أكتب هذه السطور وأعلم أن هناك من سيختلف ومن يتفق معي، ولا عجب فقد اختلف علماء الدين حول حكم ارتداء "البوركينى"، أو المايوه الشرعي، الذي نسب إلى الشرع فأصبح "مايوه شرعي"، فما بالكم بي وأنا أتحدث من منطلق إنساني ليس إلا.
اختلف العلماء فأفتى بعضهم بحرمة ارتدائه لكونه يصف ويحدد جسد المرأة مما ينفى عنه صفة الحجاب الشرعي الذي لا يصف ولا يشف، في حين ذهب البعض الآخر إلى جواز ارتداء مثل هذه الأنواع من ملابس البحر في الشواطئ المخصصة للنساء، وضمن ضوابط معينة ومشددة.
وتتساءل النساء والفتيات عن حكم ارتداء المايوه الشرعي، أو البوركيني، على الشواطئ وحمامات السباحة وعند النزول للبحر، على خلفية واقعة "ابنة هبة قطب" التي مُنِعت من نزول حمام السباحة بالمايوه الشرعي.
وجاء رد الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى ومدير إدارة الفتاوى الإلكترونية بدار الإفتاء، وقال في بث مباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، محدداً مجموعة من الضوابط لارتداء المايوه الشرعي أو البوركيني، وأكد أن الشرع طالب المرأة بالالتزام بزي وهيئة معينة تتمثل في ستر عورتها أمام الرجل من غير محارمها، والتي تشمل جميع البدن ما عدا الوجه والكفين والقدمين".
وأوضح في حكم ارتداء المايوه الشرعي، أنه لابد أن يستر عورتها ولا يشف أو يكشف أو يصف معالم جسدها، مُنَوِهَاً إلى أن المايوه إذا أخلَّ بتلك الشروط فلا يجوز ارتداؤه، وأنه إذا وافق الشروط، فيجوز استعماله، موضحاً أن العورة التي يجب على المرأة سترها في الصلاة وخارجها جميع بدنها عدا وجهها وكفيها وقدميها.
وتابع: "إذا كان المايوه ساتراً للعورة وليس رقيقاً يشف ما تحته أو ضيقاً يصف الجسم، فيكون حلالاً، أما إذا كان العكس فغير جائز شرعاً ارتداؤه أمام الرجال الأجانب الذين يجوز لها أن تتزوج منهم".
ومن جهة أخرى، قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "صالة التحرير" على قناة صدى البلد، إن ارتداء السيدات "المايوه الشرعي" أثناء نزول البحر، هو تحايل بالمصطلح وأنّ هؤلاء الأشخاص يريدون تطويع هذه الكلمات مع رغباتهم الشخصية، حتى يجيزوا لأنفسهم الاستمتاع بنزول البحر، مشيرةً إلى أنه لا يوجد في الشرع ما يسمى بـ"المايوه الشرعي".
لكنها أشارت إلى أنها ضد منع المحجبات من نزول البحر في الأماكن السياحية، وأن المطالبة بمنعهم تعد خلطاً للأوراق والوصايا على الآخرين لتنفيرهم، موضحةً أن الدين لم يأمر بالقهر والوصايا.
إذا فكرنا بالعقل والمنطق، سنجد أنه لا يوجد تعارض بين العقل والدين، فما يجوز ارتداءه في المصايف وعلى البحر قد لا يكون مقبولاً في أماكن أخرى.. وبالتالي الملابس سواء شرعي أو بوركيني، والتي تمنح المرأة المحجبة حقها في الحياة في ممارسة رياضتها وهي السباحة، فهو أمرٌ مقبول، مادامت لا تشف لون جسمها، وإلا فالأجدر بالسيدة "المحجبة" أن تجلس بين جدران منزلها، وتترك زوجها وأولادها يتمتعون بالسباحة على الشواطئ وفي حمامات السباحة.. فما رأي الدين في أن تترك المرأة زوجها أيضاً "يبلبط" هو وأبناءها وسط نساء أخريات متحررات؟
وما رأي الدين إذا كان الزوج يتمنى أن تشاركه زوجته الاستمتاع بهذه الرياضة، ولم يجدها لأنها محجبة، فماذا يفعل حينها لقضاء وقت ممتع في المصيف؟
للمعارضين للبوركيني، أقول: أرجوكم أن تخففوا الفكر وأن تحببوا المرأة في حياءها ودينها وتعاليمه الصحيحة، وألا تتشبثوا بتوافه الأمور.
فهل لو البوركيني ضيقاً، ترتدي المرأة جلباب لتسبح به، فماذا تفعل بعد أن تسبح ثم تخرج به ملتصقاً على جسمها، نحنُ لا ندعو المرأة للسفور لا قدر الله، وإنما لكلِ مقامٍ مقال.. وأعتقد أن الدين الإسلامي دين يُسر، وإلا بهذا التزمت، تَكرهُ المرأة فكرة "التحجب"، وتشعر معه بأنه غُلَّتْ يدها، وتكون مُقَيدة بسلاسل كالأنعام، تمنعها من الاستمتاع بالحياة، مثل باقي البشر من حولها وذلك لأنها اختارت أن تكون "محجبة".
من قلبي: بسم الله الرحمن الرحيم: "وإن كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" صدق الله العظيم.. فلا تكن متشدداً في أمور قد لا تكون في جوهر الدين، فإذا كانوا يمنعون ارتداء المايوه الشرعي في البلاد الأوروبية، خوفاً من انتشار الدين الإسلامي "الإسلاموفوبيا"، فلا داعي أن نُشَمتهم بأفعالنا.. انصروا الإسلام ودعكم من هذه الظلمة والتشدد والجمود الفكري، الذي يوحي بأن الدين غير متسامح، والإسلام بريء من هذا، وانصروا المحجبات ولا تغلقوا أبواب الرحمة في وجوههن.
من كل قلبي: أرجوكم خففوا القيود حتى لا يطير "الُعصفور من العُش"، فأنتم بهذا الفكر العقيم والمتشدد الجامد تضعون الشباب على طرق موصدة، وتبعدوهم عن الدين.. اتركوا لهم حرية العيش بسلام ودون قيود وتحدثوا في أمور مفيدة.. كذلك المرأة، مادامت تحافظ على حشمتها وحجابها وتحاول أن تعيش في سلام مع الله ونفسها والمجتمع، فلا تحرمونها.. وإلا حكمتم على "المحجبة" بالوفاة أو بالأحرى الإعدام.