يتظاهر الألاف في العديد من مدن العالم احتجاجا على القيود الإلزامية التي تفرضها دولهم لمواجهة الإصابات المتزايدة جراء تفشي فيروس كورونا "كوفيد – 19"، خاصة بعد ظهور المتحور الجديد "دلتا"، ورفضا لقوانين التطعيم الإلزامي للمواطنين والعاملين في المجال الصحة.
وشملت القيود التي فرضتها دول مثل فرنسا وبريطانيا واليونان واستراليا حملات تطعيم إجبارية للمواطنين والأطقم الطبية، وفرض نظام بطاقات الدخول للأماكن العامة.
ويسلط "صدى البلد"، الضوء على الاحتجاجات والتظاهرات التي ضربت عددا من الدول.
احتجاجات فرنسا
احتج حوالي 161 ألف مواطن فرنسي اليوم الأحد، على قيود وحملات التطعيم الإلزامية التي تفرضها الحكومة لمكافحة كوفيد-19.
وقد حاولت الشرطة صدّ المتظاهرين عن طريق القاء قنابل مسيلة للدموع على مقربة من محطة قطارات سان لازار، بعد أن تعرّض اثنان من ظباط الشرطة كانا يستقلان دراجة نارية لهجوم على يد متظاهرين.
وشهدت شوارع باريس وجودا مكثفا للشرطة التي وقعت مصادمات بينها وبين متظاهرين في شارع الشانزلزيه اضطرت معها الشرطة إلى إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع مما أدى إلى تعطّل حركة المرور.
وفي مناطق أخرى بباريس، خرجت مظاهرة أخرى دعا إليها سياسيون من اليمين المتطرف، حيث حمل متظاهرون معارضون لتدابير مكافحة كورونا لافتات تقول "أوقفوا الديكتاتورية".
ومن المقرر أن تخرج مظاهرات في أنحاء متفرقة من فرنسا تشمل: مارسيليا، ومونبيلييه، ونانت، وتولوز.
ويصوّت نواب البرلمان الفرنسي في عطلة هذا الأسبوع على مشروع قانون تقدمت به الحكومة يستهدف إجراء تطعيم إلزامي للعاملين في قطاع الصحة.
الحرية الفرنسية خط أحمر
وفي هذا الصدد الكاتبة الصحفية الفرنسية فابيولا بدوي، قالت إن الحرية الفردية بالنسبة للفرنسيين خط أحمر، والمواطن الفرنسي يدافع بشراسة عن حريته الفردية، لافتة «راينا بعض المظاهرات في الصين الرافضة للتلقيح الإلزامي، ويمكننا من هنا أن نتخيل حجم الرفض لفكرة التلقيح الإلزامي بالنسبة لدولة كـ فرنسا تقوم على تقديس الحرية الفردية».
وأوضحت «بدوي» في تصريحات لـ«صدى البلد»، أن الاتفاقية الإوروبية لحقوق الإنسان بها مادة تنص على أن الدولة ملتزمة بالحفاظ على الصحة العامة للمواطنيين، وتقديم كافة السبل للحفاظ على صحتهم ورعايتهم، لإن الدولة راعية وهذا إلزام عليها.
وتابعت: «عندما نتحدث عن القرارات الإلزامية على المستوى الصحي للحكومات، وخاصة في فرنسا في فترة ليست فترة وباء أو كارثة صحية فيكون للتظاهرات اعتبارات كبيرة جدا»، مضيفة «في حالة الأزمة الصحية الكبرى مثل وباء كورونا فالتلقيح الإلزامي يدخل في إطار الأمن الصحي والدول الأوروبية ملتزمة بالحفاظ على الأمن الصحي لكافة مواطنيها خاصة وأن الإلزام بالتطعيم والشهادة الصحية في الحالة التي نمر بها لا يخص الحرية الفردية، فأنت تتلقى التطعيم لحماية نفسك ومن حولك أيضا».
وأكدت الكاتبة الصحفية الفرنسية، أن الكل يتفهم حساسية الفرنسيين تجاه أي تقييد للحرية العامة، لكن أيضا نتفهم أن الدولة الفرنسية تقوم بواجبها ولا تتعنت في إجراءات مكافحة فيروس كورونا، مؤكدة أن «إجراءات مكافحة كورونا بالنسبة للقطاع الطبي مهمة للغاية؛ لإنه يتعامل بشكل مباشر مع المواطن، ولا ننسى أن مثل هذه الإجراءات يتم الإلزام بها العاملون في قطاع السياحة مثل المقاهي والمطاعم وما شابه لإنهم يتعملون مع المواطن بشكل مباشر، فالشخص الذي يعمل يحمل الفيروس ولا يدري».
وأشارت إلى أن «إجراءات الوقاية من فيروس كورونا تدخل ضمن عملية تحصين المجتمع وليس الفرد فقط» مضيفة إن «البعض يعتبر الإجراءات التي قررت الحكومة اتخاذها إلزامية وهذا ما دفع للتظاهر».
وأشارت إلى أن «إجراءات الوقاية من فيروس كورونا تدخل ضمن عملية تحصين المجتمع وليس الفرد فقط» مضيفة إن «البعض يعتبر الإجراءات التي قررت الحكومة اتخاذها إلزامية وهذا ما دفع للتظاهر».
40 يورو وراء الأزمة
وكشفت «بدوي»، إن إجراء فحوصات فيروس كورونا مجانية حتى الآن، لافتة أن «هناك قانون متوقع صدوره نهاية الشهر ينص على أن "كل من لا يقوم بتلقي التطعيم ويبرز شهادة الفحص لإثبات خلوه من فيروس كورونا، فإن الفحص سوف يكون بـ 40 يورو، وهذا إلزام مُقنع وعبء كبير على المواطن"».
واختتمت «المواطن الفرنسي طالب باستمرار مجانية الفحوصات كما كانت في السابق، وأن يكون له حرية الاختيار في أن يذهب للتطعيم أو اجراء فحص لضمان سلامة الجميع».
مظاهرات بريطانيا
تظاهر الألاف في بريطانيا ضد التطعيم بلقاحات فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، وفرض نظام بطاقات الدخول إلى الأماكن العامة في ظل الفيروس.
وأعلنت شرطة العاصمة البريطانية «لندن»، اعتقال 6 أشخاص، وقالت قائدة الشرطة، كاثرين روبر، عبر موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، إن الاعتقالات جاءت لارتكاب الأشخاص عددا من المخالفات، مشيرة إلى إصابة 4 ضباط.
وقد أصيب 4 من عناصر الشرطة البريطانية جراء هذه الاحتجاجات التى طالت العديد من المدن.
وذكرت «روبر»، أن المظاهرات انتهت بحلول مساء أمس السبت، مضيفة أنها جرت عموما بشكل سلمي.
احتجاجات اليونان
قامت العديد من التظاهرت في العاصمة اليونانية أثينا، وتعاملت معهم الشرطة اليونانية بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق متظاهرين.
واحتج المتظاهرون على حملات تطعيم إلزامية ضد كوفيد-19 تدشنها الحكومة اليونانية.
ونظّم ما يقرب على أربعة آلاف شخص مسيرة خارج مبنى البرلمان للمرة الثالثة في هذا الشهر احتجاجا على حملات تطعيم إلزامية لقطاعات من العاملين، ولا سيما في مجال الرعاية الصحية والتمريض.
وتشير استطلاعات للرأي أجريت مؤخرا إلى استعداد غالبية اليونانيين لتلقي التطعيم ضد كوفيد-19 والذي حصد أرواح 12,890 شخصا في اليونان منذ تفشي الوباء العام الماضي.
وقد حصلت نسبة 45 في المئة من السكان البالغ تعدادهم 11 مليون نسمة على التطعيم الكامل.
وأصدرت الحكومة اليونانية تعليمات بتطعيم العاملين في مجال الرعاية الصحية والتمريض مع ارتفاع أعداد الإصابات.
كما حثت المعلمين في المدارس على تلقي التطعيم قبل بدء العام الدراسي المزمع في سبتمبر المقبل.
وكانت قد خرجت مسيرة مسيرة احتجاجية يوم الأربعاء الماضي، وشهدت صدامات بين المتظاهرين وقوات الشرطة.
احتجاجات أستراليا
نزل آلاف الأشخاص إلى شوارع سيدني ومدن أسترالية أخرى، للاحتجاج على قيود الإغلاق بسبب زيادة أخرى في إصابات كورونا، وقامت الشرطة بالتعامل مع هذه المظاهرات باعتقال عدد من المتظاهرين وبتفريق الحشود.
وتواجدت الشرطة الأسترالية بشكل مكثف للشرطة في شوارع سيدني، من ضمنهم شرطة الخيالة ورجال مكافحة الشغب، ردا على ما قالت السلطات إنه «نشاط احتجاجي غير مصرح به»، وقامت بتنفيذ عدد من الاعتقالات.
وقالت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز إنها «تقر وتدعم حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي، لكن الاحتجاج كان خرقا لأوامر الصحة العامة وأن الأولوية بالنسبة لشرطة نيو ساوث ويلز هي دائما سلامة المجتمع الأوسع».
ويأتي الاحتجاج في الوقت الذي وصلت فيه أعداد الإصابات بكورونا في تلك الولاية الأسترالية إلى رقم قياسي آخر، نحو 163 إصابة جديدة، في 24 ساعة الماضية.
وتم إغلاق منطقة سيدني الكبرى خلال الأسابيع الأربعة الماضية، ولم يتمكن السكان من مغادرة منازلهم إلا بعذر معقول.
من جهته، قال وزير الصحة بالولاية، براد هازارد: «نحن نعيش في ديمقراطية، وأنا بالتأكيد شخص يدعم حقوق المواطنين في الاحتجاج، لكن في الوقت الحالي لدينا حالات إصابة متزايدة، ولدينا أشخاص يعتقدون أن الأمور على ما يرام للخروج في مظاهرة، وربما يكونون قريبين لبعضهم البعض في المظاهرة».
وفي ملبورن، خرج آلاف المتظاهرين بلا كمامات إلى وسط المدينة وهم يهتفون "الحرية"، وقد أشعل بعضهم مشاعل أثناء تجمعهم خارج مبنى البرلمان بولاية فيكتوريا. وحمل المتظاهرون لافتات، منها واحدة كتب عليها: "هذا لا يتعلق بفيروس كورونا، بل يتعلق بالسيطرة الحكومية الكاملة على المواطنين".
من المقرر أيضا تنظيم مسيرة احتجاجية بالسيارات في أديلايد، التي تخضع أيضا للإغلاق، مع تحذير الشرطة من أنها سوف تنفذ اعتقالات بسبب أي نشاط غير قانوني.