القصة القصيرة طريقتى في التفكير ووسيلتي لفهم نفسي والإطار الذي أرى العالم من خلاله إنه الإطار الذي وجدني ولم أجده واخترتها لأني أستطيع بالقصة القصيرة أن أصغر بحرا في قطرة وأن أمرر جملا من ثقب إبرة وهكذا اختزل الاديب يوسف ادريس القصة القصيرة وبحرها للامحدود في قطرة ولكن اثيرته المخلصة ابت الا ان يكون متربعا علي عرشها ومكانة متفردة لم يصل اليها احد في عالم القصة القصيرة الاصعب كتابةً وتكنيكاً.
لم يسلك يوسف ادريس مسلك رواد القصة القصيرة في النقل والتعريب بل اتجه اتجاه جديدا في الكتابة حيث التصويرالواقعي من خلال السهل الممتنع الذي لا يخلو من الرؤية الفلسفية واستطاع ان ينتقل بالقصة القصيرة من موقعها الصغير الي موقعها الكبير.
وتفرد اسلوبه القصصي في رسم الشخصات وكأن تخصصه في الطب النفسي جعل له بصيرة تنفذ إلى دواخل النفس البشرية ليعيد قراءتها ورسمها ببراعة شديدة الوضوح معبرا عن مضمونها والتغيرات المجتمعية التي تمربها ويعيد تقديمها برؤية واقعية من خلال مفرادات جمالية شديدة النعومة وهو مااحدث ضجة في الأوساط الأدبية المصرية والعربية مع اول مجموعاتة القصصية في1954أرخص ليال.
امتلك ادريس قدرة بارعة علي الانتقال ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ الملموس ﺇﻟﻲ التحليق في ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ فكان يرﺗﻔﻊ ﻣﻦ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺘﻔاﺼﻴﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺇﻟﻲ ﻇﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻲ ابعادا ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻷﺣﺎﺳﻴﺲ مستخدما الصور الاستطراداية.
وكان تمرده علي السلطة اللغوية احد الخصائص المتميزة لادب يوسف ادريس فقد صنع لغته الخاصة الفاعلة وليست الناقلة لتصبح مفردات الكلمات ﺑﺪﻳﻼً عن ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﻣﺤﻘّﻘﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ وبينما تنصلت قصص من سبقوه في مجال القصة القصيرة من العامية نجده يحتفي بها في كتاباته ولم يكن انحيازه للعامية كلغة بقدر ما كان انحيازا للطبقات الكادحةوالمهمشين فقد فصح تعبيرات عامية مصرية وادخلها الي ديوان العربية الفصحي في اعتراف متعمد بالعامية كاحد مفردات العربية الفصحي.
ﻋﺎﺻﺮ ﻳﻮﺳﻒ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﻭﻋﺎﻳﺶ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭالتي ﺗﺒﻠﻮﺭت فيها ﺍﻟﻄﺒﻘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ فيها وبرزت كعنصر فعال ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ وﻋﻜﺴﺖﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﻠﻮﺭ فقد كان ادريس من أكثر الكتاب ارتباطا بالشارع والمجتمع يذوب في الشخصيات فيحولها الي شخوص تتحرك امامنا بحرفية شديدة نشعر بها تكلمنا وتلمسنا ونحن ننتقل بين سطور القصة فتخلق لنا صورة ذهنية تظل محفورة في الذاكرة يفوح منها عبق ابداعي خالد يخلد ساطر هذة الجمل وهو ماجعله يتخطي بموهبته حدود المحلية للعالمية.
ونجح يوسف ادريس في تقديم ﻣﻔﻬﻮﻣﺎً ﻭﺍﺿﺤﺎً ﻟﻠﻮﺍﻗﻌﻴﺔ واستطاع ان يتطرق لقضايا غاية في الحساسية وبجراة شديدة وظهرذلك في اعماله بوضوح شديد وخاصة رائعته الحرام التي تعد من اعظم الروايات العربية وتحولت لفيلم عرض بمهرجان كان السينمائي الدولي عام 1965وحاز علي اعجاب النقاد.
وروت السيدة فاتن الحمامة بطلة الفيلم رواية تختصر مكانة هذاالمبدع فقالت اثناء العرض في مهرجان كان لاحظت 3سيدات يبكين بشكل هستيري وهوما دفعها الى سؤال احداهن عن سر هذا البكاء والتاثر الشديد ببطلة الفيلم وهي من بلاد بعيدة وواقع مختلف تماما فاجابتها ان كاتب الرواية قدم الانسان بعيدا عن ظروف الزمان و المكان وانا تأثرت بعزيزة اكثر من تأثري بجارتي التي تقاربني في الزمان والمكان لانني عرفت ما بداخل عزيزة وشعرت بها رايتها من الداخل.
اجابة لخصت لحالة ابداعية شديدة التفرد تجاوزت الجغرافيا والتاريخ والاختلافات العرقية والاجتماعية لتتجرد الا من المشاعر الانسانية وتلك هي اللغة العالمية التي لا تخطئاها مشاعر في اي مكان وزمان انه يوسف ادريس.
ما أروع أن نبدأ دائما وأن تكون البداية بداية لبداية أجد وأمتع احدي المقولات التي كتبت الخلود للاديب د يوسف ادريس امير القصة القصيرة بلا منازع وواحد الاعمدة الكبري للثقافة المصرية والعربية .