نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني (Middle East Eye) تقرير حول أزمة هوية تواجه السياسيين بإسرائيل وجاء فيه إن "قانون التوحيد السياسي" الإسرائيلي الذي فشل البرلمان الإسرائيلي في تمريره، الاثنين الماضي، أثار جدلا عنصريا وفجّر أزمة هوية لدى جميع القوى السياسية الإسرائيلية، إلى الحد الذي وجد فيه خصوم تاريخيون مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والقائمة العربية المشتركة أنفسهم في نفس الجانب لدى التصويت عليه.
ويوضح التقرير أن "حكومة التغيير" الإسرائيلية الجديدة، فشلت في أول اختبار رئيسي لها: تجديد "قانون لمّ شمل الأسرة" الذي اُقر قبل 18 عاما، والذي يمنع المواطنة أو الإقامة للفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليات، إذ صوت لصالح التجديد في الكنيست 59 نائبا فقط لصالحه، أي أقل بصوتين من الأصوات المطلوبة لتمريره.
ويشير التقرير إلى أن فشل تمرير القانون يُعتبر نبأ طيبا وسيئا في الوقت ذاته، طيبا لأنه وباعتباره إجراء عنصريا يعطل حياة الآلاف من الأزواج قد تم تعليقه قانونيا اعتبارا من ليلة الثلاثاء، وأصبحت العائلات الآن حرة في التقدم بطلب للحصول على وضع يجعل حياتها أكثر احتمالا.
أما الجانب السيئ من الفشل فهو أن التعليق لن يحدث أي تغيير حقيقي، وما يزال مستقبل العائلات يكمن في أيدي جهاز المخابرات الداخلية الشين بيت ووزارة الداخلية، التي تترأسها الآن أييليت شاكيد من حزب يمينا "القومي المتطرف".
ويمضي التقرير ليقول إن كل النتائج الأخرى لهذه "المهزلة السياسية" سيئة لكل من المواطنين اليهود والفلسطينيين في إسرائيل، فهي لحظة فرح فقط لنتنياهو، الذي نصّب نفسه حاميا لإسرائيل ورئيسا للمعارضة الآن.
وأزمة الهوية التي يواجهها نتنياهو بسبب هذا الفشل، وفقا للتقرير، هو أنه ظل سنة بعد سنة يبشر بأن القانون مهم لأمن إسرائيل لأنه يمنع دخول "العناصر الإرهابية"، لكنه سُمع في هذا الأسبوع وهو يعلن "إن الإطاحة بهذه الحكومة أكثر أهمية من هذا القانون"، وألغى دعمه للقانون بهدف توجيه ضربة لخلفه رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت.
وعلق التقرير بأن موقف نتنياهو هذا جعل الجميع يشعرون بطعم السخرية المر في لعبة السياسة، إذ لا تهم الحياة وتصبح كل الأعراف غير واضحة.
والإسرائيليون الذين كانوا يتوقون إلى نهاية حكم نتنياهو السام، لم تجلب لهم إقالته من المنصب الشهر الماضي سوى جزء صغير جدا مما رغبوا فيه. فهو ما يزال يصر على أن يُشار إليه كرئيس للوزراء، ويقوم بمهمة نزع الشرعية عن الحكومة الجديدة وتقديمها كخطر حقيقي ووشيك على وجود إسرائيل ذاته.
ووصف التقرير المشهد السياسي الإسرائيلي الجديد بـ"الغريب"، إذ لا يستطيع فيه حتى حزب الليكود، الذي يكره القائمة العربية، الهروب من الارتباط بالأحزاب الفلسطينية.
وبينما يحتفل نتنياهو بفشل تمرير القانون في البرلمان، كان نواب القائمة المشتركة خلفه أيضا يفرحون "لقد كانت بالتأكيد واحدة من أغرب اللحظات في السياسة الإسرائيلية".
ويمضي التقرير ليقول إن هزيمة الائتلاف الحاكم هذه المرة لا تعني السقوط الفوري أو الوشيك لهذه الحكومة، إذ تعمل على تحضير قانون لإعادة التوحيد/ الفصل إلى تصويت آخر.
وعلى الجانب الآخر، تعمل المعارضة على قانون هجرة أساسي جديد شبه دستوري ليحل محل قانون إعادة التوحيد. وكلتا الخطوتين لا بد أن تزيدا من سوء حياة العائلات الإسرائيلية الفلسطينية.
في السراء والضراء، يقول التقرير، تعتبر المهزلة السياسية الأخيرة حدثا ذا أهمية كبيرة، فقد ظهرت قضايا منسية منذ زمن طويل وتضطر الأحزاب السياسية الآن إلى إعادة تقييم هويتها.
حزب العمل الإسلامي الذي يتزعمه منصور عباس تجاهل اثنان من نوابه الأربعة رغبات زعيمهم وصوتوا ضد تمديد القانون، وأصبح موقفه الآن أكثر تعقيدا.
وحزب ميرتس، الحزب الوحيد الذي يُعرَّف علنا بأنه "يساري"، وجد نفسه في مأزق أيديولوجي حقيقي فقد كان معارضا دائما لهذا القانون بوصفه قانونا عنصريا. أما هذا الأسبوع، مع بعض التعديلات المتواضعة لإرضاء ضميرهم وإبقاء هذه الحكومة على قيد الحياة، فقد صوتوا للتمديد.
هذه المعضلات ليست حكرا على اليسار فقط، فاليمين أيضا، في الحكومة أو المعارضة أُجبر على الانحراف عن مواقفه التاريخية.
إن صورة القائمة المشتركة والحزب الصهيوني الديني والليكود، وهم يصفقون بسعادة بعد أن أطاحوا بقانون صهيوني، تقول الكثير للأجيال المقبلة.