تلقى مجمع البحوث الإسلامية سؤالا يقول صاحبه: "هل يجوز الأضحية بالحامل؟".
وأجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية عن السؤال قائلا: إنه يجوز عند جمهور الفقهاء الأضحية بالحامل إذا كانت سليمة من العيوب، ويجوز أكل ما في بطنها، إلا إذا كانت به حياة مستقرة فلابد من ذكاته؛ فإن لم يذكَ حتى مات فهو ميتة يحرم أكلها.
واستدلت لجنة الفتوى عبر صفحة مجمع البحوث على فيس بوك بما رواه أبو داود في سننه من حديث أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَحَدُنَا يَنْحَرُ النَّاقَةَ، وَيَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ، وَفِي بَطْنِهَا الْجَنِينُ أَيُلْقِيهِ أَمْ يَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ: {كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ}. ومعنى الحديث: على القول الراجح أن تذكية أمه مُغْنِيَةٌ عن تذكيته، هذا إن خرج مَيِّتًا بخلاف ما إذا خرج وبه حياة مستقرة، فلا يحل بذكاة أمه.
وأضافت لجنة الفتوى إلى أن الشافعية ذهبوا إلى عدم جواز الأضحية بالحامل؛ لأن الحمل عندهم يعد عيبًا، لأنه يفسد اللحم ويجعله رديئًا.
وأوضحت لجنة الفتوى أنه بتطبيق ما سبق على ما نحن بصدده نقول للسائل: الأولى التضحية بغير الحامل؛ وذلك خروجًا من الخلاف، وإن ضحى بها جاز؛ لأنه لا ينكر المختلف فيه.
تقسيم الأضحية
وأضاف مجمع البحوث أن الفقهاء قد نصوا على استحباب تقسيم الأضحية أثلاثًا: ثلث للفقراء والمساكين، وثلث للإهداء، وثلث للأكل ولأهل البيت.
ونوه مجمع البحوث إلى أن الفقهاء استدلوا على هذا الاستحباب بقوله – تعالى -: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج].
وأوضح مجمع البحوث أن هذا التقسيم ليس على وجه الإلزام والوجوب، بل للمضحي الحُرّية في تقسيمها كيف شاء، وكما يشاء؛ فيأكل منها ما يشاء، ويتصدّق بما يشاء، ويُهدي ما يشاء، والدليل على ذلك أن رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: {يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ}، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ} رواه مسلم.
واستطرد أنه كلما كان نصيب الفقراء منها أكبر، كان أجر المضحي فيها أعظم، ففي حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {مَا بَقِيَ مِنْهَا}؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَ: {بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا} رواه الترمذي. أي: إنَّ ما يأكله الإنسان يبلى ويفنى، أما الصدقة وإدخال السرور على المحتاجين يبقى أثره في الآخرة.
وأكد أن النبي – صلى الله عليه وسلم- يوضح هذا المعنى ظاهرًا جليًا لا لبس فيه في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: {يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي، مَالِي، إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ، وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ} رواه مسلم.
ومعنى الحديث أن الذي يحصل للإنسان من ماله ثلاثة أمور كلها فانية إلا واحدة باقية، وهي ما ادخره لآخرته، قال – تعالى -: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96].