عندما نتكلم عن السرعة في عالم السيارات فإن أول ما يخطر على بالنا سيارة بورش الجذابة التي تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية، وبشكل خاص سيارات السباق، كانت قصة نجاح شركة بورش، ومؤسسها النمساوي فرديناند بورشه بمثابة تحويل أفكار من عالم الحلم والخيال إلى أرض الواقع.

نشأت فيرديناند بورشه

ولد فيرديناند بورشه عام 1875 في مدينة حدودية بين ألمانيا والنمسا والتشيك، أحب الصبي الكهرباء بشدة لكن والده أجبره على دراسة السباكة في معهد صناعي، لأن الأب كان سباكا، وكان يريد من ابنه مساعدته في أعماله.

امتثل فيرديناد لرغبة والده ولكن بعد تخرجه عمل في مصنع سيارات، وبعد سنوات قليلة احتل منصب مدير قسم التجارب بالمصنع، ثم قام بتجريب نماذج يصنعها بنفسه، فصمم أول سيارة بمحرك كهربائي بالتاريخ سنة 1897.

بعد قيام الحرب العالمية الأولى طور بورشة المحرك الهجين العامل بالبنزين والكهرباء، وتم تكريمه لإنجازه منحته جامعة فينا الدكتوراه الفخرية عام 1917، ثم عمل بورشة بعدها في مصنع ديملر المتحد مع مرسيدس لاحقًا ، وقدم فيرديناند بورشه معهم المحرك الذي قاد مرسيدس ديملر الى ثورة حتى يومنا هذا وهو محرك Kompressor.

في عام 1930 افتتح بورشة مكتبه الخاص لتصميم السيارات واطلق عليه اسم "بورشة"، وانشغل بتصميم محركات سيارات السباق، ونتج عن ذلك تكوين لديه خبرة كبيرة، وعندما تولي هلتر الحكم طلب من المهندسين تصميم سيارة شعبية تكون صغيرة واقتصادية تتحمل برد ألمانيا وتكفي عائلة ألمانية، ولو انزلقت في الجليد المتشكل على الطرقات لا تنقلب بسهولة.

قدم بورشة تصاميمه لسيارة "فولكس فاجن" التي أحدثت ثورة بصناعة السيارات بالعالم وتم تكليفه بإدارة مصنع "فولكس فاجن" لإنتاج السيارة الجديدة، حقق بورشة ثروة هائلة من سيارته الصغيرة وصار صديقًا شخصيًا لهتلر بعد ذلك .

ومع قيام الحرب العالمية الثانية توجه بورشة لصناعة الأسلحة، وأنتجت فولكس فاجن تحت ادارته أول صاروخ باليستي بالتاريخ باسم V1، والذي قتل 25 ألف بريطاني بيوم واحد وأحرق لندن دون أن يعرف الانجليز مصدر النار، فقد كانوا معتادين من قبل على سماع هدير الطائرات التي تقصف فيتصدون لها، لكن مع V1 كانت الانفجارات تهطل من السماء دون معرفة مصدرها.

تولى بورشة عام 1943 إدارة مصنع بيجو الفرنسي بعد احتلال الألمان لباريس وفي السنوات التالية واجهت الدبابات الألمانية ضعفًا واضحًا امام دبابات الحلفاء فطلب هتلر تصميم دبابة ألمانية جديدة تعدل الكفة ، فقدم بورشة تصميمه الثوري لدبابة الـ " تيجر" ذات المحرك الهجين، ونجحت الدبابة نجاحًا ساحقًا في ساحات الحرب وصارت أشهر دبابة بتاريخ الجرب العالمية الثانية.

بعد هزيمة ألمانيا بالحرب هرب بورشة الى النمسا ولكن لاحقه الفرنسيون واعتقلوه لعامين مات عام 1951 في شتوتغارت واكمل أولاده مسيرته وقدموا أعظم تصاميم السيارات المستندة على إرث أبيهم فيرديناد .

لازال بعض المؤرخون يعتبرون بورشة مجرم حرب مسؤول عن مقتل 20 ألف شخص أحضرهم النازيون للعمل بالصخرة في مصانع فولكس فاجن تحت ادارته، بالمقابل يرى مؤرخون آخرون انه كان مجرد رجل ينفذ الأوامر.