قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق إنه قد انتهى شهر ذي الحجة الحرام من هذه السنة الشريفة الكريمة من هجرة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - ، ونستقبل يوما جديدا من شهر جديد من سنة جديدة ، نستقبل حياة جديدة نريد أن نغير أنفسنا لله وفى سبيل الله، وحتى يعلم الله سبحانه وتعالى ما في قلوبنا فينزل السكينة عليها، ويؤيدنا بنصر من عنده؛ ويمدنا بمدد من عنده سبحانه وتعالى، ويثيبنا ويمكننا في الأرض كما مكن الذين من قبلنا.
وأضاف علي جمعة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأن نؤمن في قلوبنا أن له عاقبة الأمر من قبل ومن بعد، وأنه لا إله إلا هو، لا نتوكل إلا عليه ولا نؤمن إلا به ولا نرجو الخير إلا منه، ولا نفعل فعلاً ولا نحجم عن أمر إلا في سبيله.
وتابع علي جمعة: في هذا العام الهجري نتذكر هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكيف أنه خرج من ديار أبى أهلها أن يؤمنوا بالله، إلى ديار أمن أهلها بالله فانتقل من دار الكفر إلى دار الإسلام، ومن جماعة الكافرين المشركين؛ إلى جماعة المؤمنين الموحدين.
وأوضح علي جمعة أن النبي يبين لنا أن المكان له أثر على الإنسان ؛ويروى أن رجل قد قتل تسعة وتسعين نفساً فيمن كان قبلنا فسأل عابداً هل لي من توبة ؟ قال : لا؟ فقتله فأكمل به المائة، فسأل عالماً : هل لي من توبة ؟ قال : ومن ذا الذى يحجزك عن الله؟ تب إلى الله لكنى أراك بأرض قوم سوء -لأنهم لم يأخذوا على يده ولم يأمروه بالمعروف ولم ينهوه عن المنكر- فانتقل إلى أرض كذا فإن فيها أقواماً يعبدون الله ، فانتقل فمات في الطريق ، انتقل أي هاجر كما هاجر سيدنا موسى فراراً من فرعون ؛وكما هاجر سيدنا إبراهيم {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وكما هاجرت الأنبياء من قبل سيدنا محمد ﷺ هجرة أمن أو هجرة ايمان، انتقلوا غيروا حالهم ومكانهم واناسهم في سبيل الله فعلوا ذلك، فاطلع الله على ما في قلوبهم فأيدهم ونصرهم وغيرهم وتقبل منهم،.
واستطرد علي جمعة: فهل يمكن لنا أن نبدأ ذلك ونغير من أنفسنا هجرة لله تعالى، والنبي ﷺ يقول (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونيه) خفف الأمر عنا ولم تعد الهجرة مفارقة الأوطان، بل أصبحت مفارقة المعاصي، فيقول ﷺ : (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه)، ويقول ﷺ : (من هاجر في سبيل الله ولو شبراً من الأرض وجبت له الجنة) ولو شبراً من الأرض فلم تعد الهجرة قاصرة على الانتقال من مكة إلى المدينة المنورة، فإنه بعد الفتح لا جهاد إلا في الهجرة من العصيان ؛ لا هجرة إلا في الانتقال من دائرة غضب الله سبحانه وتعالى إلى دائرة رضاه .
فبادروا بتجديد حياتكم في هذا العام الجديد، وهاجروا في سبيل الله من حال إلى حال، فقد خفف الله عنكم ، افلا تنتهزوا هذا التخفيف؟! هذه فرصة للفرار إلى الله تعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ } جميعاً.