- الحشيش والترامادول.. عمال مصر: الهدف من قانون فصل الموظف متعاطي المخدرات حماية المواطن.. والمصلحة العامة فوق أي اعتبار
- فصل الموظف متعاطى المخدرات قانون سد ثغرة كانت موجودة من قبل.. لكنه يضيف شرطا جديدا لتولي الوظائف العامة
الوقف عن العمل وخصم الأجر حال ظهور عينة تثبت التعاطى.. يُطبق بعد ٦ أشهر
بعد جدل واسع ومناقشات عديدة، حول فصل الموظف متعاطي المخدرات من الخدمة، تم حسم هذا الجدل من خلال إقرار قانون فصل أى موظف حكومى يثبت تعاطيه المخدرات، حيث إنه وفقاً لتقارير وبحوث ميدانية حكومية، فإن أعداد متعاطى المواد المخدرة من العاملين بالجهاز الإدارى بالدولة المصرية تزايدت خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أدى لخسائر كبيرة نتجت عن ذلك الأمر.
ويشار هنا إلى أن الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيسة مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، كشفت في أبريل الماضي نتائج لجنة الكشف عن تعاطي المخدرات، وذلك بين العاملين بالمؤسسات والهيئات والمديريات التابعة للوزارات والمصالح الحكومية في محافظات مصر، حيث قامت اللجنة بالكشف على ٣٢٧ ألف موظف في الفترة من مارس ٢٠١٩، وحتى مارس ٢٠٢١، وتبين تعاطي ٢.٥% للمواد المخدرة، وكان أبرز مواد التعاطي هي الحشيش والترامادول والمورفين.
وعليه تم طرح مشروع القانون الذى تم الموافقة عليه برلمانياً وصدّقت عليه مؤسس الرئاسة، ويمكن تلخيص شروط تطبيق عقوبة فصل الموظف متعاطي المخدرات في النقاط الأربع التالية:
- ثبوت إيجابية عينة التحليل.
- تعمد الامتناع عن إجراء التحليل في أثناء الخدمة.
- تعمد التهرب منه بغير عذر مقبول.
- عدم الإفصاح عن العقاقير التي يتناولها الموظف، والتي قد تكون سببًا في إيجابية العينة التي توجب فصله من الخدمة، وهو ما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
ونصت المادة الثانية على أن تسري أحكام هذا القانون على العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة، من وزارات ومصالح وأجهزة حكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والأجهزة التي لها موازنات خاصة وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والشركات القائمة على إدارة المرافقة العامة بالدولة، وغيرها من الشركات التابعة للدولة، أو التي تساهم فيها الدولة بأي وجه من الوجوه ودور الرعاية وأماكن الإيواء والملاجئ ودور الإبداع والتأهيل ودور الحضانة والمدارس والمستشفيات الخاصة.
الشمول ليتسع لجميع جهات العمل والعاملين بالدولة، وتقرير بعض العقوبات الجنائية لمن يقدم عونًا سواء بالسماح عمدًا بتعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو استمرار من ثبت تعاطيه المخدرات، أو من يتعمد الغش في إجراء التحاليل، أو يدلى بنتيجة مخالفة للواقع بهذا الشأن، وتوفير ضمانة بتمكين جهة العمل عند ثبوت تعاطى العامل، بتوقيع عقوبة الفصل مباشرة بقوة القانون دون الرجوع إلى المحكمة.
لكن هذا القانون يضيف شرطا جديدا لتولي الوظائف العامة أو الاستمرار فيها، متعلق بألا يكون المتقدم للوظيفة العامة أو من يشغلها متعاطياً للمواد المخدرة وإذا ثبت من خلال التحليل الفجائي أو التوكيدي أن العينة التي أخذت من أيهما سواء المتقدم أو الموظف المستمر عينة إيجابية لا يقبل المتقدم الأول في التعيين في الوظيفة والثاني يفصل من وظيفته.
فالقانون تحدث عن المخدرات فقط وليس المسكرات وبالتالي الموظف الذي يتناول المسكرات لا يفصل من وظيفته، بينما يتم فصل الموظف الذي يتعاطي المخدرات رغم تشابه تأثير كلا منهما والآثار السلبية في جزئية غياب الوعي بل إن المسكرات في بعض الأحوال أشد تأثيراً من المخدرات.
وفى هذا الإطار، أوضح الخبير القانونى فريد الأزهرى، أنه كان الفصل فى المادة ٦٩ الفقرة ٧ من قانون العمل ١٢، إذا وجد العامل أثناء العمل فى حالة سُكر بيّن، أو واقع تحت تأثير مادة مُخدرة يتم فصله، وكانت تلك المادة يُساء استخدامها فى الواقع العملى الخاص بها، لأنه كان يتم أخذ العامل فى أى معمل ويتم إجراء التحليل له، وإذا ثبت التحليل إيجابياً يتم فصله فوراً، أما الآن بعد هذا التعديل على القانون فقد تم ضمان الحياد فى القرار.
