الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوليو 2021

 

تأتي ذكرى 23 يوليو 1952 هذا العام في ظل واقع مختلف، جعل الموالي والمعارض لتلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر يراجع الزاوية التي يتموضع خلفها للنظر لتلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر الحديث…

فأولئك الذين صبغوا هويتهم بصبغة تلك الحقبة وأخلصوا لها ولزعيمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر متخذين من اسمه عنواناً للتيار (الناصري) الذي تنامى بعد رحيله ما زالوا على العهد إيماناً منهم بمشروعه القومي وحلمه الكبير لهذا الوطن الذي تماهت حدوده مع الإقليم ككل، بل إنه امتد ليذوب في العمق الإفريقي وعبر الحدود لكل القوميات الطامحة لإعادة تشكيل هويتها وكوّن تكتلاً ثالثاً في العالم أجمع، ينأى بانحيازه عن المعسكرين الشرقي والغربي (حركة عدم الانحياز)، بالإضافة إلى التغير الدراماتيكي في الداخل الذي شمل ثورة صناعية وإعادة بناء، وشق ترع وإقامة مشروعات في مجالات مختلفة بين الغزل والنسيج والحديد والصلب وصناعة الألومنيوم والسيارات والدخول في الصناعات الحربية أيضاً ومحاولة وضع مصر على خريطة الدول النووية، كل هذا بالتوازي مع التواصل مع الجماهير بطرق مؤثرة وقوية كتوزيع الأراضي على المنتفعين من قانون الإصلاح الزراعي وإطلاق مجانية التعليم وإنشاء جامعة للأزهر وإقامة مبنى للإذاعة والتلفزيون، وتدشين الإعلام المرئي الذي يصل للناس في بيوتهم ليحمل لهم رؤية الدولة وما يعتريها من تطور ويؤثر بصناعة السينما والدراما في كل من يتحدثون العربية على وجه المعمورة ليلهمهم بتلك التجربة المصرية الرائدة في ذلك العصر الذي كان يقوده جيل من الشباب على رأسهم (البكباشي) جمال عبد الناصر الذي كان في منتصف العقد الرابع من عمره (34 عاماً) في 23 يوليو 1952

في الوقت نفسه لم يكن يتزحزح معارضو عبد الناصر من موضعهم الناقم على تلك الفترة من تاريخ مصر متناسين كل ما تم بها من إنجازات ملموسة على الصعيد المحلي والدولي ولا يذكرون من تلك المرحلة إلا كبواتها وعلى رأسها نكسة يونيو 1967 معتبرين هذه الهزيمة القاسية نهاية مستحقة لذلك العصر الذي ابتعد عن الديمقراطية ولم يقرب منها معتبراً ما كان يُمارس من فصولها إبان الحكم الملكي في العقود الأولى من القرن العشرين فساداً وميوعة في السلطة ساعدت على تكريس الاحتلال في مصر، كما أن من وجهة نظر أولئك المناوئين لسياسات عبد الناصر أن ما حدث في عام 1956 من خطوة تأميم شركة قناة السويس رداً على رفض البنك الدولي تمويل مشروع مصر الأكبر والأهم في ذلك الوقت( السد العالي) كان مغامرة غير محسوبة كادت أن تعيد مصر إلى نقطة الصفر بعد العدوان الثلاثي عليها بسبب اتخاذ تلك الخطوة، بل إنهم كانوا يشككون في كل ما كان يتم من إنجازات وبناء، ويقللون من قيمتها تعاطفاً مع من تم التنكيل بهم في ذلك العصر من المعارضين والإخوان الذين حاولوا القفز على السلطة ففشلوا، فحاولوا التخلص من عبد الناصر نفسه في حادث المنشية الشهير بالإضافة إلى أولئك المضارين من سياسة التأميم والقضاء على الرأسمالية والاحتكار حينها، كل أولئك شكلوا - دونما انضمام إلى تكتل واحد - جبهة يحلو لها الهجوم على تلك الفترة وعلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كلما سنحت أو لم تسنح الفرصة، وذلك لاعتمادهم - كل على حسب خصومته - على الثأر من تلك المرحلة ومن هذا الرجل بأي ثمن دون الارتكاز على أسس موضوعية في الكثير من الأحيان

لكن الجديد هذا العام، هو أن يوليو 2021 وما يحدث فيه من تطورات في ملف مياه النيل والسد الأثيوبي أعاد إلى الواجهة ودائرة الاهتمام "السد العالي" الذي تم إنجازه في عهد عبد الناصر والذي يُعد أهم ما أنجزته مصر على الأرض في القرن العشرين، فلم يكن تأثير الإعلام أو الأغاني ولا الأفلام السينمائية التي كانت تُعرض حين افتتاح هذا المشروع العملاق لتبين للشعب وللعالم أهميته على ذلك القدر الذي يحدث الآن من إبراز تلك الأهمية، فقد عرف المصريون الآن المؤيدون والمعارضون لتلك الحقبة التاريخية، القيمة الحقيقية لهذا العمل العظيم الذي أصر على تحقيقه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر بإرادة شعبية حينها، فمهما كان هناك اختلاف في وجهات النظر عما حدث في هذه الفترة من التاريخ وتفاصيلها، يكفي هذا الرجل السد العالي، فلو لم يكن قد فعل شيئاً إلا السد فهذا يكفي، لكنه (للإنصاف) قد فعل الكثير رغم فداحة بعض الأخطاء السياسية التي يمكن دراستها وستظل محل اهتمام وقراءة تاريخية على مر العصور، بيد أن السد العالي يكبُر ويعلو على كل ما تم ارتكابه من أخطاء!

وفي هذا المقام نبعث للزعيم عبد الناصر باقة من الزهور المعطرة بالحب والاحترام في ذكرى 23 يوليو ونقول له: ارقد في سلام أيها الزعيم، فالعالم قد عرف جيداً قيمة إنجاز السد العالي.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط