.
ومعرفة الله تعالى ليس فيها مجال وسط، إما الحق وإما الضلال: (فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ) يونس 32، والجنة ستكون للذين أمنوا وعملوا الصالحات وكانوا من المتقين: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً) مريم 63.
وفي خطاب الله للذين آمنوا أنه تعالى عقد معهم ميثاقاً: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) المائدة 7.
والميثاق يتضمن الإيمان بالله وطاعة أوامره والانتهاء عن نواهيه، وفي المقابل دخول الجنة: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124، فدخول الجنة مرتبط بالميثاق الذي تقيد به الإنسان عند إيمانه بالله، وأصبح للإنسان كامل الاختيار والحرية لتحديد مصيره بنفسه.
ووضح تعالى للناس ما يجب عليهم عمله لدخول الجنة، من الإيمان والعمل الصالح: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ. خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لقمان 8-9، فالجزاء بجنة أو نار هو نتيجة لعمل الإنسان بكامل إرادته وحريته: (فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) يس 54.
ولن يدخل الله أحداً الجنة وهو ظالم لنفسه أو كافر، كما أنه تعالى لن يحرم أحداً من الجنة وهو مستحق لها: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ. أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) القلم 34-35، ولذلك لن يساوي الله بينهم: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ص 28.
ولأن الله يعلم أن الانسان غير معصوم من الخطأ، فقد جعل دخول الجنة لمن يجتنب الكبائر، ويعفو تعالى عن الصغائر: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) النساء 31. 
كما أنه تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولذلك جعل باب التوبة مفتوحاً لكل إنسان ليتبرأ من كل ذنوبه وسيئاته، بشرط أن تكون توبة خالصة لوجه الله تعالى، ويتبعها الكثير من العمل الصالح ورد المظالم لأصحابها: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الانعام 54.
وفي نفس الوقت فالله تعالى لا يحاسب الإنسان على الخطأ والنسيان، ويعفو عن المضطر، وعن الذي تم إكراهه، ويحاسب تعالى على التعمد فى ارتكاب المعصية: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)  الأحزاب 5.
والذنوب مهما كثرت فمن الممكن التوبة منها: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر 53، فمن تاب فى الدنيا بصدق وغفر له تعالى، فسوف يدخله الجنة يوم القيامة.
إن دخول الجنة لا يتوقف على حد أدنى من الدرجات، ولكن يتوقف على عمل الإنسان والذي عليه أن يؤمن بالله تعالى لا شريك له، وأن يؤمن باليوم الآخر، وأن يعمل صالحاً، مع ملاحظة أن العمل الصالح يشمل القول والفعل معاً.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط