تستعد روسيا لمواجهة حالة عدم استقرار داخل أفغانستان، والتي قد تؤثر على حلفائها وعلى طاجيكستان على وجه الخصوص، المجاورة لأفغانستان، وذلك في أعقاب الانسحاب العسكري الأمريكي من البلاد، في خضم الحرب التي مزقت البلاد.
وذكر موقع "نيوزويك" الأمريكي، أن روسيا تسعى لتعزيز الاستقرار في أفغانستان ومحيطها، والحفاظ على مصالحها في نفس الوقت، حيث تخضع العلاقات بين موسكو وكابول إلى اختبار حقيقي في ظل رغبة موسكو في التعامل مع حركة طالبان التي بسطت سيطرتها على جزء كبير من البلاد.
- أفغانستان بين الاتحاد السوفييتي وروسيا
يقول الموقع الأمريكي الذي تواصل مع مسؤولين في روسيا، إن موسكو تربطها تاريخ طويل بأفغانستان، حيث حاول الاتحاد السوفيتي في الثمانينات الدفاع عن الحكومة الشيوعية في كابول، لكنه اصطدم بقوات المقاومة الأفغانية المكونة من "مجاهدين" أجانب وأفغان، وحصل هؤلاء المقاتلون آنذاك على دعم باكستان، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية.
وأدى انهيار الحكومة التي قادت البلاد إلى حرب أهلية في التسعينيات إلى ولادة حركة طالبان وتوسعها في أنحاء أفغانستان، لتبسط سيطرتها على أغلب الأراضي الأفغانية، حتى جاء عام 2001 ووقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة، والتي أدت إلى شن الولايات المتحدة حملة عسكرية داخل البلاد.
واختارت روسيا مع بداية الحرب الأهلية دعم التحالف الشمالي للقوات الأفغانية، ودعمت في البداية الحملة العسكرية الأمريكية التي استهدفت حركة طالبان وتنظيم القاعدة، لكن مع صعود الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة، انتقد الكرملين في كثير من الأحيان طريقة واشنطن في التعامل مع الصراع في أفغانستان، لكنه لم ينتقد الوجود الأمريكي في البلاد.
وبالحديث عن اليوم، فإن روسيا تنتقد طريقة انسحاب الولايات المتحدة من المشهد في أفغانستان، في ظل إحراز حركة طالبان تقدما سريعا على الأرض، تزامنا مع عدم تحقيق تقدم في محادثات السلام بين الحركة والحكومة الشرعية في كابول.
- الوضع في البلاد يتدهور بسرعة
بهذه الكلمات وصفت السفارة الروسية لدى واشنطن الموقف في أفغانستان، لدى طلب موقع "نيوزويك" الأمريكي تعليق السفارة على تطورات الأحداث في كابول.
وأضافت السفارة: "نعزي تدهور الأوضاع في أفغانستان إلى انسحاب قوات الولايات المتحدة ودول حلف الناتو المتسرع من البلاد".
ولكن حتى في ظل الجهود الأمريكية التي بذلتها واشنطن خلال حربها في أفغانستان على مدار 20 عاما، فإن حركة طالبان تمكنت من استعادة مناطق هامة في البلاد، حيث قالت السفارة الروسية: "الغرب لم يحقق أي نتائج ملموسة تجاه استقرار أفغانستان ومهمته فشلت هناك".
وتابعت السفارة: "انتقادنا للسياسة الأمريكية يهدف لتشجيع واشنطن على اتباع نهج شامل للتعامل مع القضايا في أفغانستان".
وتواصل روسيا الانخراط في تلك الأزمة على المستوى الدولي عبر مجموعة "الترويكا" الموسعة، والتي تضم الولايات المتحدة والصين وباكستان، حيث تتمتع الأخيرة بعلاقات قوية مع حركة طالبان.
وفي نقطة أخرى بالمنطقة، عززت روسيا علاقاتها بما يعرف بـ "الدول الخمس بآسيا الوسطى"، وهي كازاخستان، وقرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان، وهي دول كانت تتبع الاتحاد السوفيتي سابقا.
وتحتفظ روسيا بقواعد عسكرية في قرغيزستان، وستجري من خلالها تدريبات جوية مشتركة الأسبوع المقبل مع أوزبكستان وطاجيكستان، التي تعد الحليف الروسي الوحيد على الحدود الأفغانية مباشرة.
وفيما يتعلق بتدهور الأوضاع في أفغانستان وازدياد نفوذ طالبان هناك، قالت السفارة الروسية لدى واشنطن "إننا نراقب عن كثب الوضع في المنطقة ونتخذ جميع الإجراءات اللازمة لتعزيز قدرة حلفائنا على منع التهديدات الخارجية ومكافحتها".
وجاءت التأكيدات في الوقت الذي رفض فيه مسؤولون روس فكرة وجود قواعد عسكرية أمريكية في منطقة أقامت روسيا قواعد عسكرية بها بالفعل.
وفي داخل أفغانستان ، قالت السفارة الروسية "إننا نجري اتصالات سياسية مكثفة مع الأطراف الأفغانية"، بما في ذلك استضافة وفود من الحكومة الأفغانية وطالبان وإجراء محادثات منفصلة في وقت سابق من هذا الشهر في موسكو بشأن مستقبل أفغانستان والدور الروسي المحتمل هناك.
ونوه الكرملين في وقت سابق من اليوم، بأنه لا ينوي رفع اسم حركة طالبان من قوائم الإرهاب، لكنه أكد في وقت سابق، أنه سيتخذ كل الإجراءات لحماية الدول الحليفة لروسيا على الحدود مع أفغانستان، محذرا طالبان من أن أي اعتداءات ستستهدف حلفاء روسيا ستكون تكلفتها باهظة بالنسبة للحركة.