قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فتنة مدبرة.. محلل سياسي جزائري لـ صدى البلد: الحرائق ضربة موجهة لدبلوماسية بلادنا ودورها الإقليمي.. أطراف تسعى لإحباط مساعي حل أزمات سد النهضة وليبيا.. وإسرائيل وجماعات الإرهاب المتهم الأول

الكاتب والمحلل السياسي الجزائري إسماعيل خلف الله
الكاتب والمحلل السياسي الجزائري إسماعيل خلف الله
×

رب ضارة نافعة، ورب درس كان ينتظر كارثة مؤسفة لتتكشف العبرة منه، فهذا ما كشفته حرائق الجزائر، التي لا يعادل مأساويتها سوى ما أظهرته من خطورة ما يُدبر للجزائر، وسوى ما أحيته من روح التضامن والتلاحم بين مكونات شعبها، الذي يندر أن يُذكر إلا مقترنًا بمآثره في الشجاعة والصمود للمصاعب.

وفي حوار خاص لموقع "صدى البلد"، قال الكاتب والمحلل السياسي الجزائري والباحث في القانون الدولي الدكتور إسماعيل خلف الله "قلنا منذ البداية، منذ اشتعلت هذه الحرائق عشية يوم الاثنين الماضي، أن هذه الحرائق يستحيل أن تكون ناجمة عن أسباب طبيعية، لأن اشتعالها في عدة أماكن بنفس الوقت أمر يدعو للريبة والتشكك في أن هناك عاملًا بشريًا لعب دورًا أساسيًا في إضرامها".

فعل بشري.. وإسرائيل بين المتهمين

وأضاف خلف الله: "إن من اقترف هذا الإجرام ربما يكون من بين دوافعه استهداف التحركات الدبلوماسية الجزائرية الأخيرة على المستويين الإقليمي والدولي، فتلك التحركات ربما تكون قد أقلقت بعض الأطراف التي تسعى إلى أن تبقى الملفات التي دخلت الدبلوماسية الجزائرية على خطها عالقة".

وأوضح خلف الله أن "من بين تلك الملفات قضية سد النهضة، التي لم يستطع مجلس الأمن أن يفصل فيها أو يتوصل إلى حل فأعادها إلى الاتحاد الأفريقي، الذي يشهد بدوره أزمة أخرى تتمثل في انضمام إسرائيل إليه كعضو مراقب، رغم احتجاج بعض الدول الأعضاء به ومنها الجزائر على انضمام الكيان الصهيوني، والجزائر من طرفها ترى هذه الخطوة باعتبارها خرقًا للميثاق التأسيسي للاتحاد الأفريقي، حيث لم تتم استشارة الدول الأعضاء به أو الاستماع لوجهات نظرها بهذا الصدد".

وتابع خلف الله "أقول إن تحركات الوساطة الجزائرية في ملف سد النهضة وشروع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في فتح قنوات اتصال بين أطراف الأزمة، مصر والسودان وإثيوبيا، من أجل التوصل إلى حل مُرض لها، ربما أثار ذلك حفيظة بعض الأطراف، وأشير بشكل خاص إلى احتمال انزعاج إسرائيل من إمكانية تسوية أزمة سد النهضة".

وأردف خلف الله "الملف الآخر الذي تشتبك معه الدبلوماسية الجزائرية بقوة هو الملف الليبي، فالجزائر تسعى إلى جمع وزراء خارجية الدول الفاعلة في الملف الليبي، وفي مقدمتها مصر وفرنسا وروسيا وتركيا، من أجل التوصل إلى حل للأزمة الليبية نحو الذهاب إلى تأسيس ما يسمى بالقاعدة الدستورية على أساس توافق ليبي – ليبي، ومن ثم الذهاب إلى الانتخابات المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل".

وأضاف المحلل السياسي الجزائري "في اعتقادي أن هذه الملفات الحساسة التي تقدم ذكرها تحركت فيها الدبلوماسية الجزائرية بشكل ربما أقلق بعض الأطراف، ومن هنا يظهر الرابط والتزامن بينها وبين اشتعال حرائق الجزائر في هذا التوقيت؛ فتفسير العامل البشري مطروح هنا بقوة، وقد يكون للأطراف المنزعجة من تحركات الجزائر دور في تحريك جماعة "الماك" الإرهابية، تلك الحركة الانفصالية لا يُستبعد أن يكون عدد من أعضائها ضالعين في جريمة إشعال الحرائق".

جمال بن إسماعيل.. بطل تيزي وزو ضحية جريمة شنعاء

ويرى خلف الله أن "ربما كان ما يعزز هذا التفسير هو جريمة القتل البشعة التي راح ضحيتها الشاب جمال بن إسماعيل، الذي توجه إلى ولاية تيزي وزو للمشاركة في جهود إطفاء الحرائق المشتعلة بإحدى مناطقها، ولكن للأسف الشديد قوبل مسعاه بالقتل والحرق حيًا والتمثيل بجثته؛ وهذه جريمة شنعاء وعمل بربري غير مقبول شوه صورة التضامن والتلاحم والتآزر التي رسمها الشعب الجزائري في ولايات البلاد الـ 58، وتضامنه مع منطقة القبائل في محنة الحرائق".

واستطرد خلف الله "أعتقد أن جريمة قتل الشاب جمال بن إسماعيل لم تزد اللحمة الشعبية إلا تكاتفًا وتآزرًا، وسدًا للثغرات التي تسللت منها محاولات التفرقة، وهذا ما كشفته تصريحات والد الشاب المغدور، حيث أكد أن الجناة لا يمثلون منطقة القبائل وهي منهم براء، وبالتالي فهذه الجريمة لن تفلح في بث روح التنافر والفتنة، وإنما ستزيد اللحمة الشعبية تماسكًا بين أبناء الجزائر، سواءً على المستوى العرقي أم الجهوي، فالشعب الجزائري تآزر مع منطقة القبائل والشاب الضحية جمال بن إسماعيل، وأصبحت قوافل التضامن والمساعدات المتجهة إلى تيزي وزو يُطلق عليها اسم جمال بن إسماعيل".

التلاحم وتماسك الوحدة الوطنية.. الجانب الإيجابي للأزمة

وأضاف خلف الله "أعتقد أن العقل والمنطق يؤكدان أن هذه الأزمة ستمر وستعود الأمور إلى سابق عهدها، وسنقضي على هذه الفتنة التي ربما يُراد إشعالها بين منطقة القبائل وبقية مناطق الجزائر، فالمؤكد أن هناك عامل بشري وراء الحرائق يستهدف إلحاق الضرر بالجزائر واقتصادها وثرواتها الطبيعية والغابية، وإشغال الجزائر بإضافة أزمة الحرائق إلى أزماتها الأخرى وفي مقدمتها جائحة كورونا، وضرب وحدة الجزائر الوطنية والتآخي والتلاحم الشعبي، لكن ربما كان البعد الإيجابي في هذه الأزمة هو إحياء روح التضامن ورسم صورة رائعة للتضامن والتآزر".

وحول إدارة أزمة الحرائق قال خلف الله "نقول بكل موضوعية إن الحكومة للأسف لم تكن على مستوى الحدث، فكان يجب عليها عندما رأت الحرائق تشتعل في دول قريبة ومجاورة أن تستعد لها بما يلزم من طائرات إطفاء، لكن للأسف لم يحدث ذلك، وربما لولا تدخل الجيش الوطني الشعبي لكانت الكارثة أعظم مما نرى، ولكان حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية أكبر مما تم تسجيله".