أفضل أنواع الهجرة .. الهجرة المطلوبة من المسلم في هذه الأيام هجرة القلوب والأبدان إلى الله تعالى؛ لأن الهجرة النبوية انتهت بفتح مكةَ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ…» أخرجه البخاري.
والهجرة تكون بامتثال أمر الله تعالى، واجتناب نهيه، فيهجر الإنسانُ المعاصي والسيئات، ويهجر مجالسَ اللهو والمنكرات، ويقبل على الله تعالى بالحب والخضوع له سبحانه وتعالى؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «…وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» أخرجه البخاري.
وتعلمنا الهجرة التضحيةَ والإيثار، فقد ضحَّى المسلمون المهاجرون بأموالهم وما يملكون من متاعِ الدنيا ابتغاءَ رضوان الله عز وجل والدار الآخرة، فلم يتعللوا بالعيال ولا بقلة المال، ولم يكن للدنيا بأسرها قيمةٌ عندهم في مقابل أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
أفضل أنواع الهجرة
أكد الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن أفضل أنواع الهجرة هجرة الإثم والعدوان لما فيها من إرضاء الرحمن، وإرغام النفس والشيطان.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن الهجرة نوعان، هجهرة الأوطان، وهجرة الإثم والعدوان، والثانية أفضلهما.
الهجرة النبوية
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الهجرة النبوية تمثل حدثًا فريدًا في تاريخ البشرية يتجاوز حدود الزمان والمكان، فقد احتوت على المعاني الإيمانية والإنسانية العظيمة ومظاهر الرحمة الإلهية.
وأوضحت الدار في فيديو موشن جرافيك أنتجته وحدة الرسوم المتحركة بها، أن أحداث الهجرة النبوية المشرفة أكدت على أهمية حسن الظن بالله والتوكل عليه وتجريد الإخلاص له سبحانه، وإظهار أهمية التخطيط والأخذ بالأسباب وعدم إهمال السنن الكونية في تحقيق الأهداف.
وأضافت الدار أن الهجرة النبوية أرشدتنا إلى أهمية هجرة المعاصي، ومخالفة الهوى، وترك العادات المذمومة، والعمل على تقوية إرادة الإنسان وعزيمته.
ولفتت إلى أن الهجرة النبوية أظهرت منزلة حب الوطن وألم مفارقته، وأنتجت قيم العمل والمثابرة والتعاون والتآخي والصبر لبناء المجتمع، والتعايش والمحبة مع الآخر واحترام العقائد.
واختتمت الدار الفيديو برسالة وجهتها إلى جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فالت فيها: "فلنجعل من ذكرى هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- نموذجًا إيمانيًّا للارتقاء والقرب من الله وتطهير النفس وبناء الأوطان".
موعد الهجرة النبوية
أكدت دار الإفتاء المصرية، أنالهجرة النبويةكانت في شهر ربيع الأول وليست في المُحَرَّم، مشيرة إلى أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وصل إلى المدينة في شهر ربيع الأول، لكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجري لأنه كان بداية العزم على الهجرة.
واستدلت الإفتاء في فتوى لها، بقول الحافظ ابن حجر في كتاب «فتح الباري" (7/ 268، ط. دار المعرفة): «وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ -أي التأريخ بالهجرة- مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ؛ إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ، فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأً. وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ».
الهجرة النبوية
بدوره، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت في شهر ربيع الأول ولم تكن في «المُحَرَّم».
وأوضح «الجندي» لـ«صدى البلد»، أن المصريين يحتفلون في شهر المحرم ببداية التقويم الهجري الجديد، ويضمون اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الاحتفالات بقولهم «الهجرة النبوية» من أجل تعظيم النبي عليه -الصلاة والسلام- لأنه هو من قام بالهجرة.
وأشار المفكر الإسلامي، إلى أن أول من أرخ التاريخ الهجري سيدنا عمر بن الخطاب، وجعل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة في 12 ربيع الأول، مرجعًا لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته التقويم الهجري.
ونوه بأن التقويم الهجري مركز أساسًا على الميقات القمري الذي أمر الله تعالى في القرآن باتباعه، كما قال تعالى «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» (سورة التوبة: 36).
وأضاف أن الأشهر الأربعة الحرم هي أشهر قمرية «رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم»، ولأن الله تعالى نعتها بالدين القيم فقد حرص أئمة المسلمين منذ بداية الأمة أن لا يعملوا إلا به، رغم أن التقويم أنشئ في عهد المسلمين إلاّ أن أسماء الأشهر والتقويم القمري كان تستخدم منذ أيام الجاهلية، أول يوم هذا التقويم الجمعة 1 محرم سنة 1هجرية.
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الرسول -صلى الله عليه- شاهد الهجرة النبوية في رؤيا منامية قبل أن يفرضها الله عليه وعلى المسلمين.
وأضاف «هاشم» في تصريح له، أن الله تعالى جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرى الهجرة من قبل أن تتم في رؤيا منامية، وأخبره بالدعاء الذي سيقوله عند دخول المدينة، كما ورد في قول الله تعالى: «وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا» (سورة الإسراء: 80).
واستدل على الرؤيا المنامية للهجرة النبوية، بما روي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي [أي ظني] إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ ..» رواه البخاري (3352) ومسلم (4217).