فقد أقر بأن يكون إجراء التحليل للعامل أو الموظف من خلال معامل وزارة الصحة، أو أحد المعامل المتخصصة، لأن أجهزة كشف المخدرات ليست متوفرة فى أى مكان، هذا بالإضافة إلى أن بعض الأدوية العلاجية (العظام، المعدة)، تحتوى على مادة مخدرة، فإذا كانت بعض التحاليل ليست دقيقة تُصبح النتيجة إيجابية، وبالتالى هذا فيه ظلم للعامل أو الموظف، وهو ليس بمدمن، لذا القانون الجديد يشمل ضمانة للعامل أو الموظف.
يأتى فى نفس السياق، أنه إذا تم فصل العامل أو الموظف مباشرةً دون علاجه، فذلك سيؤدى إلى دمار أسرة بأكملها كان يعولها، وبالتالى سيكون تأثير القرار سلبياً على المجتمع بأكمله، لذا يجب علاج الموظف أو العامل المدمن ومحاولة تحسين سلوكه، ليعود ذلك بالنفع عليه وعلى عمله وعلى أسرته وعلى مجتمعه، ويتم علاجه على نفقته الشخصية وإعطائه مهلة زمنية للعلاج، وأن تكون أجهزة الاختبار دقيقة للغاية للفصل ما بين الإدمان وتعاطى أدوية علاجية بها مخدر.
فى السياق نفسه، أكد مجدى البدوى رئيس نقابة العاملين بالصحافة والإعلام والطباعة والنشر نائب رئيس اتحاد عمال مصر، أن فلسفة القانون تُبنى على الإصلاح أم العقاب فقط؟! حيث إنه لا يمكن فصل العامل أو الموظف تعسفياً، يجب أن يتم إعطاؤه مهلة وإنذار مبدئى قبل اتخاذ قرار الفصل، ومن هنا اقترح أن تكون هناك فترة زمنية منذ ثبوت تعاطيه المخدرات، أن تكون مثلاً ثلاثة أشهر ثم يتم إعادة إجراء الاختبار مرة ثانية وإن ثبت استمرار تعاطيه يتم فصله فوراً، وذلك حتى لا يتحول هذا الموظف أو العامل لمجرم ويؤثر ذلك على أسرته بالسلب، القانون أعطى مهلة ٦ شهور قبل التطبيق، لكن ثقافة العامل أو الموظف فى مصر لا تستوعب القانون إلا عند لحظة تطبيقه، وطالما أن فلسفة القانون هو الإصلاح لابد من إنذاره وإعطائه مهلة زمنية للعلاج والتعافى.
على الجانب الآخر، فقد كشف الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، تفاصيل قانون فصل الموظفين المتعاطين للمخدرات وخطوات التطبيق، كما أكد أن إقرار هذا القانون ليس الهدف منه تخفيض العمالة في الجهاز الإداري للدولة، لأن فصل العامل الذي يثبت تعاطيه المخدرات سيكون بعد ٦ أشهر من الآن، مؤكداً أن المقصود بالمخدرات كل ما هو مدرج في الجدول، وأن من تقدم طواعية للعلاج سيتم علاجه وعودته للعمل، أما من يثبت تعاطيه للمخدرات بعد ٦ أشهر يتم مجازاته.
وأضاف أن الصندوق يحافظ على سرية بيانات الموظفين المتقدمين للعلاج من الإدمان، والفرصة متاحة لمدة ٦ أشهر من الآن للتقدم والحصول على العلاج دون مساءلة أو جزاء أو فصل من العمل، وأوضح أن العلاج مجاناً للموظف الذي يتقدم طواعية للصندوق وفى سرية تامة أما حال الإصرار على تناول المخدرات، يتم الفصل عن العمل بلا عودة.
وأخيراً وليس آخراً، بعد أن صدّق الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي، على قانون فصل موظفي الحكومة متعاطي المخدرات، وعلى القانون رقم ٧٣ لسنة ٢٠٢١م، الخاص بشروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، وذلك بعد أن وافق مجلس النواب على القانون موافقة نهائية، حيث يقضى بإنهاء خدمة الموظف متعاطي المخدرات حال أثبتت نتيجة التحليل النهائية إيجابية عينته.
لم يعد المجال متسعاً لمزيد من الجدل، بل وجب العمل على توعية الموظفين والعاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وعليه يرى اتحاد نقابات عمال مصر أن الهدف من قانون فصل الموظف متعاطي المخدرات حماية المواطن والمصلحة العامة، لذلك لابد من عقد ندوات تعريفية بالقانون وتثقيفية بأهمية معرفة طرق الوقاية والعلاج من المخدرات بكل أنواعها، هو الشغل الشاغل الذى يمكن الحديث عنه والبناء عليه فى الفترة القادمة.
كما يقترح الاتحاد أيضاً بأن تقوم كل من وسائل الإعلام والدراما والفن، بدور فاعل فى هذا الصدد وإلقاء الضوء على تلك المشكلة، حيث يمكن توحيد جميع الجهود من أجل مجابهة تلك التحديات التى تواجه الدولة المصرية، فالعامل والموظف الحكومى هما جزء أساسى فى عجلة الإنتاج والتنمية.